رسوم الحوالات النقدية وفارق الصرف شمالاً وجنوباً.. جريمة حرب ضد الشعب بأكمله

إقتصاد - Sunday 27 December 2020 الساعة 08:47 am
صنعاء، نيوزيمن جلال محمد:

تنمر شركات الصرافة بفرض رسوم حوالات خيالية تصل إلى ما يقارب 50% من المبلغ المراد تحويلة، عصف أكثر وأضاف أزمات جديدة لتفتك بالمواطن اليمني، ويأمل المواطنين بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة تحسن الوضع بعد استعادة الريال اليمني لمكاسبه أمام العملات الأجنبية آملين من جهة أخرى انخفاض أسعار المواد الغذائية التي باتت عبئ كبير على المواطن التي لم تنخفض بعد تراجع قيمة العملات أمام الريال. 

محسن الكمال، 23 عاماً، يقول لـ "نيوزيمن"، منذ عشرة أيام وأنا والأسرة التي تعيش في العاصمة صنعاء، ننتظر مبلغ الحوالة الشهرية التي يحولها أخي من حضرموت، والسبب في التأخير "أنه يجب أن يدفع ما يقارب 48 بالمائة من المبلغ لشركات الصرافة مقابل التحويل".

الكمال ما هو الا واحد من آلاف اليمنيين الذين أثقلت كاهلهم فصول الأزمة الاقتصادية في الشهور الأخيرة والمتمثلة بتدهور سعر العملة المحلية، حيث خلقت ما يشبه "ثقباً أسود" يلتهم مبالغ كبيرة كرسوم للتحويلات، تدفع ثمنها الأسر التي تعيش في الأصل، أوضاعاً إنسانية متفاقمة منذ سنوات.

يقول محسن إن أخاه "يعمل خياطاً" يتكفل بتغطية احتياجاتهم الأساسية بإرسال نحو ثلثي المرتب الشهري الذي يتقاضاه إليهم، ولكنه بسبب العمولات الجائرة أصبح المبلغ المرسل يعادل النصف مما كان يرسله سابقاً، وأضاف: كان فارق الصرف بين صنعاء والمحافظات الجنوبية بسيطاً، ولذا كان أخي يقوم بشراء "الريال السعودي" ويحول لنا إلى صنعاء بالعملة السعودية، إلا أنه مؤخراً تدهور سعر الصرف بصورة جنونية وأصبح فارق الصرف بين صنعاء والجنوب ما يقارب 70 ألف ريال يمني، وهذا شكَّل عبئا آخر على أخي وجعله أمام خيارين أحلاهما مر، إما التحويل بالريال اليمني وتحمل ابتزاز شركات الحوالات البالغ 50% من المبلغ المحول به، أو تحمل فارق الصرف وتحويل ما يريد تحويله إلينا بالريال السعودي، وفي كل الحالتين تتآكل قدراتنا.

محمد علي العنسي، 38 عاماً، هو الآخر، يعمل معلم بلاط بمحافظة شبوة، يقول لـنيوزيمن، أصبح من الصعب عليّ أن أرسل نفس المبلغ الذي اعتدت أن أرسله لأسرتي في ذمار بعد أن وصلت عمولة التحويل إلى اكثر من 40% وأكثر هذه الفترة، وأنا بالكاد أحاول تدبر أموري الحياتية بصعوبة بالغة.

العنسي يشكو من أن شركات الصرافة أصبحت تتعامل بسرقة وتسلط واضحين، دون أي رادع لهم، وقال: "أثق ثقة تامة بأن شركات الحوالات ما كانت ستفعل ما تفعله ضد المواطن لولا أن هناك ظهرا يدعمها لفعل ذلك، وفي إشارة منه لوقوف مليشيا الحوثي وهوامير الشرعية خلف ذلك أضاف: بالمفتوح "هي قسمة يا أخي، ادي حقنا وارفع كما تريد".

ودخلت الأزمة طوراً جديداً، هذا العام نتيجة اتخاذ سلطات الحوثيين موجة إجراءات تمنع تداول الطبعات الجديدة من العملة والمطبوعة في عدن في مناطق سيطرتهم، وهو القرار الذي وسع الهوة بإيجاد سعرين مختلفين للعملة المحلية، وذلك في أعقاب فشل سلسلة من الاجتماعات رعاها مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في العاصمة الأردنية عمّان، سعت إلى الوصول لاتفاق في الجانب الاقتصادي، وانتهت دون تقدم، لتبدأ مرحلة غير مسبوقة من الأزمة.

رسوم باهظة

من أبرز انعكاسات الانقسام المصرفي في اليمن منذ شهور، قيام شركات الصرافة والتحويلات بفرض رسوم كبيرة على الحوالات المرسلة بالعملة المحلية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية - حيث سعر العملة المحلية أكثر تدهوراً، وذلك بسبب ارتفاع العمولات التي كانت لعدة أسباب منها فارق سعر العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بين عدن والمحافظات التابعة لها وصنعاء والمحافظات التابعة لها، إضافة إلى ذلك، القرار الذي تم اتخاذه من قبل مليشيا الحوثي بعدم التعامل بالفئات النقدية الجديدة، وما نتجت عنه من فوارق بين العملتين وخلف حالة انقسام واضحة بين عملة قديمة وعملة جديدة بقيمتين مختلفتين وأصبحنا وكأننا أمام عملتين مستقلتين عن بعضهما، كما أن الحكومة الشرعية ساهمت في هذا التدهور من خلال طباعة كميات كبيرة، وبالتالي خلقت التضخم في سعر العملة المحلية والمضاربة فيها.

وبينما يتمثل التفسير السائد حول المبلغ المقتطع من الحوالات والذي وصل إلى أكثر من 40 بالمئة في الأشهر الأخيرة، بأنه هو فارق سعر الصرف (الدولار الأمريكي الواحد سعره 800 ريال في عدن وفي صنعاء 600 ريال يمني، حسب أحدث الأسعار مؤخراً)، إلا أنه في المقابل، لا تعتمد شركات الصرافة الفوارق في الحوالات القادمة من مناطق سيطرة الحوثيين إلى بقية محافظات البلاد، على نحوٍ يثير المزيد من التكهنات والاتهامات الموجهة لشركات الصرافة بالتلاعب.

ومع استمرار التدهور الاقتصادي الحاصل في مختلف المجالات، خاصة مع تقليص كثير من المنظمات لأنشطتها الإنسانية في اليمن في الوقت ترتفع فيه نسبة الفقر وخطر المجاعة يهدد آلاف اليمنيين، تبدو البلاد بحاجة ماسة إلى إيجاد حلول جادة تسهم في إيقاف الكارثة.

هذا وواصلت العملة المحلية مكاسبها، أمام العملات الأجنبية "الدولار" والريال السعودي، في الأيام السابقة مدفوعةً بنجاح الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في تحقيق معايير محددة في اتفاقية الرياض، والذي دخل حيز التنفيذ يوم الخميس الماضي العاشر من ديسمبر الجاري.

واستعاد الريال خلال الأسبوع الأول من إعلان تشكيل الحكومة نحو 170 ريالاً من قيمته أمام الدولار، و40 ريالاً أمام الريال السعودي، في ظل توقعات نقدية بمواصلة الريال مكاسبه حتى نهاية الشهر الجاري، وصولاً بسعر الدولار إلى دون 700 ريال.

وبلغ سعر الدولار في التعاملات المصرفية، ليومنا الأحد، الـ 27 من ديسمبر في السوق المحلية، نحو 760 ريالا، متراجعاً من 940 ريالاً، وسجل الريال السعودي 201 ريال. بينما سجل السعودي في صنعاء 159، والدولار 610. فيما بلغت نسبة التحويلات 25‎%‎.