شهادات تجمّد الدم في العروق من داخل أقبية وسجون الحوثي: الإخفاء والقتل تحت التعذيب

السياسية - Friday 07 December 2018 الساعة 05:41 pm
تهامة/ المخا/ عدن، نيوزيمن، خاص:

روايات مفزعة وشهادات صادمة تتناقلها، مؤخراً، وكالات عالمية ووسائل إعلام حول ما يحدث داخل سجون ومعتقلات الحوثيين، وعمليات التعذيب المروعة بحق المدنيين اليمنيين.

وتسجل وكالة أسوشييتد برس "صدمتها" أمام حالات، عرضها تقرير للوكالة وترجمه نيوزيمن، توثق بعضاً من أساليب التعذيب التي تمارس ضد اليمنيين في المعتقلات الحوثية.

في غفلة من العالم تقترف المليشيا الانقلابية أبشع الجرائم والانتهاكات، وما يتسرب منها لوسائل النشر يقابل بنوع من التحفظ أو التجاهل، ونجحت وسائل وأساليب التضليل في زراعة الشكوك حول مصداقية ما تتسرب من معلومات وأخبار. 

حالة واحدة عرضها نيوزيمن، وانفرد بتوثيقها ونشرها للرأي العام، كان من شأنها أن تحرك ضمير المجتمع الحقوقي والإنساني، لكن الأمم المتحدة كانت وتبقى منشغلة بالخط السياسي، مهما أكسبت العمل طابعاً إنسانياً دعائياً.

* صفية راجح.. شهادة وشاهد

سردت "صفية"، زوجة عبدالله أحمد خليل، عامل بناء، كيف اختُطف زوجها بالحديدة من منزله، وأخفي أشهراً قبل أن يزورها مسئول حوثي ويجعلها تبصم على ورقة لا تعرف محتواها، موهماً إياها بأنه أمر بإخلاء سبيل زوجها المسجون في الأمن السياسي، وحدد لها موعداً لتصطحبه إلى المنزل، وعندما قصدت الإدارة لتعود به قيل لها اطلبيه في المقبرة المجاورة.. لقد توفي بالمرض وقبرناه لأنكم فقراء لا تستطيعون تدبر تكلفة الدفن، وأنتِ وافقت على هذا ولدينا إقرار بصمت عليه.

قالت صفية راجح (41 عاماً) وتسكن حي غليل بمدينة الحديدة، وهي أم لثمانية أطفال أكبرهم فتاة في الرابعة عشرة، إن زوجها قُتل تحت التعذيب في سجن حوثي، وكانت تذهب إلى مكتب الأمن الملحق بالسجن تسأل عنه وينكرون معرفتهم به، لكن قلبها كان دائماً يدلها على مكانه. 

تقول صفية: "اكتبوا اسمي، لم يعد يهمني أي شيء.. قتلوا زوجي وقالوا لي إنهم سيفرجوا عنه"، ولم تره منذ اختطافه أبداً.

* تحقيق.. وحقائق

ملف الاختطافات والاعتقالات خارج القانون والمعتقلات والسجون والإخفاء القسري، لا يزال مهملاً ومهمشاً في النقاش وأولويات التدخلات الإنسانية والدولية التي تتجاهل تماماً وقائع ويوميات دامية لمجزرة الحقوق والحريات التي تراكمها المليشيا. جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تحدث ولا تجد طريقها إلى المنصات القانونية والحقوقية والإنسانية.

نشرت وكالة أسوشييتد برس، الجمعة 7 ديسمبر 2018، تحقيقاً بشأن عمليات تعذيب مروعة ضد المدنيين اليمنيين في السجون الحوثية، نقلت فيه روايات صادمة حول أساليب تعذيب أودت بحياة الكثير من السجناء اليمنيين.

وقالت الوكالة إنها أجرت مقابلات مع 23 شخصاً ممن قبعوا في السجون الحوثية وتعرضوا للتعذيب على يد عناصر الميليشيا، كما أجرت الوكالة مقابلات مع 8 من أقارب المعتقلين، و5 محامين ونشطاء حقوقيين، وكذلك مع 3 ضباط أمن، ممن انخرطوا في عملية تبادل السجناء وقالوا إنهم شاهدوا آثار التعذيب على النزلاء.

تحدث تقرير الوكالة الأمريكية، عن المسعف اليمني فاروق بعكر، الذي عمل في مستشفى الرشيد، قبل أن تختطفه ميليشيا الحوثي وتسجنه وتعذبه لمدة 18 شهراً بسبب تقديمه المعونة الطبية لجريح داخل مبنى المستشفى.

وقال بعقر: علقوني في زاوية غرفة معتمة، لا أرى فيها سوى أشكال قطط ميتة، وأصابع ممزقة… رأيت سجناء معلقين من أعضائهم التناسلية، وآخرين سكب عليهم الحوثيون مواد حارقة أدت إلى ذوبان جلودهم.

وحصلت الوكالة على فيديو مسرب لحوثيين وهم يعذبون السجناء من داخل سجون التعذيب السرية. وقالت إن الفيديو أرسل إلى زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، لكنه لم يرد على الفيديو إطلاقاً.

* مغيبات السجون الأربعة في تهامة

قصص موثقة وشهادت حية مصورة انتشرت على نطاق واسع بحالات ووقائع تعذيب بشعة تقشعر من وصفها الجلود، وإفادات بإعدامات وقتل مختطفين وسجناء قدمها آخرون أطلقوا في عمليات تبادل. جميعها لم تلتفت إليها المنظمات الدولية والأمم المتحدة مقارنة بصورة طفل يعاني سوء تغذية.

من يومين لا غير، نقل الحوثي مسجونيه من أبناء تهامة من السجون التي أنشأها على أرضهم إلى “حجة”، واقعة كانت وراء اكتشاف أربعة سجون خاصة بالمليشيا الحوثية في تهامة وأظهرت تفاصيل مروعة بوقائع وأساليب تعذيب وقتل بدم بارد.

عملية النقل قادت أهل تهامة إلى اكتشاف السجون السرية التي كان يستخدمها الحوثي لخطف ذويهم، وتسريب بعض من جرائمه فيها. وفي شهادات موثقة تظهر للمرة الأولى معلومات بشأن عمليات إعدام تعذيبي حدثت أمام معتقلين نقلوا لاحقاً بقصد إرهابهم وأن مصيرهم سيكون مماثلاً لمن أعدموا أمام أعينهم.

عشرات من تلك الإعدامات تم تنفيذها في معتقلات بيت الفقيه والأمن السياسي وسجن جمعية الزهراء في الزيدية، إضافة إلى من توفوا أثناء عمليات التحقيق.
تومئ الإفادات بهمس إلى مقابر جماعية في الجوار لابد وأن تكتشف يوماً.

وكشفت شهادات طرق الإعدامات، أقساها كان يتم عبر كلابات حديدية تثبت في كتفي من أصدرت المليشيا بحقه حكم إعدام حتى ينقطع جسده. ويتم ذلك أمام عدد من المعتقلين الذين يقومون بإدلاء اعترافات ترغمهم المليشيا بالإدلاء بها يتم تصويرها ونشرها لاحقاً عبر وسائل إعلامهم.

كانت المصادر قد كشفت لـ”نيوزيمن”، أن مليشيا الحوثي تقوم بنقل مئات المختطفين من محافظة الحديدة لسجون خاصة أنشأتها في محافظة حجة. وأن النقل يتم من أربعة سجون رئيسة في المحافظة:
أحدها كان مبنى مخصصاً كسكن لأكاديميي كلية التربية في مدينة زبيد حولته المليشيا إلى معتقل خاص. 
وسجن تابع لجامع التقوى في مدينة بيت الفقيه، وهو مركز الاعتقال الأكبر في المديريات الجنوبية للمحافظة. 
وسجن الأمن السياسي بمركز مدينة الحديدة الذي يدير عمليات قتل وتصفية المحتجزين فيه علاء الدين العميسي، مسئول الأمن الوقائي في المليشيا. 
وسجن في جمعية الزهراء بمديرية الزيدية، وهو المعتقل الأكبر في المديريات الشمالية من الضحي حتى الزهرة.

كما نُقل عشرات المحتجزين من سجون في منطقتي الكدن والقطيع ومديرية المراوعة إلى المعهد التقني في مدينة باجل الذي حولته المليشيا إلى أكبر مركز اعتقال في المديريات الشرقية لمحافظة الحديدة.

* شبكة سجون سرية وأساليب تعذيب

بالعودة إلى أسوشييتدبرس، نقلت الوكالة روايات عن شهود آخرين قالوا إن "الحوثيين وضعوهم في زنازين تحت الأرض، معصوبي الأعين، لأكثر من 22 يوماً، وضربوهم بقضبان حديدية". 

وأفاد شهود آخرون بأن عمليات التعذيب شملت تعليق السجناء في أعلى غرف التحقيق بواسطة أصفاد حديدية لأيام عدة، بالإضافة إلى ضرب رؤوسهم بالجدران.

وأضاف آخرون: "كانوا يقدمون لنا طعاما من الخبز اليابس، والخضراوات القذرة المليئة بالحشرات والصراصير".

علاوة على ذلك، أكد تحقيق الوكالة أن الكثير ممن تعرضوا للتعذيب أصبحوا مشلولي الحركة، ويتبولون ويتغوطون على أنفسهم، تماماً مثل حديثي الولادة.

ومن بين طرق التعذيب الأخرى جلد السجناء عراة، وتقليع أظافرهم، وتمزيق شعرهم، والوقوف فوق أجساد السجناء، وتذويب زجاجات بلاستيكية على رؤوس المعذبين وأرجلهم.

وأشارت الوكالة إلى أن أكثر من 18,000 مواطن يمني تعرضوا للسجن من قبل الحوثيين خلال السنوات الأربع الماضية، وأن أكثر من 1000 حالة تعرضوا للتعذيب في شبكة سجون سرية حوثية، ضمت مساجد وقلاعاً قديمة وكليات ونواديَ.