الضعف والتعنت والعجز.. ثلاثي فشل أولى مفاوضات رفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات
السياسية - Sunday 29 May 2022 الساعة 06:21 pmفشلت مفاوضات الأردن التي جمعت الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي لبحث رفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات الرئيسية بسبب ضعف الأول وتعنت الثاني وعجز الأمم المتحدة الراعية لهذه المفاوضات.
إعلان الفشل جاء على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي أصدر، أمس، بياناً أشار فيه إلى اختتام جولة أولية من النقاشات بين الطرفين استمرت ثلاثة أيام وأثمرت عن وضع مقترح لإعادة فتح الطرق بشكل تدريجي تضمن آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين.
البيان الأممي لم يحدد الطرق التي سيتم إعادة فتحها، خاصة في ظل تعنت وفد الحوثي الذي ظهر في آخر أيام المفاوضات يرتدي البدلة العسكرية في إشارة إلى أن القوة هو الخيار الوحيد لفتح المعابر والطرق ورفع الحصار عن تعز.
ضعف الحكومة
تجسد ضعف الحكومة خلال دخولها هذه المفاوضات في التنازلات التي قدمتها ممثلة بفتح مطار صنعاء الدولي والسماح بدخول المشتقات النفطية إلى الحديدة دون وجود أي ضمانات لإعادة فتح الطرقات ورفع الحصار عن تعز بموجب الهدنة الأممية الإنسانية التي بدأت في الثاني من أبريل الماضي وتبقت أيام لنهايتها.
ويرى مراقبون أن الحكومة كانت في هذه المفاوضات بموقف ضعف خاصة أن وفدها لم يتضمن ممثلين عن القوى التي مرغت أنوف الحوثيين في الجبهات من القوات الجنوبية ممثلة بقوات العمالقة والمجلس الانتقالي الجنوبي.
يقول مدير إدارة الأخبار في قناة اليمن التابعة للشرعية، توفيق الشرعبي، "فتحوا له ميناء وإيرادات، ومطارا وجوازات ورفض يفتح غير طريق ترابي..!! أرخصتم أنفسكم وقضيتكم ووطنكم وشعبكم، فاسترخصكم الحوثي".
كما أن الحكومة اعتمدت على فريق تفاوضي ينتمي إلى مدينة تعز المحاصرة، وهو ذات الفريق الذي استسلم لتعنت الميليشيات في أولى جلسات المفاوضات من خلال البيان الصادر عن رئيس الفريق عبدالكريم شيبان الذي تحدث فيه عن اقتراح الميليشيات فتح طريق حمير قديم يصل إلى أسفل مدينة صالة وهو طريق وعر.
الحكومة بهذا الفريق تناست أن هناك طرقات رئيسية أخرى يحتاج فتحها لتسهيل تنقل المواطنين بين المحافظات، كالطريق بين العاصمة عدن وتعز والضالع وإب والضالع وذمار، وهو ما جعلها محصورة في الحديث عن رفع الحصار عن تعز وأعطى فرصة لفريق الميليشيات الحوثية للظهور بمظهر أكثر شمولية، الأمر الذي عكسته تدوينات القيادات الحوثية التي تحدثت عن اقتصار وفد الحكومة على مناقشة رفع الحصار عن تعز.
تعنت ذراع إيران
تعنت ميليشيا الحوثي بدأ منذ اللحظات الأولى عند إعلانها أسماء ممثليها الذين ينتمون للتيار المتشدد الرافض للسلام والمطالب باستمرار الحرب.
وترأس وفد الميليشيات عبدالله الرزامي القائد العسكري للميليشيات والمسؤول عن كتائب "الحسين" أقوى فرقة قتالية لدى الميليشيات وتتبع الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر.
ووفق المعلومات الواردة من غرفة المفاوضات، فقد رفضت الميليشيات مناقشة أي تصورات أو مقترحات تقدم بها وفد الحكومة بشأن الطرقات المطلوب فتحها، وأصرت على وضع مقترحات لطرق ومعابر ضيقة وتقع تحت سيطرتها النارية.
وعززت الميليشيات موقفها المتعنت بظهور أفرادها في آخر أيام المفاوضات وهم يرتدون البدلات العسكرية للجيش اليمني، وهو ما اعتبره المتابعون رسالة واضحة مفادها: "إما نحكمكم أو تحكموننا والميدان هو الحل الوحيد".
يقول الصحفي ماجد الداعري، "وفد الحوثي المفاوض بالأردن يرتدي لباسه العسكري لإيصال رسالة تصعيد مبطنة للعالم بأنهم رجال حرب وجاءوا من الجبهات لوضع شروطهم في مسائل عسكرية وليس مجرد مناقشة تفاهمات لفتح معابر إنسانية بتعز!".
وتساءل "هل فهمت الشرعية والأمم المتحدة من يقف حقيقة وراء محاولة إفشال الهدنة والخلط بين القضايا الإنسانية والأمور العسكرية لاستمرار الحرب وإفشال أي جهود للسلام والتوافق الوطني باليمن؟".
عجز أممي
أما عجز الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، فظهر من خلال عدم قدرته الضغط على الميليشيات الحوثية لمناقشة مقترحات وتصورات وفد الحكومة على الأقل، أسوة بضغطه على مجلس القيادة الرئاسي من أجل فتح مطار صنعاء الدولي واعتماد وثائق السفر الصادرة من مناطق ميليشيا الحوثي الإرهابية.
والعجز الأممي ليس بجديد، حيث كان سيد الموقف خلال تطبيق بنود اتفاق السويد والهدنة الإنسانية التي شارفت على الانتهاء.
ويرى محللون سياسيون، أن هذا العجز هو ذريعة أممية للتغطية على دعمها غير المباشر للميليشيات الحوثية من أجل استمرار الحرب.. مستغلة التجاوب المستمر من الحكومة الشرعية والتحالف العربي الراغبين بإيقاف الحرب وإحلال السلام.
وتجسد عجز الأمم المتحدة في البيان الصادر عن مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، والذي رفض الاعتراف بفشل المفاوضات والكشف عن الطرف المعرقل، واكتفى بسرد تفاصيل فضفاضة عن ما أسماه انتهاء الجولة الأولية من المفاوضات.
بيان غروندبرغ لم يتضمن أي تفاصيل مفهومة وقال إن هناك اقتراحاً لإعادة فتح الطرق بشكل تدريجي، وهو ما يعطي الميليشيات الحق في عدم تنفيذ ما خرجت به المفاوضات كونه مقترحاً وليس اتفاقاً ملزماً.
وحاول المبعوث الأممي إظهار هذه المفاوضات الفاشلة بإنها اختراق جديد للوضع السياسي، لكن المتابعين للشأن المحلي يرون أنه فشل جديد يضاف إلى الفشل الأممي في تحقيق أي ضغط على الميليشيات الحوثية من أجل تحقيق السلام.