انفجار بيروت يفجّر غضب الشعب واتهامات لحزب الله بتوريد شحنة الموت

العالم - Saturday 08 August 2020 الساعة 09:39 am
نيوزيمن، وكالات:

فجر انفجار مرفأ بيروت المهول، الثلاثاء الماضي، الغصب الشعبي في لبنان مجدداً ضد فساد النخبة السياسية المتهمة بالتقصير وبالمسؤولية عن دمار بيروت وكذا ضد استمرار هيمنة حزب الله المدعوم من ايران على مفاصل الدولة ومنشآتها الحوية بما فيها المطارات والموانئ.

فخلال زيارة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، امس الخميس إلى منطقة الجميزة القريبة من مرفأ بيروت الذي سوي بالأرض، إثر انفجار الثلاثاء الدامي، صدحت أصوات لبنانيين غاضبين، مطالبين الضيف الفرنسي بـ"تخليص لبنان من حزب الله"، بالإضافة إلى عدم إعطاء الأموال للحكام الذين وصفوهم بالفاسدين، وهتفوا مجدا باسقاط النظام.

كما قام محتجون غاضبون بطرد وإهانة وزيرة العدل اللبنانية، ماري كلود نجم، خلال زيارتها مساء الخميس الى مناطق منكوبة جراء الانفجار.

وتلقت الوزيرة في حكومة حسان دياب انتقادات لاذعة من المواطنين، الذين يقومون بإصلاح الأضرار ومساعدة المنكوبين بانفسهم.

هيمنة أمراء الحرب

ولعقود مضت، هيمنت النخب السياسية نفسها على لبنان - ومنهم أمراء حرب سابقين وقادة ميليشيات من الحرب الأهلية 1975-1990. تستخدم الفصائل الحاكمة المؤسسات العامة لتجميع الثروة وتوزيع المحسوبية على المؤيدين.

فبعد مرور ثلاثين عامًا على انتهاء الحرب الأهلية، لا يزال انقطاع التيار الكهربائي متكررا، وغالبا ما يتم جمع القمامة، ومياه الصنبور غير صالحة للشرب إلى حد كبير.

حتى قبل الانفجار، كانت البلاد غارقة في أزمة اقتصادية حادة ألقي باللوم فيها على الطبقة السياسية.

وكانت معدلات البطالة في ازدياد، وانهارت العملة المحلية قضى على مدخرات الكثير من الناس، وهذا سيجعل مهمة إعادة البناء بعد الانفجار أكثر صعوبة.

القضاء يباشر التحقيق

وشرعت السلطات القضائية اللبنانية الخميس باستجواب 18 شخصا على خلفية انفجار الثلاثاء واقرت توقيف 16 منهم وتجميد حسابات مالية ومنع سفر لمسؤولين في المرفا والجمارك.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، الجمعة، إن التحقيقات الجارية بشأن انفجار مرفأ بيروت، تبحث في احتمالات عدة، منها كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12 وسبب الانفجار هل الإهمال أو حادث عرضي أو تدخل خارجي عبر صاروخ أو قنبلة أو أي عمل آخر.. مؤكدا أن سبب الانفجار، ما زال غير معروفا.

قبرص تستحوب مالك السفينة

في حين أعلنت الشرطة القبرصية، الخميس، استجوابها روسياًيدعى إيغور غريتشوشكين أفادت معلومات بأنه مرتبط بالسفينة، التي أقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وكانت خلف الانفجار الكبير الذي هز المدينة الثلاثاء.. مؤكدة أن "تلك الأجوبة أرسلت إلى لبنان".

واشارت إلى أنه لم يتم توقيف الرجل بل خضع فقط للاستجواب بشأن حمولة السفينة بطلب من مكتب الشرطة الدولية (الإنتربول) في لبنان.

وفي عام 2013، توقّفت الباخرة "روسوس" في مرفأ بيروت آتية من جورجيا في طريقها إلى موزمبيق، وكانت محمّلة بمادة نيترات الأمونيوم الكيميائية، وفق ما قال مصدر أمني لوكالة فرانس برس.

موزمبيق تنفي استيراد الشحنة

ونفت السلطات في موزمبيق رسميا إعلامها بالسفينة وشحنتها ووصولها المزمع إلى البلد.

وبحسب موقع "مارين ترافيك" وصلت السفينة بيروت في 20 نوفمبر 2013 ولم تغادرها أبداً، بعدما واجهت مشاكل فنية.

ورجّحت مصادر أمنية عدة لفرانس برس أن تكون السفينة مرّت على شكل ترانزيت في بيروت، لكن خلال توقفها، ادعت شركة لبنانية لدى قاضي الأمور المستعجلة على الشركة المالكة لها، فتمّ الحجز عليها من القضاء، ثم إفراغ حمولتها، لأنها كانت تعاني من أضرار واهتراء.

قبطان السفينة ينفي وجود خلل

وعلى صعيد متصل كشف بوريس بروكوشيف، الذي كان قبطان السفينة "روسوس" عام 2013 ف يتصريحات لوسائل اللعلام الخميس" أن مالك السفينة أبلغه أن عليه أن يتوقف، بشكل لم يكن في برنامج رحلته، في لبنان لتحميل شحنة إضافية".. وهو ما يتناقض مع الادعاءات بوجود خلل في السفينة ويثير شكوكا عديدة ترجح اللتهامات الموجهة لحزب الله بالوقوف وراء استيراد هذه الشحنة وادخالها بذرائع اخرى.

وقال بروكوشيف "إن السفينة كانت تحمل 2750 طنا من مادة كيماوية سريعة الاشتعال من جورجيا إلى موزمبيق عندما جاءه الأمر بالاتجاه إلى بيروت في طريقه عبر البحر المتوسط"..مضيفا "طُلب من طاقم السفينة تحميل بعض معدات الطرق الثقيلة ونقلها إلى ميناء العقبة الأردني قبل استئناف الرحلة إلى أفريقيا، حيث كان من المقرر تسليم نترات الأمونيوم لشركة تصنيع متفجرات"

واستدر قائلا "لكن السفينة لم يكتب لها أن تغادر ميناء بيروت أبدا بعد أن حاولت دون جدوى تحميل الشحنة الإضافية بأمان لتسقط في براثن نزاع قانوني طويل بخصوص رسوم الميناء".

وعن محاولة تحميل الشحنة الإضافية قال بروكوشيف (70 عاما) لرويترز عبر الهاتف من منزله في مدينة سوتشي الروسية: "كان مستحيلا.. كان من الممكن أن تُدمّر السفينة كلها، فقلت لا".

واتهم القبطان ومحامو بعض الدائنين مالك السفينة بالتخلي عنها ونجحوا في استصدار أمر بالتحفظ عليها. 

وبعد أشهر ولأسباب تتعلق بالسلامة تم تفريغ شحنة نترات الأمونيوم ووضعها في مستودع بالميناء.

اتهام حزب الله باستيراد شحنة الموت

وازحة لبعض الغموض الذي رافق استيراد وتخزين شحنة الموت في مرفا بيروت.. اتهم رئيس حزب القوات اللبنانية (من أكبر الأحزاب المسيحية في البلاد) سمير جعجع أطرافا وقوى لم يسمها باحتمال الاستفادة من تلك المواد.

وقال جعجع في مؤتمر صحفي "لا أحد يصدق أن وجود 2750 طناً من نترات الأمونيوم بمرفأ المدينة منذ 6 سنوات هو بسبب الإهمال أو النسيان"، مؤكدة أن جهة ما تعمدت تخزين هذه المواد دون النظر لمصلحة البلاد.. في اشارة ضمنية لحزب الله المرتبط بايران الذي يمتلك مليشيات مسلحة خارج هيكنة الدولة اللبنانية.

واضاف "الاستنتاج الأولي لدينا والذي يبقى مربوطاً بنتائج التحقيق الجدي الذي سيحصل، هو أن هذه المواد تركت في المكان الذي انفجرت فيه عن سابق تصوّر وتصميم، لأن هناك من هو بحاجة لها أو من الممكن أن يصبح بحاجة لها، أو أنه سيحتاجها لاحقاً، ولهذه الحاجة تم تركها في مكانها من دون الأخذ بعين الاعتبار لا المرفأ ولا الناس ولا رجال الأعمال ولا البضائع ولا أهالي بيروت ولا بيروت ولا لبنان بأكمله كما هو حاصل في قضايا أخرى حيث تأتي مصالح الشعب اللبناني في المرحلة 17 أو 18 وتتقدّمها مصالح من هم أبعد من ذلك أي مصالح الأمة ككل".

وشدد جعجع، على أن "السلطة في موقع الاتهام"، مطالبا بلجنة تقصي حقائق دولية توفدها الأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن سنداً لميثاق الأمم المتحدة، وإنشاء صندوق دولي لإغاثة المنطقة المنكوبة والقطاعات الإنتاجية المتضررة في لبنان تحت إشراف الأمم المتحدة مباشرة".

الوضع الانساني

وعلى الصعيد الانساني..قالت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، إن النظام الصحي الضعيف في لبنان يمثل مشكلة خطيرة بعد الانفجار الذي شهده مرفأ بيروت، مؤخرا، مشيرة إلى نقص في الأسرّة، من جراء الأضرار التي لحقت بالمستشفيات، يوم الثلاثاء الماضي، حسبما نقلت "رويترز".

وفي وقت سابق، أعلنت الأمم المتحدة أنها تعتزم الإفراج عن 9 ملايين دولار لتلبية احتياجات عاجلة للبنان بعد الانفجار الدامي الذي وقع ببيروت، وتعزيز العمليات في مستشفيات المدينة.

تشريد 100 ألف طفل


في غضون ذلك قالت منظمة "يونيسيف" إن الأضرار التي نجمت عن الانفجار الهائل في بيروت ، أجبرت نحو 100 ألف طفل على النزوح عن منازلهم في العاصمة بيروت.

 وأكدت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة أن 120 مدرسة تخدم 55 ألف طفل تعرضت لأضرار مختلفة.


من جهة أخرى، قالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن هناك حاجة كبيرة لتوفير مراكز إيواء في بيروت مشيرة إلى أن الوضع في بيروت مأساوي حقا.


وأدى الانفجار إلى تمزيق صومعة كبيرة للحبوب ودمر الأحياء القريبة من الميناء وتناثر الزجاج والأنقاض في عدة بلوكات في المدينة.


وبحسب الإحصائيات، فإن حوالي 300 ألف شخص - أكثر من 12٪ من سكان بيروت - غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب الانفجار الذي دمر الأبواب والنوافذ في جميع أنحاء المدينة وترك العديد من المباني غير صالحة للسكن. 


يأتي هذا في الوقت الذي لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن جثث في أنقاض الميناء، بعد ما يقرب من ثلاثة أيام من الانفجار، والذي أسفر عن مقتل 150 شخصًا وإصابة خمسة الاف شخص بينما مازال البحث جار عن الاف المفقودين تحت الانقاض.


ويقدر مسؤولون لبنانيون الخسائر الناتجة عن الانفجار ان تتراوح مابين 10 إلى 15 مليار دولار-.