راتبه التقاعدي 70 دولاراً.. "المنصوب" ترسخ اسمه في الأذهان وبث في نفوس الأجيال العلم والإرادة
السياسية - Thursday 24 December 2020 الساعة 08:59 am
45 عاماً معلمًا للصفوف الدنيا من التعليم الأساسي، في مدرسة بجاش الرزاحي، شمال غرب محافظة لحج، الأستاذ ومعلم الأجيال محمد علي المنصوب (82 سنة)، بالرغم من تجاوزه سنة الخدمة، التي تنص على تحديد سن التقاعد عند بلوغ أحد الأجلين، ولم يبارح فصله إلا مكرهًا بعد 45 عامًا، إثر عجزٍ أصابه بعد مرض أقعده عن الحركة نحو مدرسته، التي تبعد كيلومترين تقريبًا عن مسكنه.
عطاء مستمر
يعد محمد علي المنصوب وحيد أبيه، الذي توفّي عنه صغيرًا، لتكافح والدته في سبيل تعليمه ونسيان المعاناة التي تجرعتها الأسرة بسبب غياب التعليم في المنطقة، حيث أدخلته في "المعلامة" باكرًا، ليتعلم القرآن واللغة والحساب، في رباط بجامع السروري في لحج، الذي كان يقوم فيه أساتذة بتعليم الأطفال، بسبب انعدام مؤسسات التعليم النظامي مطلع الأربعينيات من القرن العشرين الماضي، ثم ألحقته بالمدرسة بعد افتتاحها في العام 1954، ليكمل الإعدادية ويلتحق بعدها في العام 1957، بالمدرسة المحسنية في لحج، التي تخرج منها بعد ثلاث سنوات، ليتم مباشرة بعدها تعيينه معلمًا في العام 1960. وكان بمثابة الروح التي تبث في نفوس الأجيال العلم وإرادة الحياة، ليترسخ اسمه في الأذهان بصفته معلم الأجيال.
إهمال وخذلان
في سنة 2005؛ ومع تقدم العمر بالمعلم محمد علي المنصوب، صار يعاني من صعوبة في الحركة وآلام في قدميه؛ ما أفقده القدرة على المشي والحركة سوى لمسافة قصيرة لا تتجاوز جوار منزله، ليعلن بعدها جسده المثخن بعقود من العمل والإخلاص في بلاط التعليم، رغبته في التوقف. وودع الخدمة براتب لا يتعدى السبعين دولارًا، في ظل غلاء منهك واحتياجات لا تعد، ليخرج من رهن المدرسة إلى رهن مصاعب الحياة التي يجابهها بمفرده وبمرتب ضئيل، لا يحفظ كرامته ولا يصون إنسانيته.
يتذكر المنصوب أنه بدأ خدمته بمرتب يقدر بـ170 شلن، وكان مكتفيًا وقنوعًا به، لكنه ختم عمره بأجر لا يتناسب مع ما قدّمه طيلة سنوات تقارب نصف عمره في قطاع التعليم، مشيرًا إلى أن الأجر الذي يتقاضاه يتسلمه طلاب له، في وقت يتقاضى معلمون درسوا على يده خلال خدمته، مرتبات أكثر منه. وإلى ذلك، بقي الأجر التقاعدي الذي يتقاضاه ثابتًا ولم يراعَ فيه تقلبات الأزمات وارتفاع الأسعار، متسائلًا عن سبب عدم الاهتمام بالمتقاعدين وتقدير العمر الطويل الذي أفنوه في خدمة الوطن.
>> لا تتعدى مرتباتهم الـ35 دولاراً.. متقاعدون تحت خط الفقر
إنه يعاتب الدولة التي تركتهم فريسة لمصاعب جمّة يواجهونها بعد التقاعد، في وقت أكلت الخدمة من عمرهم ومنعتهم من القدرة على اللحاق بالقطاعات الأخرى في سبيل مجابهة تكاليف الحياة الصعبة.
* نقلاً عن موقع خيوط