علي سيف حسن يكتب عن الديمقراطية الإمريكية.. إعادة تعريف الناخب بقيمته

السياسية - Thursday 07 January 2021 الساعة 09:00 pm
نيوزيمن، كتب/ علي سيف حسن :

عن غزوة الكونجرس اقول : 

لي وجهة نظر مختلفة حول ما حدث أمس:

مثلما هو حال كل الشعب الإمريكي هذه الأيام والذي يتحدث عن التطعيم ضد كورونا، فان الديمقراطية الإمريكية ككائن حي قد بلغت سن الشيخوخة وهي محتاجة للتطعيم أيضاً.

وما حدث أمس كان نوع من التطعيم للديمقراطية الإمريكية ضد التطرف.

وإذا كان العالم قد شاهد ماحدث من اجتياح لقاعات الكونجرس، فان هناك منظر أكثر أهمية لم يشاهده الكثيرون.

وهو أن السياسيين الأمريكان، أعضاء الكونجرس عادوا بعد ساعات فقط إلى قاعاتهم وواصلوا عملهم حتى الساعة الرابعة صباحاً. 

وبالرغم من التاثير النفسي والمعنوي لعملية الاجتياح عليهم مباشرة، وعلى محيطهم إلا أنهم مارسوا مناظرات وجدل طويل، جاد، وذكي،  وتوصلوا إلى قرارات مسؤولة.

وأكثر من ذلك، بما أن الديمقراطية الإمريكية التي بلغت الشيخوخة فانها أيضاً بحاجة الى نوع من التخصيب.

وقد مثلت الحملة الانتخابية الأخيرة عملية تخصيب ثرية، تمثلت في هذه الحملة الانتخابية بحيويتها التي بلغت حد الحدة بل والنزق، فقد أثمرت مشاركة واسعة في الانتخابات وخاصة من قبل الاقليات المهمشة.

لقد اقنعتهم هذة الحملة بأن أصواتهم مهمة ومؤثرة، وأن أصواتهم تحدث تغيير في الواقع. 

وقد كانت انتخابات ولاية جورجيا أوضح نموذج لذلك.

فقد كان للمشاركة الكثيفة من قبل الإمريكان من أصول إفريقية تاثيراً كبيراً جداً على نتيجة الانتخابات حد تغيير الخارطة السياسية في الولاية. 

لقد حولوا الولاية من ولاية مغلقة على الجمهوريين، إلى ولاية تحسم الصراع السياسي في واشنطن للسنوات القادمة، وذلك من خلال تعزيز عدد الاعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، وتمكين الحزب الديمقراطي من السيطرة عليه.

وبسيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ يكملوا سيطرتهم على حلقات مراكز القرار في واشنطن. .الكونجرس بغرفتيه، والرئاسة.

هذا التغيير الاستراتيجي حدث بفضل ما قامت به أم اول  سيناتور امريكا اسود من جورجيا، تلك المرأة البالغة ٨٢ عام والتي قضت كل حياتها تعمل في مزارع القطن، والتي خرجت وذهبت للتصويت لابنها الاصغر، ومثلها فعل الكثيرون من الأمريكان السود في الولاية. 

واكدوا لانفسهم أولاً وللاخرين بأن اصواتهم مهمة وقادرة على احداث التغيير .

إنها الديمقراطية المعززة بنظام حكم قائم توازن فاعل لمراكز القرار ومؤسسات الحكم بالرغم من تعقيده الذي يبدو على السطح.

إنها الديمقراطية التي تحمل في جيناتها وكيانها عوامل تصحيح ومعالجة عوامل اخطاء وجموح السياسة والسياسيين.

*  من صفحة الكاتب على الفيسبوك.