إيران والحوثي في 2020م.. من الدعم الخفي إلى تعيين حاكم عسكري لصنعاء والمليشيا

السياسية - Wednesday 06 January 2021 الساعة 09:24 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

لا يكاد يُذكر اسم مليشيات الحوثي إلا مقترناً باسم إيران، باعتبار أنها تمثل ذراعاً لطهران في اليمن مثلها مثل حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وهو الأمر الذي بات محل إجماع محلي وإقليمي ودولي.

ومع أن المليشيات الحوثية حاولت عديد مرات نفي علاقتها بطهران وإن على استحياء، إلا أن الوقائع والشواهد المتتالية كانت تأتي لتمثل تأكيداً على مدى الارتباط العضوي بين المليشيات الحوثية ومشروع إيران التوسعي في المنطقة.

وشهد العام 2020م وقائع عدة مثلت قرائن وبراهين دامغة على أن مليشيات الحوثي هي ذراع إيرانية في اليمن تؤدي وظيفة حركة عميلة تنفذ أهداف وأجندة طهران، وكان أبرز تلك البراهين تهريب طهران لأحد قيادات حرسها الثوري المدعو حسن إيرلو وتعيينه سفيراً لها في صنعاء لدى سلطة المليشيات الحوثية.

تهريب إيرلو إلى صنعاء.. نموذج لتصرفات طهران

مثلت الطريقة التي وصل بها القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء والتي كانت عبر عملية تهريب تمت من خلال رحلة طيران لطائرة عمانية نقلت جرحى تابعين للمليشيات الحوثية من مسقط إلى صنعاء دليلا على الاسلوب الذي تتعاطى به سياسة إيران في المنطقة بما عكسته من تجاوز لكل الاعراف الدبلوماسية المتعارف عليها في العالم، حيث جاء اعلان طهران عن تعيين إيرلو سفيرا لها في صنعاء بعد عام تقريبا على قبولها تعيين سفير لمليشيات الحوثي في طهران هو المدعو ابراهيم الديلمي وهو الاجراء الذي تم بعد استقبال المرشد الاعلى الإيراني علي خامنئي لوفد المليشيات بقيادة الناطق الرسمي باسم المليشيات محمد عبدالسلام.

وعكس قبول القيادة الإيرانية لتعيين المليشيات سفيرا لها في طهران، ثم لجوء الاخيرة إلى اسلوب التهريب لاحد قياداتها العسكرية ومن ثم الاعلان عن تعيينه في منصب سفير لدى سلطة الحوثيين غير المعترف بها دليلا على ان إيران تنتهج سياسة تتجاوز كل الاتفاقات والاعراف الدبلوماسية الناظمة لعلاقات الدول، وبرهانا على اصرار طهران على اقامة علاقات مشبوهة مع كيانات مليشاوية مسلحة تمثل اذرع عسكرية لخدمة اجندتها، واكدت بذلك الفعل ان إيران ماضية في تنفيذ اجندتها العدائية ضد دول المنطقة وتحديدا السعودية عبر الاعتماد على ذراعها المسلح المتمثل في مليشيات الحوثي مثلما استخدمت الحشد الشعبي وبعض الفصائل الشيعية المسلحة في العراق لإدارة صراعاها مع الولايات المتحدة الامريكية، ومثلما استخدمت حزب الله لتنفيذ اجنداتها في لبنان قبل ان توكل اليه مهمة القتال إلى جانب حليفها الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه في دمشق.

وبعد اقل من شهر على وصوله صنعاء سارعت الادارة الامريكية إلى فرض عقوبات امريكية على سفير طهران لدى مليشيات الحوثي حيث اعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الثلاثاء 8 ديسمبر 2020م فرض عقوبات على سفير طهران لدى صنعاء "حسن إيرلو"، وقال وزير الخزانة الأمريكية "ستيفن منوشين" في بيان نشرته الوزارة عبر موقعها الرسمي على الإنترنت إن "تعيين إيرلو، وهو مسؤول في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، سفيرا لإيران لدى الحوثيين، يظهر عدم اكتراث النظام الإيراني بحل الصراع الذي تسبب في معاناة ملايين من اليمنيين على نطاق واسع".

وذكر البيان أن "إيرلو دعم جهود الحرس الثوري في توفير أسلحة متطورة وتدريب للحوثيين، كما قام بدعم عمليات الجماعة اليمنية في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية واليمن"، كما "حافظ إيرلو على علاقة وثيقة بقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وقام أيضا بتدريب عناصر من حزب الله في إيران"، حسب البيان ذاته.

من متهرب إلى سفير بدرجة حاكم

لم تكد تمر على وصول حسن إيرلو -الذي أعلنت طهران تعيينه سفيرا لدى سلطات مليشيات الحوثي غير المعترف بها- أيام حتى سارع إلى تسليم أوراق اعتماده لدى سلطة المليشيات نهاية اكتوبر من العام 2020م.

وعلى مدى الشهرين الماضيين سارع سفير طهران إلى اثبات وجوده من خلال حرصه على تكثيف لقاءاته مع كافة القيادات الرسمية لدى السلطات التي تديرها المليشيات الحوثية حيث التقى برئيس المجلس السياسي ورؤساء الحكومة والبرلمان والشورى في سلطة صنعاء، فضلا عن لقاءاته مع عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومة المليشيات.

ورصد نيوزيمن نحو 14 لقاءً رسمياً عقدها السفير الإيراني مع قيادات السلطات الخاضعة للمليشيات الحوثية والتي اعلن عنها بشكل رسمي في وكالة الانباء التي تديرها المليشيات.

وكان لافتا أن اللقاءات المعلنة التي عقدها سفير طهران ركزت على وزارات بعينها ابرزها: الخارجية، والصحة، والتعليم العالي، والزراعة، والصناعة، والاشغال، والاعلام، والسياحة، وهي وزارات بحسب مراقبين يمكن من خلالها تنفيذ اجندات ذات ابعاد دينية وثقافية واستخدامها كوسائل لإيصال دعم للمليشيات الحوثية عبر مسمى المساعدات.

ولم يكتف السفير الإيراني لدى سلطة المليشيات الحوثية باللقاءات التي يعقدها بل عمد إلى انشاء صفحة خاصة به على موقع تويتر وبدأ يمارس من خلالها نشاطا سياسيا تمثل بإطلاقه تصريحات مؤيدة للمليشيات ومواقفها، واخرى يهاجم فيها التحالف العربي بقيادة السعودية، وثالثة يتبنى فيها قضايا تحت مسمى مظلومية الشعب اليمني وحقه في مواجهة عدوان التحالف.

اللقاءات غير المعلنة.. نشاط مشبوه لإيرلو

وكان لافتاً أن بعض نشاط السفير الإيراني لدى مليشيات الحوثي لا يتم تغطيته اعلاميا من قبل وسائل اعلام المليشيات بشكل رسمي حيث يعقد بعض اللقاءات التي لا تتناولها وسائل اعلام الحوثيين، كخبر لقائه بقيادة شركة سبأ فون للهاتف النقال والمعينة من قبل المليشيات بقيادة المدعو عبدالله الشاعر وهو خبر لم يرد في وسائل اعلام الحوثيين لكن قناة العالم الإيرانية غطت هذا اللقاء باهتمام كبير.

وأشارت القناة في تغطيتها للخبر إلى أن اللقاء ناقش وضع الشركة بعد أن تم فصلها عن جنوب اليمن، والصعوبات التي تشكل عائقا أمام تطوير الخدمات، واستعداد طهران للتعاون مع الشركة في كافة المجالات ولا سيما في الجانب التقني والفني، وبما يسهم في تطوير الخدمات والانتقال إلى تقنيات الجيل الرابع وتطوير أنظمة التشغيل.

كما أن حضور سفير طهران بعض الفعاليات التي تقيمها المليشيات كالاحتفال بالمولد النبوي وغيرها من الفعاليات يتم ايضا تغطيته من قبل وسائل الاعلام الإيرانية وبالذات قناة العالم التي تحرص على اظهار السفير وكأنه يمارس عمله لدى حكومة معترف بها.

وفي سياق ذي صلة، كشفت مصادر مطلعة لنيوزيمن، عن أن نشاط السفير الإيراني في صنعاء يتجاوز اللقاءات الرسمية المعلنة عبر وسائل الاعلام الحوثية، او حتى تلك التي تغطيها وسائل الاعلام الإيرانية إلى اللقاءات السرية التي يعقدها بقيادات المليشيات الحوثية وهي لقاءات شبه يومية وتشمل مختلف القيادات العسكرية والأمنية والاستخباراتية والسياسية.

وتؤكد المصادر أن تلك اللقاءات هي التي تتضمن التوجيهات المقدمة من طهران لقيادات المليشيات الحوثية والمحددات التي ترتكز عليها تحركات ومواقف المليشيات السياسية والعسكرية والتي تصب في إطار خدمة الأهداف والأجندة الإيرانية في المنطقة.

وتدلل المصادر على ذلك بنقل السفير الإيراني لقيادات المليشيات مواقف بلاده الحريصة على مساعدتهم دبلوماسيا مثل تأكيده لهم أن طهران استغلت نفوذها لدى عمان وقطر لإقناع الإدارة الأمريكية الحالية بإيقاف عزمها تصنيف المليشيات الحوثية منظمة ارهابية، وفي الوقت نفسه ضمان عدم اجراء المليشيات أي تفاهمات أو حوارات سياسية مع أي جهة أو دولة دون معرفة طهران وموافقتها المسبقة.

نفوذ إيرلو.. مسيرات وصواريخ وألغام وزوارق بحرية

الدور الذي بات يلعبه السفير الإيراني في صنعاء أصبح يمثل ركيزة اساسية في تنفيذ الاجندة الإيرانية المتعلقة بزعزعة استقرار امن دول المنطقة وهو ما يتضح من خلال التصاعد الكبير وغير المسبوق للهجمات التي تنفذها المليشيات الحوثية على الأراضي السعودية.

وتربط المصادر بين بدء السفير الإيراني ممارسة نشاطه في صنعاء وتزايد الهجمات التي شنتها المليشيات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي السعودية حيث كثفت المليشيات من عمليات استهدافه للأراضي السعودية بشكل عكس حقيقة تنفيذها لأوامر حسن إيرلو خدمة لأهداف بلاده.

وفي الجهة الأخرى تصاعدت وتيرة الأعمال التي تنفذها المليشيات الحوثية في البحر، حيث نفذت المليشيات عدة هجمات بزوارق مفخخة ضد أهداف سعودية، فضلاً عن زرعها لعشرات الألغام البحرية على طريق الملاحة في البحر الأحمر.

وأحبط التحالف العربي عديد هجمات بزوارق مفخخة، كما فجر عديد ألغام بحرية كانت المليشيات الحوثية تعتزم استخدامها في عمليات ضد أهداف للتحالف العربي وهو الأمر الذي وصفه الأخير بأنه استهداف لمصادر الطاقة، وزعزعة لأمن واستقرار الملاحة الدولية خصوصاً في البحر الأحمر.