معركة الحشد الإخواني في تعز من زاوية التحالف الإيراني التركي
السياسية - Monday 25 March 2019 الساعة 03:22 pm
ما تشهده مدينة تعز من حرب تشنها مليشيا الإخوان، منذ أيام، تحت قناع الحملات الأمنية لملاحقة المطلوبين، لا يمكن فصلها عن عملية الارتباط بالمشاريع الخارجية التي تتصارع حالياً في اليمن، والتي تدرك أهمية تعز لناحية ثقلها السكاني، ولناحية تاريخها باعتبارها أحد أهم مدن اليمن، حيث صارت في أوقات كثيرة عاصمة لها.
الحرب التي تشنها مليشيا الحشد الشعبي -وهو المسمى الجديد لمليشيا الإخوان- تتخذ في ظاهرها التدثر بقناع الدولة، وبمبرر ملاحقة المطلوبين، في الوقت الذي ينفذ هذه الحملة محسوبون على حزب الإصلاح من المطلوبين للأجهزة الأمنية في أوقات سابقة، والذين تمكن بعضهم من الفرار من السجن المركزي في المدينة إبان اقتحامه من قبل مليشيات حزب الإصلاح التي كان يقودها القيادي في الإصلاح حمود المخلافي.
ومثل تلك التبريرات التي يسعى الإخوان لإقناع الرأي العام بها عن حربهم ضد تعز المدينة والخصوم، لم تعد مجدية بالنظر إلى أن ما يجري في تعز بات واضحاً ارتباطه بمشروع الارتباط بالقوى الخارجية، حيث يسارع الإخوان الخطى ليكونوا في صف حلف جديد بدأ يتبلور حالياً بين ثلاث قوى إقليمية هي: إيران وتركيا وقطر، والتي يوحدها الوقوف في وجه مشروع عربي تقوده السعودية والإمارات ومصر.
ويرى مراقبون، أن معارك الإخوان في تعز ليست سوى أحد مشاهد هذا التموضع الجديد الذي تبلور في اتفاقات غير معلنة بين تركيا وإيران وقطر ومن خلفهم مليشيات الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) والإخوان (حزب الإصلاح) اللذين باتا يمثلان أدوات لتنفيذ توجهات إقليمية لهذا المشروع الذي يستهدف مد نفوذه إلى المناطق الاستراتيجية وبالأخص منطقة باب المندب وسواحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
وقد بدأ واضحاً أن تلاقي المصالح بين إيران وتركيا لجهة الصراع على إيجاد مناطق نفوذ لهما في منطقة الساحل الغربي قد فشل بالنظر إلى أن انتهاء سيطرة مليشيات الحوثي على باب المندب وجزء كبير من الساحل الغربي انتهت، وفي الوقت نفسه تم تحريرها بعيدا عن هيمنة ونفوذ الإخوان، حيث تم إدارة معركة الساحل الغربي بقوات مقاومة ضمت المقاومة الجنوبية ثم المقاومة المشتركة، وهي قوى لا هيمنة أو نفوذ للإخوان فيها، وهو الأمر الذي ترى فيه إيران وتركيا انحساراً لنفوذهما وضياعاً لإحدى أهم أوراق اللعبة التي يديرانها في المنطقة.
ويرى مراقبون أنه وعلى الرغم من أن معارك السيطرة على مدينة تعز ليست بذات الأهمية بالنسبة لما يجري في باب المندب والساحل الغربي حالياً، إلا أن البعد الاستراتيجي الذي تحمله أوهام السيطرة الإخوانية على تعز يندرج في إطار السعي للاستحواذ على إقليم الجند ضمن المشروع الذي تحمله رؤية مخرجات الحوار الوطني، حيث تخطط قيادة الإخوان لأن يكون إقليم الجند تحت قبضتها وهو ما سيمكنها مستقبلاً من السيطرة بشكل أو بآخر على الجغرافيا المطلة على باب المندب وعلى ميناء المخا وجزء من الساحل الغربي في البحر الأحمر الذي يمثل أحد أهم مناطق الصراع التي تسعى تركيا وإيران ومعهما قطر ومن خلفهم الإخوان والحوثيون لاستخدامها في مواجهة المشروع الذي تقوده السعودية والإمارات ومصر في هذه المنطقة تحديداً، والذي يرتكز على حماية الأمن القومي العربي في واحدة من أهم مناطق التجارة العالمية، وهي مضيق باب المندب والبحر الأحمر، والتي تمثل حمايته ضماناً لأمن دول الخليج ومصر في المقام الأول.
ويبدو أن انهيار أحلام إيران في استمرار أذرعها (المليشيات الحوثية) في السيطرة على باب المندب وميناء المخا، والذي تسعى لتعويضه بالحفاظ على وجود هذه المليشيا في الحديدة وبقية الساحل الغربي الممتد حتى ميناء ميدي؛ دفعها إلى إيجاد تحالف جديد مع تركيا وقطر اللتين تسعيان لإيجاد موطئ قدم لهما مستقبلاً في هذه المنطقة، من خلال دعم الإخوان وسيطرتهم المسلحة على تعز عاصمة المحافظة الممتدة جغرافياً إلى باب المندب وميناء المخا والبحر الأحمر بشكل عام، وهو الأمر الذي يجعل من الأهمية قراءة المعركة التي تخوضها مليشيا الحشد الشعبي الإخواني في تعز في إطار خدمة أهداف التحالف التركي الإيراني القطري ضد مشروع التحالف العربي.