بقاء الحوثيين في الحديدة.. الاحتمال المستحيل

السياسية - Tuesday 26 February 2019 الساعة 04:30 pm
نيوزيمن، بديع سلطان:

ما زالت محافظة الحديدة (غربي اليمن) تتسيَّد مشهد الأحداث والاهتمامات في البلاد، رغم خفوت لهيب جبهاتها، بهدف إتاحة المجال لتنفيذ اتفاقات استكهولم، التي بقيت حبراً على ورق.

قد تكون مكانة المدينة الحيوية، وأهميتها في الخارطة العسكرية والسياسية، بل وحتى الإنسانية، جعلت منها محوراً أساسياً ارتكزت عليها معظم الأحداث الأخيرة في اليمن.

الحديدة -التي كادت أن تتحرّر بالكامل على أيدي قوات (المقاومة المشتركة) مدعومة بالتحالف العربي، بعد أن ضُيِّق الخناق على المليشيات الحوثية فيها -تمتلك حساسيةً قصوى، ليس لدى اليمنيين فقط، بل بالنسبة للعالم أجمع.

ويبدو أن ذلك العالم المتمثل بمنظماته الأممية وكياناته الدولية غضتْ الطرف عن عرقلة الحوثيين لآليات تطبيق تفاهمات السويد، وما تنفذه الجماعة الانقلابية من مسرحيات هزلية، بالتوازي مع استعداداتها العسكرية داخل الحديدة.

دعوةٌ للمجتمع الدولي

"المجتمع الدولي المتماهي مع المليشيات الحوثية، تحرّك سريعاً لإنقاذ ما تبقى للانقلابيين في هذه المدينة التي تمثل المتنفس الوحيد المتبقي للجماعة المتمردة"، وفق الصحفي بسام الشعيبي.

الشعيبي قال (ليمن الغد): إن أطرافاً دولية تسعى لإبقاء حالة (المراوحة) في الشأن اليمني، خاصةً فيما يتعلق بوضع الحديدة، مؤكداً أنه ليس في مصلحة تلك الأطراف تحرير المدينة، وسيطرة الشرعية والتحالف عليها.

ويضيف الصحفي المختص عسكرياً: هناك ضغوط دولية تُمارس على الشرعية، وحتى على التحالف، للتراجع عن قرار تحرير الحديدة، أو على الأقل إطالة أمده، وهو ما يصب في صالح الانقلابيين الذين ما كان لهم أن يتمادوا في رفضهم لتنفيذ الاتفاقات الدولية لولا تواطؤ أطراف دولية معهم.

وأشار الشعيبي إلى أن المليشيات الحوثية حولت ما تبقى تحت سيطرتها من الأحياء القليلة في مدينة الحديدة إلى ثكنة عسكرية، ومتارس وخنادق، الهدف منها إطالة أمد الحرب، والاستفادة قدر المستطاع من أكبر وقت ممكن في ظل عدم إحراز أي نتائج على مستوى الملفين السلمي والإنساني، مؤكداً أن تواجد الحوثيين في المنطقة لن يجعل من اليمن، ولا سواحلها الغربية مكاناً آمناً، خاصةً وأن المليشيات تهدد صراحةً بمنع الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، وهذا يستوجب تغيير الاستراتيجية الدولية تجاه هؤلاء المتمردين، ودعم الشرعية والتحالف لتحرير المدينة وتخليها عن المليشيات.

فرض السلام العالمي

التماهي الدولي مع الحوثيين أكده محافظ الحديدة الحسن طاهر، حين وصف تعاطي الأمم المتحدة ومبعوثها في كل ما حدث من تجاوزات وخروقات لاتفاقية السويد (بالسلبي)، مشيراً، في تصريحاتٍ لوسائل إعلامٍ دولية، إلى أن المسرحية الهزلية التي كانت على مرأى للعيان في تسليم ميناء الحديدة من الحوثيين لأنفسهم لم يتبعها أي موقف حاسم من قبل الأمم المتحدة.

وأكد طاهر، لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أن الحوثيين يرفضون أية خطوةٍ للمضي قدماً في تنفيذ اتفاقية السويد، ورأى أن طلباتهم في فتح الملف الاقتصادي ومطار صنعاء هو تهرب من تنفيذ اتفاقية السويد، كون هذه المطالب لم تكن مدرجة ضمن الاتفاقية ووقت الحديث عنها لن يأتي، ولم يتم إدراجه ضمن المفاوضات الحالية في اتفاقية استكهولم.

وشدد طاهر على أن الحسم العسكري بات أكثر ترجيحاً في ظل مهاترات المليشيا الحوثية؛ لإنهاء معاناة أبناء محافظة الحديدة وتحرير موانئها وإنقاذ الوضع الإنساني والمأساوي فيها.

كما أكد، لصحيفة البيان الإماراتية، إصرار الشرعية والتحالف العربي على منع سيطرة إيران وأدواتها المتمثلة بالحوثيين في السيطرة على الحديدة، وتهديد حركة السفن في المياه الغربية لليمن، منوهاً بضرورة التخلص من تلك الأدوات، باعتبار أن ذلك هو الحل الوحيد لفرض السلام العالمي في المنطقة، والذي تهدده المليشيات الإيرانية الحوثية.

تخليص اليمن

وجهة النظر السابقة، لم يؤكدها المراقبون والسياسيون، فحسب، بل أكدها من هم في الميدان العسكري أيضاً، مما يدل على أن بقاء الوضع في الحديدة على ما هو عليه، من الخطورة بمكان، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي رفع الضغط عن كاهل قوات الشرعية والتحالف، والمضي قدماً نحو تخليص اليمن من الانقلابيين.

فكر الكراهية

وهذا ما ذهب إليه رئيس أركان المنطقة العسكرية الخامسة، العميد عمر جوهر، الذي قال (ليمن الغد): إن التفكير الظلامي والطائفي الممزوج بالكراهية هو ما يسيطر على جماعة الحوثي، وبالتالي من يتوقع منها الإذعان للسلام مثل الذي يتوقع من العنزة أن تطير! وفق وصفه.

ويضيف: فهذه الجماعة تؤمن بالعنف والإبادة والتفجير والتدمير وقتل النفس المحرمة، وترتكب كل محرمات الشرائع السماوية والأرضية، فالشعب اليمني يعرف تماماً أن الحوثيين شعارهم الموت، فاستجابتهم لصوت العقل والسلام مستحيل والوقائع تدل على ما نقول، وتاريخهم شاهد على ذلك.

جماعة إرهابية

ويواصل العميد جوهر تصريحه، مؤكداً أن البحر الأحمر مرتبط بثلاث قارات، ويتحكم في باب المندب وقناة السويس؛ فحركة السفن التجارية التي تمر عبره تمثل أعلى نسبة في العالم، وبالتالي تهديد ملاحة البحر أمنياً هو تهديد لمصالح الاقتصاد العالمي برمته، وتهديدات مليشيا الحوثي العلنية للملاحة البحرية، يؤكد أنها جماعة إرهابية بامتياز، لا تحترم المواثيق الدولية وقوانين الأمم المتحدة؛ وهذا التهديد الإرهابي الحوثي للملاحة في البحر الأحمر هو ما جعل مجلس الأمن الدولي يعطي خصوصية لموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وأصدر قرارات أممية خاصة بالحديدة.

المطالبة بضغطٍ دولي

وطالب رئيس أركان المنطقة العسكرية الخامسة المجتمعَ الدولي بالضغط على الحوثيين لاحترام اتفاقية السويد، مشيراً إلى أن أهالي الحديدة ينتظرون بفارغ الصبر أن يبدي المجتمع الدولي مصداقية في التعامل مع الحالة الإنسانية التي تسبب فيها الاحتلال الحوثي لمحافظة الحديدة، وتحكمه في مواردها وتوظيفها في محاربة الشعب اليمني وسرقة أقواته.

لا سلم ولا حرب

وفيما يتعلق بالضغوط الدولية على الجيش الوطني يؤكد العميد عمر، أن المراقب للحالة الاستثنائية التي فُرضت على الجيش الوطني يجده هو وحده فقط من يحترم وقف إطلاق النار طبقاً لقرار مجلس الأمن المتعلق باتفاقية السويد، في حين أن جماعة الحوثي تستفيد من توقف القتال في تعزيز مواقعها، والقيام بالحفريات والخنادق الهندسية، وتلغيم الأرض وتشويه جمال الحديدة.

ويستطرد: وذلك أعطى انطباعاً غير سليم للناس أن الحرب توقفت، لكن الحقيقة أن الحوثيين في كل لحظة يخترقون ويعتدون على قوات الشرعية والمناطق المدنية المحررة، فحالة اللاسلم واللاحرب المستفيد الأول والأخير منها هي جماعة الحوثية الإيرانية الإرهابية.

الحسم العسكري هو الحل

ويختتم رئيس أركان المنطقة العسكرية الخامسة تصريحه (ليمن الغد) برؤيته كمواطن من أبناء الحديدة، قبل أن يكون عسكرياً، حيث يرى أن إعطاء الحوثي فرصة للبقاء، والاعتراف به كسلطة أمر واقع هو ظلم كبير جداً على هذه المحافظة المحبة للسلام، فالحوثي يختلف ثقافةً ومذهباً وتاريخاً وعقيدةً عن أهل تهامة.. ولن يتحقق الأمن إذا ظل الحوثي يمتلك القوة، بل على العكس تماماً، هو يستخدم القوة لتهديد الأمن القومي لدول الخليج والوطن العربي برمته.

وفي المقابل يشير العميد عمر إلى رؤيته العسكرية، بصفته قائداً عسكرياً، مؤكداً أن الحسم العسكري هو الحل الوحيد مع هذه الجماعة المتمردة المتطرفة؛ إذا أردنا السلام والأمن لليمن والخليج والعرب والعالم أجمع.