سُبات جبهات الشرعية ينقل المليشيات من التموضع الدفاعي إلى الهجوم

السياسية - Tuesday 02 April 2019 الساعة 07:15 pm
المخا، نيوزيمن، عماد طربوش:

فشلت مليشيات الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) في تحقيق أي تقدم ميداني على الأرض في كل الجبهات منذ نحو عامين، وتحولت إلى استخدام تكتيك دفاعي يرتكز على المحافظة على المواقع التي تسيطر عليها، وتكثيف زراعة الألغام، واستخدام القناصة، لمنع تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة.

وحقق هذا التكتيك نجاحاً في عدد من الجبهات، باستثناء صعدة والساحل الغربي، التي تجرع فيها الحوثيون هزائم مؤلمة، وخسروا قيادات وعناصر قتالية بشرية وعتاداً عسكرياً كبيراً جعل المليشيات تعاني من فقر في القوة البشرية، تجلّى في محاولاتها الحثيثة إقناع القبائل برفد الجبهات بالمقاتلين.

في جبهات تعز والضالع ومأرب شهدت الجبهات خمولاً منح المليشيات فترة استراحة بعد إنهاك شديد عانته في تعز ومأرب صرواح ونهم في حرب استنزاف أكلت كثيراً من قوة المليشيات الأساسية.

وخلال الفترة الماضية، إلى ما قبل توقف العمليات العسكرية لتحرير الحديدة، لم تكن المليشيات تنفذ أي هجوم كبير باستثناء تسللات ومناوشات خفيفة وقصف مدفعي لتأكيد حضورها على مسرح العمليات فقط، غير أن المعادلة على الأرض تغيرت منذ بداية العام الحالي، حيث وجدت المليشيات مساحة واسعة للتحرك والتعزيز والحشد وإعادة ترتيب صفوفها لتتحول إلى موقع الهجوم ومغادرة الحالة الدفاعية السابقة.

ولم تكتف المليشيات بالهجوم فقط، بل استطاعت السيطرة على مناطق كانت تحت سيطرة الجيش الوطني والمقاومة في تعز والضالع وصرواح مأرب، وهي ذات الجبهات التي طال سباتها حين كانت جبهة الساحل الغربي مشتعلة وتشكل ضغطاً كبيراً على الأداء العسكري للمليشيات دفعها إلى الحديث مجدداً عن خيارات السلام واستعدادها للتعاطي بإيجابية معها رغم معرفة الجميع بعدم صدقيتها في مسارات التفاوض والسلام الحقيقي.

وخلال الربع الأول من العام الجاري انتعشت معنويات المقاتل الحوثي الذي حقق نصراً مهماً في حجور حجة، بفضل خذلان الشرعية لأبطال المقاومة القبلية هناك، إضافة إلى نجاح القوات الحوثية في التمادي على جبهات صرواح، وتسجيل اختراق ميداني حتى وإن تم تجاوزه من قبل الجيش الوطني، إلا أن ما يحدث هو ظهور تغيير جديد في المعادلة على الأرض.

في الضالع هاجمت المليشيات الحشا ودمت ومريس ومناطق في جغرافيا إب على حدود الضالع، وحققت تقدماً ميدانياً موجعاً هناك.. وفي تعز تمادت في استهداف صبر، وزحفت نحو الأقروض، وسيطرت على مواقع مهمة تشكل مفتاح السيطرة على مواقع استراتيجية في جبل صبر والمسراخ.

ورغم استعادة وحدات اللواء 35 مواقع الأقروض وتأمينها إلا أن القوة الهجومية للمليشيات في تعز والضالع تحولت إلى مستوى أكثر تناسقاً وقوه عن الفترات السابقة، وهذا الأمر هو نتاج متغيرات كثيرة طرأت على الطرف الآخر المتمثل بالجيش الوطني وقياداته والحسابات السياسية المتداخلة والصراعات على المصالح والولاءات.

حين هاجمت المليشيات الأقروض صمتت كل جبهات تعز، الأمر الذي مكّن الحوثيين من نقل التعزيزات وإعادة الهجوم سبع مرات دون أي ضغط من الجبهات الأخرى، حيث كانت سابقاً الجبهات المشتعلة تفرمل عملية نقل التعزيزات من جبهة إلى أخرى، وتكتفي المليشيات بالدفاع عن مناطق تموضعها.

وبعد أن تم دحر المليشيات بتعزيزات مضاعفة استقدمت من قيادة اللواء سيعاود الحوثيون الهجوم، ولكن هذه المرة في الكدحة أو الجبهة الغربية.. وقد شهدت الأيام الماضية أعنف ثلاث هجمات على جنوب وشرق وغرب تعز، وكانت كتائب أبي العباس تواجه منفردة جنوباً، واللواء 35 شرقاً، واللواء الخامس حرس غرباً، وهذا الاستفراد الحوثي بالوحدات المرابطة منهِك وذو أثر تدميري على مستوى الجاهزية القتالية للوحدات.

وحين صعّدت المليشيات في الضالع فشلت الألوية المرابطة هناك في تقدير الموقف، ورفضت حتى مشاركة أفراد ومجاميع في التصدي للمليشيات التي حولت انكساراتها إلى نجاحات ميدانية وأسقطت أهم موقع استراتيجي في المنطقة هو جبل ناصة الذي يعد بمثابة جبل صبر في تعز.

وفي صرواح استفادت المليشيات من توقف جبهات نهم والجوف وعززت حضورها العسكري بالسيطرة على مواقع في الجبهة، ولولا تدخل القبائل والتحالف لأصبحت مدينة مأرب تحت رحمة السيطرة النارية للمليشيات وتحديداً حال وصلت إلى جبل هيلان، وهو أيضاً ذو أهمية مماثلة لجبلي ناصة وصبر.

التحركات الحوثية الأخيرة، ومن منظور عسكري وبعيداً عن أي حسابات سياسية، وفرت لها مساحة مريحة للنجاح تدق ناقوس الخطر، وتضع الشرعية بأذرعها العسكرية والحزبية أمام مسؤولية تدارك الوضع وعدم منح المليشيات هدايا مجانية لمضاعفة حضورها معنوياً وقتالياً على مسرح العمليات وإلا ستكون كلفة استعادة الوضع القائم حالياً باهظة حال استمر سبات الجبهات وتداخل ملفات الصراع السياسي بأدوات الشرعية العسكرية.