النازحون في المخا: معاناة لا تنتهي.. وعودتهم إلى منازلهم أمل بعيد المنال

المخا تهامة - Saturday 31 August 2019 الساعة 08:07 pm
المخا، نيوزيمن، زينات ناجي:

وسط باحة نصبت بداخلها عشرات الخيام في المخا، تلفت الأنظار معاناة النازحين الذين قدموا من موزع والوازعية وجبل النار وهم يكتوون تحت أشعة الشمس الساطعة.

ليس هناك من بارقة أمل لإنقاذهم من المعضلة التي باتوا عليها سوى المنظمات العاملة وكذا السكان، ممن يرغبون دوماً في مساعدة الآخرين لا سيما إن كانوا نازحين فروا من بطش مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، و يعانون من ظروف معيشية صعبة.

يقول أحد النازحين، ويدعى عبدالله فارع، إنه أجبر على الفرار من منطقة الوازعية قبل عام ونصف، بسبب الاشتباكات المسلحة التي اختلقتها مليشيات الحوثي.

يقول لنيوزيمن، بحزن: "نصبت مليشيات الحوثي أسلحة ثقيلة، وتحصنت بين المنازل مما جعل تلك القرى عرضة للقصف، وهو أمر دفعه للفرار مع أسرته المكونة من خمسة أطفال وزوجته تاركاً خلفه كل ما يملك".

لم تتح أجواء القتال وما خلفته من رعب لفارع بالتفكير للوجهة التي يريد الوصول إليها، لكن السيارة التي أقلته أوصلته إلى المخا، وهناك دله آخرون على مخيم للنازحين جوار مدرسة الشهيد دخين.

يبدو أن المكان كان مناسباً لفارع وعائلته بعدما حصلوا على خيمة تؤوي أفراد أسرته المنهكة من مشقة السفر، حيث اضطر السائق إلى سلوك دروب بعيدة عن أعين عناصر المليشيات خشية استهدافه.

بعد نحو عام ونصف قضاها في حياة التشرد والنزوح، لم يجد فارع من يقدم له يد العون لمساعدته على الخروج من المحنة التي يعيشها.

ففارع يتقاسم مأساته مع نحو 25 أسرة تعرضت لأضرار بالمخيم بسبب سيول الأمطار التي هطلت في أغسطس، ويتمنى من السكان المحليين في المخا الذين يدركون ما آلت إليه حياة النازحين من بؤس تقديم يد العون لهم.

معاناة مستمرة

كان للنازحين نصيب أكبر من غدر الأيام في مفارقة منازلهم حتى وإن كانت عتيقة فهم ينظرون لها كقصر دافئ يحتوي أسرهم، فذهبت أحلامهم مع الرياح، وعصفت بهم حروب المليشيات العبثية، مفتقدين أبسط متطلبات الحياة اليومية، وهو حال يجعل الناس تتأرجح بين حال وحال في لمح البصر، وتتحول حياته إلى هاوية سحيقة لا رجعة منها.

وتختزل معاناة النازحين اليوم بأنهم باتوا يفترشون التراب، ويلتحفون العراء، وتلسع أجسادهم المتعبة حرارة الشمس.. لقد فروا من الحرب إلى حرب أخرى تتمثل بنزوحهم وغربتهم في أوطانهم، فهم لايمتلكون منزلاً وبيتاً عامراً يدفع عنهم حرارة الشمس الملتهبة بعد أن كانوا مثلنا يمتلكون كل شيء، ثم باتوا في لحظة غادرة من الزمن معدمين لا يملكون شيئاً.

وينظر النازحون إلى حياتهم بأنها باتت بلا مستقبل بعد أن فقدوا كل شيء، فيما البعض الآخر يرى أن حلم العودة إلى منزله يبدو بعيداً إذا ما كانت السبل المؤية إليه مزروعة بالألغام.

ومن وسط البؤس وموجات الحر، يعبر النازحون عن الحاجة للعيش كي يصمدوا ويعيشوا عمراً آخر من دون عناء ومنتصراً بعطاء الخير وأيدي الكرم، فلننتصر لمن يفترش الرصيف ويلتحف السماء ويلتف بأذرعة كي يحيا، فالوقوف بجانب النازحين ومساعدتهم وملامسة معاناتهم واجب إنساني وأخلاقي، وينبغي علينا جميعاً تقديم العون المادي لأجل إعادتهم إلى منازلهم التي هُجروا منها.