نوافير حمود عُباد ومواخير الحوثي الطائفية
السياسية - Friday 22 February 2019 الساعة 01:36 pm
قد يدهش الزائر لصنعاء بعد فترة غياب وهو يرى مدينة غير التي يعرفها، صنعاء غير صنعاء الأنيقة التي كانت تضجُّ بالحياة، وأصبحت معرضاً كبيراً لصور الضحايا والقتلى، تصافحه فيها الشعارات الطائفية والمذهبية والكربلائية على صدر كل مَعلمٍ وجدارٍ ومتنزهٍ ومدرسةٍ ومتحفٍ ومسجدٍ بل وحتى جدران الحمامات العام.. حتى يُخيلُ إليه أنه في مدينة مستنسخة لصنعاء التي أحبها، مدينةٍ يسكنها الموتى مشوهةٍ تعيش خارج دائرة القرن العشرين.
هذا الانطباع الذي بات يشعر به سكان المدينة الذين لم يغادروها ومثلهم وأكثر من تغيّب عنها لفترة من الزمن، وهو ما تسعى الجماعة الحوثية من خلال بابور الانقلاب "حمود عباد" وأمين العاصمة لترميم وتحسين صورتها بعد ما اقترفته من تجريف، وما أحدثته من تشويه لشكل المدينة، وذلك عبر إنارة بعض شوارع العاصمة ورصف وسفلتة وإنشاء النوافير في بعضها الآخر دون الإفصاح عن مصادر تمويل هذه المشاريع الخدمية التي لم تدفع فيها العصابة فلساً واحداً، بل اشترطت على المنظمات الداعمة الممولة عدم إبراز شعاراتها لتدعي لنفسها فضلاً لم تسهم إلا بالسطو على جزء منه عبر مقاولي السلالة الذين مكنتهم من تنفيذ هذه المشاريع.
وبين نوافير "حمود" ومواخير الجماعة الطائفية يضيع وطن وتُشوَّه ملامحه ومعالمه وتراثه وإرثه الحضاري وتُدَّجن عقول أجياله.
كل ذلك يحدث بشكل يومي ف"حمود عباد" المولع بالنوافير والإنارة الخضراء الفاقع لونها، يتباهى في كل مجلس ومناسبة بمنجزاته المائية في عاصمة تضج بالمخلفات والفوضى المرورية، وتطفح بالأمراض والمجاري والشعارات، ولم يتخذ موقفاً حيال العبث الذي تتعرض له عاصمة الروح والحضارة صنعاء القديمة من تخريب وتدمير واستحداث وهدم وبناء خرساني مخالف للنمط المعماري الذي بنيت عليه المدينة، وخصوصاً إن كان مرتكبو ذلك من الأسر الهاشمية القابعة داخل أسوار صنعاء القديمة فباتت مهددة بإسقاطها من قائمة المدن التاريخية من قبل اليونسكو دون مبالاة من عصابة حاقدة على تاريخ البلاد، دينها القبح، وأعظم منجزاتها المقابر.
وبرغم المناشدات والاستغاثات لم يحرك ساكناً إزاء شغف مواخير العصابة الطائفية باستغلال كل جدار أو واجهة يمكن تشويهها بشعارات الموت، وإن كان ذلك البوابة الرئيسية لمدينة صنعاء أو سورها أو على جدران المباني التاريخية ك: الجامع الكبير، وسمسرة النحاس، وسمسرة وردة... وغيرها، وكل مكان يمكن أن تطاله أيديهم، إضافة إلى البناء الحديث داخل المدينة على حساب هدم البيوت القديمة.
هذا العبث والتشويه لملامح العاصمة ومعالمها التاريخية والوطنية، إضافة لانتشار مواخير التدجين الطائفي
وإلزام موظفي الدولة بارتيادها، لم يلفت نظر حمود بل ارتضى لنفسه أن يلعب فيه دور الكلينكس لتنظيف مخلفات وأوساخ جماعته الطائفية من خلال الإنارة لبعض الشوارع واستحداث بعض النوافير ولو كانت على حساب المنظر الجمالي الأصلي والتاريخي للمدينة كالنافورة التي يسعى لإنشائها مؤخراً أمام البوابة الرئيسية لصنعاء القديمة المثخنة بشعارات الموت لعواصم المنظمات التي تمول نوافيره.
هذه النوافير التي تعمّد عباد إنشاءها لإلهاء الناس بها بعد إطلاق يد المتطرفين والمشرفين في الحدائق والكافيهات والجامعات لملاحقة الناس بدعوى عدم الاختلاط ولصرف أنظار الناس أيضاً عن زيارة المعالم التاريخية كي لا يشاهدوا ما طالها من تحريف ومسخ لجماليتها وكيف أصبحت مبقعة بالطلاء والشعارات الحسينية وصرخات الموت.
ومع ذلك فلا يمكن أن تخدع التحسينات الشكلية سكان العاصمة وعشاقها الذين تتفطر قلوبهم كمداً وحقداً على من شوه مدينتهم ومعشوقتهم صنعاء سيدة المدن وأقدمها،
أو تصرف أنظارهم عن اليد التي عبثت بها، هذه اليد نفسها التي تفرض الإتاوات بدعوى المجهود الحربي على أصحاب المحلات والأسواق وتتبلطج بحماية أقسام الشرطة والبلدية على أصحاب البسطات من البسطاء وتبتزهم بمبرر وبدون مبرر وبإشراف مباشر من حمود عباد وسدنة المواخير الطائفية الذين يحكمون قبضتهم على أعناق الناس ويسرقون أموالهم ليشتروا الفلل والسيارات الفخمة بينما يموت الشعب جوعاً وقهراً..
نعم هذه هي المنجزات الحقيقية التي يلمسها الناس ويعيشونها ويعانون منها ويعرفونها لحمود عباد ومواخير ومشرفي السلالة والتي لا يمكن أن تغسلها نوافير وأنهار الدنيا مجتمعة.