إخوان قطر وخلية علي محسن يحضرون الأتراك: "استعادة 2011 التي خطفها الخليجيون بأيدٍ حوثية"
تقارير - Thursday 28 May 2020 الساعة 09:38 pmأصبح التنظير الإخواني المتراكم قراراً يفضي إلى لحظة الحقيقة التركية "على اليمنيين أن يعودوا إلى تدارس خياراتهم وغسل أيديهم من التحالف الذي ظل متآمراً عليهم وعلى أمنهم واستقلالهم وسيادتهم ووحدتهم ونهضتهم وتجربتهم الديمقراطية"، كما يقول أنور الخضري.
لكن من هو الخضري وكيف وصلنا إلى هذه النتيجة؟
ملامح وجه غامض
أنور الخضري، هو أحد منظري السلفية الإخوانية أو المطبخ الإخواني السلفي السروري، وهو من هذا الموقع كان أحد أفراد مجموعة تخليق حزب الرشاد السلفي في أقبية الإخوان المسلمين في اليمن أو التجمع اليمني للإصلاح.
والرجل مؤلف وكاتب مشارك وفاعل نشط في نشرات ودوريات ومواقع ومراكز بحثية عربية متشابهة من حيث المضمون والهوية السلفية- الإخوانية وجميعها ترتد إلى مرجعية واحدة تمويلاً ورعاية وتوجيهاً، قطر وتركيا. ومن بينها مسميات سورية ومصرية وغيرها من تلك التي توالدت تباعاً خلال السنوات الأخيرة، ومع تجمع إخوان مصر وسوريا واليمن بصورة مركزة في تركيا.
ورأس أنور الخضري -وهو أحد منظري فوضى الربيع أو ما يواصل التنظير لها حتى اليوم "ثورة 2011 في اليمن"- ما يسمى مركز الجزيرة العربية للدرسات والبحوث، ويعرفه -كما في زاويته بمجلة البيان السلفية- مركز أبحاث ودراسات ثقافية وسياسية وإعلامية يعنى بالشؤون اليمنية وما يتعلق بها. وصار مؤخراً يشير إلى نفسه كرئيس للمركز المذكور "سابقاً" وأحياناً بصفة الرئيس دون تحديد.
رجل في الظل
ما يستخلصه المتتبع لسيرة أنور الخضري المهنية وأدواره التنظيمية والتنظيرية وانتشاره وعلاقاته -الغامضة في كثير من الجوانب حتى الآن- خلال الأفرع والأذرع الأيديولوجية والحركية المشابهة في بلدان عربية كثيرة.. المرتبطة بالأجندة التركية القطرية.. في سوريا وليبيا وتونس وحتى موريتانيا، فضلاً عن السودان والضفة الإفريقية من البحر الأحمر، علاوة على تجمعات وحركات في دول خليجية مثل السعودية والكويت، هو أننا بصدد فاعل ضمن مجموعة متجانسة تتجاوز الحدود المحلية إلى الإقليمية والخارجية وفي مستوى العمل ضمن جماعة تنظيم أكبر – دولي.
وكما هي العادة في التنظيمات العابرة للأوطان من هذا النوع، فإن أبرز الفاعلين يبقون في الظل وخلف الصفوف ومن وراء الواجهة.
مهمة في العلن
خلال العام الماضي 2019 والجاري 2020، عاود الخضري، الذي يُفاخر بعرض أغلفة مؤلفاته كمرجعية عابرة للحدود، بنشاط كبير العمل في العلن وفي مهمة محددة ومحسوبة بعناية.. عبر الكتابة والتنظير في الشأن السياسي ومسار الحرب في اليمن بانزياح متزايد ومتسارع ثم مفاصلة نهائية ضد التحالف العربي مصطفًا في الخندق القطري التركي.
ووصل الأمر أخيراً بأنور الخضري إلى شيطنة التحالف، بقيادة السعودية أحياناً والسعودية والإمارات معاً أحياناً أخرى، كمصدر للشر والخطر في اليمن على الشرعية وعلى مكاسب (ثورة الإخوان/2011)، والمجاهرة بالدعوة إلى التدخل التركي كخيار عملي ووحيد.
لينتقل في الساعات/الأيام الأخيرة إلى مستوى متقدم من التنظير لحتمية مطلبية التدخل التركي في اليمن وربطها بخلفيات تاريخية وحتى دينية وقومية فضلاً عن العلمانية/ الديمقراطية، في سياق من التناقض الموظف لمصلحة الفكرة.
وهو في كل ذلك يحرص على التلبس بشعار وخطاب "الشرعية"، تماماً كما يفعل الإخوان الذين يهيمنون على مفاصل القرار والسلطتين العسكرية والحكومية برعاية التحالف/السعودية ويكيلون لهما الاتهامات وباتوا يجاهرون بالخيار التركي في وجه السعودية سيما خلال أحداث أغسطس في عدن والحرب الأخيرة -الحالية- في أبين.
بالنيابة عن محور
أنور الخضري يشكل أنموذجاً مثالياً للاستشهاد والقياس حول توجهات وأجندة الإخوان وأدوات المحور/التحالف القطري التركي في اليمن وفي رأس وقلب الشرعية. ونشرت له جريدة الشرق القطرية، على خلفية أحداث أغسطس في عدن وما بعدها، حواراً مطولاً، على حلقتين بينهما فاصل زمني. وهو حوار موجه تماماً بعناوين وأهداف سياسية ناجزة، كما كان واضحاً من محاوره ومضامينه ودرجة التصعيد والحدة ضد السعودية والتحالف مقابل استدعاء التحالف القطري التركي وما يسميه "تفعيل الخيارات المتاحة".
كانت له، أيضاً، خلال ذلك مداخلات ومساهمات ترتكز على إظهار حزب الإصلاح ضحية وهدفاً لحرب ومؤامرات تحاك ضده من قبل جميع الأطراف، كما يصف في مقالات نشرتها له جريدة "أخبار اليوم" المحسوبة على علي محسن الأحمر والصادرة من مأرب.
رجلان حول علي محسن
وليست مفارقة أن محتوى منشورات الرجل يتطابق كلياً مع محتوى تغريدات سيف الحاضري صحفي الأحمر ورئيس تحرير أخبار اليوم ومؤسسة الشموع للصحافة والنشر، تجاه التحالف والسعودية والمجاهرة القوية بدعوة الشرعية إلى إعادة البحث في خياراتها واستدعاء المنقذ التركي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، يتطابق هذا مع تصريحات لافتة أطلقها قبل أشهر -العام الماضي- من تركيا (في مقطع فيديو حقق انتشاراً واسعاً) الملحق العسكري في سفارة اليمن عسكر زعيل، اليد اليُمنى لعلي محسن الأحمر وسكرتيره الإعلامي لفترات طويلة وممثله في وفد الحوارات مع الحوثيين، والذي دعا صراحة إلى عودة التواجد التركي في اليمن.
عشر سنوات من العمل
نشر الخضري في الأيام الأخيرة مقالاً مركزاً في حسابه بالفيسبوك، ونشر صورة منه في تويتر تحت عنوان تأصيلي لافت ومباشر "لماذا الدور التركي مطلوب في اليمن؟". جاء النشر مزامناً لكتابات وتغريدات ومنشورات بنفس الاتجاه والتوجه بمشاركة أسماء إخوانية يمنية وخليجية وعربية من سياسيين وإعلاميين وغيرهم استدعت جدلاً وردوداً واسعة.
قراءة أولى لمقال المنظر الإخواني الراديكالي أنور الخضري، سوف تعطي في أقل تقدير صورة مزعجة حول جدية وتطرف جبهة متقدمة –تنظيرية وتأصيلية- في تسويق مشروع عملي أكثر منها مهمة إعلامية واستعراضية.
دائماً يعيد الخضري الأمور إلى نقطة محورية أولى: 2011، كما لو أن كل شيء في اليمن يبدأ من هنا. مروراً بالمبادرة الخليجية والمرحلة الانتقالية والحوار الوطني ثم الانقلاب الحوثي فتدخل التحالف. وعبرها جميعاً يعطي السعودية ومعظم دول الخليج (يستثني قطر بالطبع) والدول العربية، دور الشرير. ويضيف إليها كما يفعل الحوثيون تماماً، بريطانيا وأمريكا والدول الخمس دائمة العضوية، وربما أنه سكت عن إسرائيل لاعتبارات العلاقات والتطبيع مع تركيا!
وهو يعطي هادي أيضاً دور الدمية المشرعن لتدخلات وخطط التحالف العربي/السعودي. أكثر من هذا أن الخطر الإيراني/ الحوثي يتبخر لديه بحيث يتبقى الحوثي مجرد أداة بيد الخليج المتآمر (!!).
وسيكون السبب الرئيس لاستدعاء تركيا كمنقذ، ليس هو التخلص من الانقلاب الحوثي والخطر الإيراني، بل لمحاربة (الانفصاليين) الجنوبيين (..) خطوة بخطوة مع تخليص وحماية اليمن من الخطر الخليجي/ العربي، أو من التحالف بقيادة السعودية.
المؤامرة الخليجية العربية
نقتبس هنا فقرات سريعة تفي بالغرض تحاشياً للإطالة والتوسع من مقال الخضري:
"في عام 2011م خضعت اليمن لحسابات دول خليجية أعاقت مسار ثورتها الشعبية وعملت على وأدها ولكن لم تستطع. فلجأت إلى حيلة المبادرة الخليجية".. "تمكنت هذه الدول الخليجية المتآمرة من رعاية تحالف حوثي مؤتمري للانقلاب على المرحلة الانتقالية".. "في عام 2014م جرى إسقاط صنعاء..... وبات الأمر أشبه بإجراء عملية إجهاض بشعة لجنين الثورة الذي كاد أن يستهل بالدستور الجديد".. "وتحت ذريعة سقوط صنعاء بيد الحوثيين المدعومين إيرانيا.... أخذت بعض دول الخليج تعد للهجوم على اليمن".. أما عمل التحالف العسكري فهو "دور المحتل المجرم الذي يعبث بالواقع اليمني فيدمر بناه التحتية ويضرب قواه الفاعلة ويمارس العربدة الإجرامية على الأرض خلال خمس سنوات تضاعفت فيها أزمات اليمنيين الاقتصادية والصحية والتعليمية والخدمية والاجتماعية".. "وآلت عاصفة الحزم لحصار خانق، وتهديد وتقويض للدولة" (الدولة التي قوضها الانقلاب الحوثي أصلا وفي ظل حكومة ثوار 2011).
المنقذ التركي
في ضوء الحيثيات السابقة: "اليوم لا إضاءات تلوح في الأفق، والشرعية بزعامة هادي مأسورة للرياض وغارقة في الفساد ولا مجال لليمنيين إلا التشكل في جبهة وطنية ودعوة تركيا للوقوف مع اليمنيين".
لماذا تركيا؟
"تركيا حليف أمين وقوي"، بحسب منظر إخوان قطر وتركيا في (ولاية) اليمن. وهي "دولة حضارية ساهمت في حقبة تاريخية في الدفاع عن اليمن إزاء الغزو الأجنبي... ودولة متقدمة علمياً وصناعياً وعسكرياً... ودولة إقليمية حاضرة في المشهد الدولي بكل اعتدال واتزان... ويمكن أن تكون شريكا أساسيا في بناء اليمن الذي دمره المتآمرون.. ودولة ديمقراطية.. ودولة إسلامية لها شراكاتها الدولية وحضورها المؤثر في المحافل الدولية".
استخلاص أولي
الملمح الأهم في هذا التطور، والذي يتجاوز حجم وحدود النقاش أو الردود في الطرف المقابل، هو أن التدخل والدور التركي في اليمن -أكثر منه مادة سجال ومناورة أو حتى مادة ابتزاز في الحدود النظرية سياسياً وإعلامياً كما لا يزال يعتقد بعض أو معظم المشتغلين في السجال الإعلامي في الطرف المقابل- يأخذ بعداً عملانياً ويتحرك بفاعلية عبر مسارات متوازية ولكنها متكاملة.
وأولئك -في ضفة التحالف العربي/السعودي، من إعلاميين ومغردين وغيرهم- الذين لا يزالون يتعاطون مع مقولات التدخل وأجندة التحالف القطري التركي بنوع من الاستخفاف والارتجال وباعتبارها لا تخرج عن كونها: مسألة نظرية، أو احتمالات غالب رأيهم فيها الاستبعاد على وجه الاستحالة؛ هم متأخرون كثيراً في ملاحظة حركة الآخرين وجدية تحركاتهم. ويقعون في نفس الأخطاء التقديرية التي تراكمت وراكمت الأعباء والخسائر على رصيد التحالف العربي-العربي في اليمن وما زالت تفعل.