في صنعاء لا أمن لا دولة ولا خيارات.. أدرك “مالك المعلمي” ذلك فاستوطن “القاهرة”

السياسية - Wednesday 27 January 2021 الساعة 12:00 pm
القاهرة، نيوزيمن، خاص:

بلد مفتوح ومدينة تعج بالحياة تلك هي القاهرة. يقول المعلمي أجمل ما فيها تعدد خيارات السكن وأسعار المواد الضرورية والفواكه والخضروات والمواصلات.

تلك أمور أبقت مالك المعلمي في العقد الثالث من عمره على أمل، وإن كان حلمه العودة للوطن ومعانقة مدنه وتحقيق أحلامه التي راكمها طوال سنوات في أزقة صنعاء وجامعتها، حتى صارت جبلًا التهمته نيران الحرب.

شخصية عصامية تكافح من أجل أن تظل متصالحة مع النفس وعزتها وأن تكون قريبة من الواقع بكل قساوته ولحظاته السعيدة.

تخرجتُ من كلية اللغات قسم لغة عربية في 2013، بعدها بعام وقعت الحرب ولا أدري كيف ومن أين هبطت.

يضيف: في صنعاء سابقت الزمن، اشتغلت في أكثر من عمل، كانت أحلامي والتزاماتي كثيرة لكن صدمة الحرب كانت أكبر.

تم قبولي في "جامعة آزال" تحت التدريب 3 أشهر، وتم تثبيتي في الأكاديمية مدرس لغة عربية للأجانب.

الخطوبة أول خطوة قمت بها بعد التوظيف تم الاتفاق على سنة ونصف نرتب أمورنا ثم نبدأ طقوس الزواج.

مرحلة جديدة من المعاناة

اندلعت الحرب قبل أن نفرح بعد توظيفي بشهرين أقفلت الجامعة أبوابها، تم الاستغناء عني، فالأجانب غادروا البلد.

بدأت مشوار البحث، تطوعت في منظمات، كانت الأوضاع تسوء وموعد الزفاف يقترب، غادر أهل خطيبتي خارج البلاد ولم يعودوا، بقيت وحيدًا مع أسرتي، صرفت كل الذي ادخرته، ولم أستطع اللحاق بهم، كان من المستحيل التخلي عنهم.

بعد 3 سنوات، استجمعت قواي. بِعْنا أشياء كثيرة وبدعم والدي سافرنا مصر من أجل أن نفي بالوعد.

منتصف يونيو 2017 كانت رحلتنا إلى القاهرة لحفظ ماء الوجه أمام أهل زوجتي، أكملنا مراسم الزواج، عاد والديّ إلى اليمن بعد 10 أيام، قال لي أبي هذه 100 دولار إيجار شهر والباقي عليك، لم يبق معي سوى الدعاء لك.

تائه في القاهرة

كنت مثل الأعمى لا أدري من أين سأبدأ، لا هناك من سيأخذ بيدي ولا قادر على مزاحمة ملايين البشر هنا، الأسئلة تراودني إما العودة أو مواجهة الحياة، لا خيارات أكثر من ذلك.

كان ذلك قبل أن يصل أحد الأصدقاء والجيران للعلاج وقف معي وشجعني وهو يقول "انتبه تفكر بالعودة إلى اليمن في هذا التوقيت.. ابحث عن رزقك هنا.. تشبث بأي قشة".

كنت أتابع أوضاع البلد، أدركت أن العودة إلى صنعاء أشبه بعملية انتحار في اللحظة الراهنة، فلا كهرباء هناك ولا ماء ولا عمل، لا أمن، لا دولة ولا خيارات. 

جربت حظي في العقارات، عملت في محل "مخبوزات يمنية"، سكنت شقة فارغة أثثتها بالقَطّارة، التحقت بإحدى المدارس اليمنية براتب أقل من 200 دولار.

بدأت تأثيث الشقة، حملت زوجتي بطفلتي الوحيدة "وتين"، منذ الشهر الخامس إلى نهاية التاسع ونحن نخوض مارثون صراع مع المرض، تفرغت للمدرسة والبيت.

كانت الحياة تسير بالشكل الذي تريد هي، وكنا مقتنعين حتى أتت جائحة كورونا أغلقت المدارس فاضطررت للعمل في توصيل الطلبات.

لم أتوقف عند هذا، بل حاولت البحث عن دخل إضافي من خلال مشاوير وخدمات خاصة، لقد استطعت الوقوف، كان الأمر بمثابة التحدي.

يختم المعلمي من مديرية وصاب محافظة ذمار ومواليد صنعاء حديثه بأن هناك أمورا وقصصا واجهها مثل كثير من المقيمين يصعب شرحها أو حتى تفسيرها، سنظل نخبئها للأيام القادمة.

وهناك أمور ليس فيها خيارات كثيرة وقراراتها إما: لا. أو نعم. ولهذا نحن في القاهرة متشبثون بالخيارات التي تجود بها علينا هذه المدينة الواسعة.