حركة دؤوبة وأرض زاخرة ومصابيح مدلاة.. جولة في أسواق "الشيخ عثمان"

السياسية - Sunday 15 November 2020 الساعة 03:30 pm
نيوزيمن، كتب/أحمد الربيزي:

خلال اليومين الماضيين تجولت في مدينة (الشيخ عثمان)، ولا أخفي انقطاعي عنها منذ عدة سنوات، حتى وان مررت فيها من سابق فإن مروري لا يتعدى الخط العام الواصل من جولة كالتكس إلى جولة السفينة.

عصر يوم أمس واليوم، كنت في الشارع الرئيس لمدينة الشيخ عثمان (شارع مسجد النور) اتجول وسط زحمة المساء قبل وبعد المغرب، هذا الشارع الفسيح، الذي تضيق المسافات في جوانبه على حركة المرور وتمر فيها السيارات تئن متثاقلة تحاول بصعوبة المرور وسط أكوام المارة، وهتافات الباعة الذين يتبارون في ارتفاعها، بمكبرات الصوت، كل تلك الضوضاء وان كانت مزعجة الا انها تشعرك بالحياة ونبضها المتسارع..

رأيت مدينة الشيخ عثمان وكأنني أراها لأول مرة في منتصف شارعها الرئيس تفترش خيرات الأرض بكل ما زخرت به من خضار وفواكه تتضاحك مع حركات المصابيح المدلاة بتقنية بدائية والمتراقصة على صوت ماكنات التوليد المتعددة.

وبجوار الخضار والفواكه، تظهر كافة سلع الدنيا تتراءى ممتدة إلى ما لا نهاية ترتفع وتهبط بمقدار الطاولات التي تحملها، وتختلف في اصنافها وكمياتها، ونوعيتها، باختلاف باعتها.

مضيت وانا اتأمل بسعادة هذه الصور الجميلة بكل ما تحمله من نمط طبيعي تلقائي لحركة البيع والشراء في الأسواق الشعبية، وأكثر ما اسعدني ان عدن تشهد حركة سوق غير عادية، لا أدري ما حجمها مقارنة بالاعوام السابقة ولكن الازدحامات في كل شوارع مدينة الشيخ عثمان تنم عن تنامي حركة السوق، وهنا دلائل كثيرة تدل على الازدهار الذي تشهده بدءاً من ارتفاع أسعار شراء وتأجير العقارات، إلى حجم حركة وكثافة المواطنين في هذه الأسواق، وحجم البضائع المتداولة.

مشيت نحو وسط الشارع، وروائح الشواء تفوح من الطرف الآخر، وخطوات أخرى متثاقلة وسط الزحامجعلتني أمام الفل والكاذي الذي تشبّع انفي بروائحه الزكية، وبمروري شملت وجهي حبات من رذاذ الماء التي يوزعها البائع على عقود الفل التي أمامه، وتحاشيت دعواته وهو يمد احد العقود، ونظرت إلى الأعلى وبالكاد شاهدت (شرنفات) مسجد النور وهي تعلن عن نفسها من خلال أصوات المصلين (آمين)، خلف التلاوة القرآنية التي تشق طريقها برتابة وسط ضوضاء المدينة المثقلة بالظلمة، وجدت طريقي بين أكوام المارة، ومضيت بمحاذاة الرصيف الذي وجدته في الجانب الآخر وكأنه جزر متناثرة بين أكوام البضائع التي تتنافس في عرقلة خطواتي البطيئة، حتى وصلت إلى أحد المحلات التجارية التي تزخر بكل ما ترغب من أدوات كهربائية والكترونية، وبأحدث الصناعات وأفخر الماركات، نظرت إلى البائع الذي يحمل آلة حاسبة صغيرة منشغلا ويتفاوض مع زبائنه.

خرجت من المحل ومضيت في رحلتي وصولاً إلى شارع الشهيد عبدالقوي الذي اذهلني بمحلاته التجارية الضخمة ونظافته الملحوظة وانتظام حركة المرور فيه نسبياً، وارصفة الشارع فيه جميلة وغير محتلة من الباعة المتجولين، تمنيت أن يتخصص هذا الشارع التجاري الجميل بصنف معين من البضائع كالالكترونيات - مثلاً، أسوة بالشوارع القديمة في الشيخ عثمان وكريتر مثل (سوق الذهب) وسوق الحدادين.... الخ.

وانا عائد إلى منزلي في خورمكسر الهادئة نسبياً منتشياً بما رأيت من حركة السوق، الحركة الدؤوبة النابضة بالحياة والحيوية، حتى وان كانت تشوبها بعض العشوائية الا انها تشعرك بنماء هذه المدينة واعرف ان كثيرا ممن يقرأ هذه الأسطر سيرى الوجه الآخر المشوب بالفوضى، وغياب اللمسة الجمالية الا انني أرى سهولة إيجادها بقليل من العمل.

عموما لا يستطيع احد إنكار ما شهدته عدن وتشهده من توسع معماري ونشاط تجاري ملحوظ، سينعكس على حياة الناس في حال استطاعت الدولة تنظيمه، وتنظيم مواردها من الضرائب والجمارك، ومنعت الجبايات غير القانونية، ومحاربة الفساد في المؤسسات القائمة على جباية الضرائب.

وأعلم ان هذا التوسع العمراني الكبير وبشكله العشوائي ومع غياب التنظيم وغياب مواكبة المؤسسات الخدمية للتوسع، قد انعكس سلباً على عمل المؤسسات، وبالتالي خلق معاناة اضافية على كاهل المواطن جراء غياب وتدهور المؤسسات الخدماتية.

الخلاصة..

التطور العمراني وتطور حركة السوق، وتنظيم سليم للجبايات القانونية للضرائب والجمارك ومكافحة الفساد فيها، سيوجد موارد ضخمة جدا لخزينة المحافظة، كفيلة بأن تنهض بعمل المؤسسات الخدماتية.

للحديث بقية إن شاء الله تعالى..

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك