تقرير يسلط الضوء على حرب "القاعدة" ضد رموز الصوفية بحضرموت
السياسية - Friday 02 September 2022 الساعة 10:40 amسلط تلفزيون "أخبار الآن" الضوء على الصراع بين رموز الصوفية وتنظيم القاعدة في اليمن، مستشهدا باختطاف التنظيم الداعية الصوفي طاهر العطاس، العام الفائت أثناء عودته إلى منزله من صلاة الفجر في محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد.
وقال "الآن" في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، إن الداعية الإسلامي علي الجفري أعلن –وقتها- عن اختطاف الدكتور العطاس، محملاً المحافظ والمنطقة العسكرية الأولى مسؤولية عودته إلى أسرته، مشيرًا إلى أن الخاطفين توجهوا إلى مناطق تقع تحت نفوذ المنطقة العسكرية الأولى الموالية لتنظيم الإخوان المسلمين.
ولفت أن حادثة اختطاف العطاس ليست الأولى، التي ينفذها مجهولون تستهدف الطلاب والعلماء الصوفيين، خصوصًا الطلاب والعاملين في دار المصطفى، فقد تم اختطاف الداعية عبدالله مولى الدويلة في نهار الأربعاء 30 من أغسطس/آب 2017، وهو أحد العاملين في دار المصطفى، وبعد حادثة الدويلة بأشهر قليلة، أعلن دار المصطفى في 31 أكتوبر/ تشرين الثاني عن عملية اختطاف أخرى، قام بها أربعة أشخاص ملثمين يرتدون ملابس عسكرية، لأحد طلاب الدار من الجنسية الاسترالية.
وأضاف إنه منذ بداية الصراع المسلح باليمن في 25 مارس/ آذار 2015، تعرضت الجماعات الصوفية لعمليات استهداف ممنهجة في أوقات متفاوتة، كانت دائمًا ما تُقيد ضد مجهول.
وذكر التقرير أن هذه العمليات باغتيال الشيخ حسين العيدروس إمام جامع الحزم في مدينة شبام، والذي قُتل على يد مسلحين مجهولين يتبعون تنظيم القاعدة في 19 يونيو/ حزيران 2015، حينها لم تعلن أية جهة أو مؤسسة تعليمية تابعة للصوفية موقفها من هذه الأعمال، مكتفية بالصمت حيال ما يقوم به عناصر التنظيم.
وبعد عملية اغتيال العيدروس، في 13 سبتمبر/ أيلول 2015، أقدم تنظيم القاعدة والذي كان يسيطر على مدينة المكلا، على تدمير وهدم أكثر من 10 أضرحة وقِباب ومزارات صوفية بالمتفجرات، بالإضافة إلى نبش قبور رموز دينية وإخراج رفاتهم، يأتي ذلك بعد خطاب التنظيم الذي هدد فيه بهدم كل معاقل الصوفية، ودعا لتجنيد متطوعين لهذه المهمة، حيث يرى التنظيم أن هذه المزارات تدعو لـ"الشرك بالله".
وتضم سيئون وتريم، مئات الأضرحة التي تعود إلى رموز وعلماء دين، وتقام حولها فعاليات خاصة، وبقيت لمئات السنين من دون أن تتعرض لأي سوء.
ولفت التقرير إلى أن ما قام به تنظيم القاعدة من استهداف الأضرحة والرموز الدينية في المكلا، كان أشبه ما قام به (تنظيم الدولة الإسلامية) "داعش" في العراق وسورية من استهداف وتدمير للآثار التاريخية والتماثيل التي تعود لشخصيات كبيرة.
إصرار مُبيَّت
ونقل عن أحد المقربين، أن الداعية طاهر العطاس كان قد تلقى تهديدًا بالقتل من تنظيم القاعدة في حضرموت، وذلك بسبب نشاطه الدعوي الذي يقوم به من خلال عمله في دار المصطفى للدراسات والعلوم الإسلامية، والذي يعمل على نشر الدعوة الإسلامية التي تتسم بالوسطية والاعتدال داخل اليمن وخارجه، ويعتبر دار المصطفى من المراكز الإسلامية ذات الطابع الصوفي التي تستقطب الطلاب من مختلف أنحاء العالم لدراسة العلوم الإسلامية واللغة العربية.
وأشار إلى أنه بعد حادثة اختطاف طاهر العطاس بشهر ونصف، تحديدًا في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2021، قام مجهولون باختطاف عبدالباري سالم العطاس وحبشي عمر الحبشي، أثناء تواجدهم في مديرية حورة ووادي العين التي تبعد 100 كيلومتر عن مدينة تريم، وحتى اللحظة لا تعلم عائلة العطاس أي أخبار عن المُختطفين، وتُعد عائلة آل العطاس، من كبار العائلات الهاشمية والوجاهات القبلية في محافظة حضرموت.
ونوه التقرير أنه في ظهيرة 28 من يونيو الماضي، فشلت عصابة مسلحة من اختطاف الشيخ محمد بلفقيه، بعدما حاولت استدراجه للخروج من منزله بمدينة تريم، وبعدها باشرت بإطلاق النار على المنزل، قبل أن يرد عليها أحد أبنائه بإطلاق النار على الخاطفين من سلاحه الشخصي، الذين فروا من المنطقة حينها.
ما وراء الصراع
وعن انتهاكات عناصر تنظيم القاعدة ضد رموز الصوفية في حضرموت، قال الصحفي اليمني محمود العتمي في مقابلة مع "أخبار الآن" إن دعاة الصوفية المتواجدين في حضرموت لم يجد اليمنيون منهم إلا كل ما هو جيد، ولكن في الفترة الأخيرة وبعد أن عجزت ميليشيا الحوثي الموالية لإيران عن الدخول إلى حضرموت، استغلت موضوع تواجد القاعدة هناك وقامت بتجنيدها، وبدأ موضوع اختطاف دعاة الصوفيين مثل طاهر العطاس ومشايخ آخرين.
وأضاف العتمي: "في ملابسات اختطاف العطاس نرى أن القاعدة ظاهرياً تدعي معاداة الصوفية، وبهذه الذريعة اختطفوا العطاس واعتقلوا وقتلوا بعضاً من طلابه، ولكن في الحقيقة هي رسالة سياسية من أجل وضع بساط للحوثي للدخول إلى هذه المناطق ومحاولة تجنيد أبناء المناطق التي يتواجد فيها أبناء الأسر الهاشمية والوصول إلى المجتمع الحضرمي وإجبار الصوفيين على قبول الحوثيين".
وعن سبب استهداف عناصر القاعدة للدعاة الذين يعملون في دار المصطفى، أوضح العتمي: "دار المصطفى هو دار دعوي يدرس العلوم الشرعية الصوفية بعيداً عن التطرف والتعصب الديني، وله قبول واسع وانتشار كبير في كثير من الدول، وهذا الأمر قد يؤرق الجماعات المتطرفة".