ناشيونال انترست: لماذا تتجاهل واشنطن تهديدات الحوثي لأكثر المنافذ خطورة في العالم؟

السياسية - Wednesday 04 July 2018 الساعة 09:29 am
فارس سعيد، ترجمة خاصة لـ"نيوزيمن":

رغم أنشطة الولايات المتحدة الأمريكية قرب البحر الأحمر والمحيط الهندي، إلا أن عدداً قليلاً نسبياً من الأمريكيين يعرفون أن هنالك حرباً أهلية مستعرة في اليمن، وعدداً أقل منهم يعرفون أين مضيق باب المندب، أو لماذا يؤثر مصيره عليهم.

ومضيق باب المندب، هو ممر مائي استراتيجي يقع بين جيبوتي واليمن ويربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي. وعند أضيق نقطة فيه، يصل اتساعه إلى 18 ميلاً فقط. ويتوجب على الصادرات المتجهة من "الخليج الفارسي" وآسيا إلى الأسواق الغربية اجتياز هذا المضيق قبل المرور عبر قناة السويس. ولعله أيضاً أخطر المضايق وأكثرها محلاً للتنازع الجيوسياسي في العالم.

الحرب الأهلية في اليمن والنزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي يعني أن الصراع المستمر يحيط بالمضيق.

في السنوات الأخيرة، قامت كل من الولايات المتحدة، ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي بعمليات لمكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة في المنطقة. علاوة على ذلك، فإن الأمريكيين والصينيين والألمان والفرنسيين والقطريين والإماراتيين والسعوديين واليابانيين والإيطاليين لديهم شكل من أشكال الوجود العسكري بالقرب من باب المندب.

إلا أن الدولتين الواقعتين على جانبي المضيق، اليمن وجيبوتي، بالكاد تنعمان بالاستقرار. إذ تعاني جمهورية جيبوتي الإفريقية الصغيرة من الفساد السياسي، وانعدام الكفاءة الاقتصادية، والمكائد الدولية.

وحتى في ظل مشاكلها الاقتصادية والسياسية، توددت الكثير من القوى الخارجية إلى جيبوتي بسبب موقعها الاستراتيجي على باب المندب. وتستضيف جيبوتي القاعدة الأمريكية الدائمة الوحيدة في إفريقيا، قاعدة كامب ليمونيه. وتحظى فرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان بالفعل بوجود عسكري متفاوت القوة هناك. وفي العام الماضي، دشنت الصين أول قاعدة عسكرية دائمة بالخارج في جيبوتي.

وإن كانت الأمور تبدو سيئة على الشواطئ الجنوبية لباب المندب، فإنها ليست بحال أفضل على شواطئه الشمالية، حيث اليمن المتورط في حرب أهلية مريرة نجمت عن فوضى "الربيع العربي"، الذي بدوره ولد مجموعات إرهابية وحركات تمرد متداخلة.

والاهم من ذلك، فإن تدخل إيران في اليمن ودعمها مليشيا الحوثي المتمردة قد جعل الوضع الخطير أكثر سوءًا. وسمحت الفوضى لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالازدهار والتطور ليصبح واحدا من أكثر التهديدات الإرهابية خطورة للولايات المتحدة.

التهديد الذي يعترض الملاحة عبر باب المندب من اليمن حقيقي. في عام 2016، استهدف المتمردون الحوثيون المدعومون من ايران سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية بالقرب من باب المندب بالصواريخ. كما نشرت قوات الحوثيين أيضا ألغاما لا تعد ولا تحصى على طول الساحل اليمني واستخدمت قوارب انتحارية عن بعد محملة بالمتفجرات في هجوم فاشل على ميناء المخا اليمني في يوليو عام 2017. وأخيرا، شن الحوثيون أيضا عدة هجمات بحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.

وعندما تجمع بين المشاكل السياسية والاقتصادية لجيبوتي مع التحديات الأمنية التي تواجه اليمن، يتشكل لديك مزيج جيوسياسي قاتل يهدد بشكل مباشر الملاحة الدولية والمصالح الأمريكية.

وبالنظر إلى أن ناقلات النفط تنقل حوالي 4.7 مليون برميل من النفط يومياً عبر باب المندب، فإن المخاطر تزداد اكثر. ومع استمرار الحرب الأهلية في اليمن وما تشكله مليشيا الحوثي من مشاكل في البحر، وبفضل الدور الإيراني المتزايد في المنطقة، لا تستطيع الولايات المتحدة تجاهل باب المندب.

* مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية واسعة الانتشار

* لوك كوفي، مدير مركز أليسون لدراسات السياسة الخارجية التابع لمؤسسة التراث الأمريكي.