"مُكحل" إب و"مهسا" طهران.. مخاوف الحوثي من المصير الإيراني
تقارير - Sunday 26 March 2023 الساعة 12:48 pmعشية الذكرى الثامنة لاندلاع الحرب، جدد زعيم جماعة الحوثي، الذراع المحلي لإيران في اليمن، تكرار عباراته التي يوردها في كل خطاب سنوي لهذه الذكرى، بالتأكيد على قدرة جماعته في الاستمرار بخوض الحرب لأعوام قادمة.
إلا أن الجديد في خطابه بالذكرى الثامنة، كان حديثه عن حرب جديدة، لا علاقة لها بالحرب العسكرية على الجبهات ضد القوات التابعة لمجلس القيادة الرئاسي أو بالمواجهة مع التحالف العربي الداعم لهذه القوات، بل حرب داخلية ضد المجتمع في مناطق سيطرة جماعته.
حيث تحدث زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطابه السبت، عن ما أسماها "إثارة الفتنة في الداخل واستهداف أمن البلد"، واعتبر بأن ذلك "جزءا من العدوان"، متوعداً بالقول: إذا كان ذلك من خياراته فسنتعامل معها كحالة حرب.
إثارة الفتنة التي يتحدث عنها زعيم الجماعة، يُقصد بها مشهد الجنازة الغاضبة التي شهدتها مدينة إب الجمعة، للشاب حمدي الخولاني الملقب بـ"المُكحل" والذي توفي تحت التعذيب على يد مليشيات الحوثي، بسبب انتقاداته اللاذعة للجماعة في مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبشكل عفوي تحولت الجنازة إلى تظاهرة غاضبة في شوارع المدينة تهتف بأن "الحوثي عدو الله" مع تمزيق شعارات الجماعة الطائفية، في مشهد تابعه مئات الآلاف من اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي عبر البث المباشر للجنازة أو من عشرات المقاطع المصورة التي نشرت للجنازة.
مشهد وصفه مراقبون ومتابعون بأنه الأكبر لتحرك شعبي غاضب ضد جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها منذ 8 سنوات، ما يفسر السبب وراء تهديد زعيم الجماعة بأنها ستتعامل مع الأمر كـ"حالة حرب" في خطابه السبت، وتحريض أنصاره على "مواجهة مثيري الفتنة في الداخل".
وعيد زعيم جماعة الحوثي وتهديداته بالعنف المفرط تجاه أي تحرك داخلي، يعكس حجم الرعب في صفوف الجماعة من تكرار مشهد الاحتجاجات الشعبية التي تعصف بالنظام الإيراني من فترة إلى أخرى، وكان آخرها الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر من العام الماضي عقب وفاة شابة تدعى مهسا أميني على يد الشرطة الإيرانية.
وعلى عكس الاحتجاجات السابقة، شكلت الاحتجاجات الأخيرة التي امتدت على طول الخارطة في إيران تهديداً حقيقياً للنظام الإيراني، تجسد ذلك بهتافات الشباب والمراهقين بالموت لرمز النظام المرشد "خامنئي"، وقيام العشرات منهم بإسقاط ما تعرف بالعمامة من على رؤوس رجال الدين في الشوارع، وهو ما يمثل رسالة بالغة بإسقاط المشروعية الدينية التي يقوم عليها نظام ولاية الفقيه.
التهديد الحقيقي الذي مثلته احتجاجات الشباب والمراهقين الإيرانيين، كان التأكيد على فشل النظام الإيراني على مدى 40 عاماً في تدجين المجتمع بمشروعه الطائفي والمذهبي ومحاولاته إضفاء طابع القداسة الدينية عليه، مع فشل كل محاولات الترهيب والعنف المفرط للنظام في قمع رغبة المجتمع الإيراني في استعادته دولته المدنية.
تداعيات الاحتجاجات في الداخل الإيراني إلى جانب عوامل أخرى كالانهيار الاقتصادي، مثلت الدافع للنظام الإيراني إلى محاولة التخفيف من قائمة الأعداء التي صنعها لنفسه خلال العقود الماضية، وتجلى ذلك بالاتفاق مطلع هذا الشهر على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية برعاية صينية، في خطوة مفاجئة للعالم ولأذرع النظام في المنطقة ومنها جماعة الحوثي.
اتفاق مفاجئ عكس حجم الأزمة الداخلية التي يعاني منها النظام الإيراني، وإدراكه لاستحالة المضي في معاركه الخارجية في ظل وجود مواجهة داخلية مع الشعب الإيراني، وهو ما تخشى جماعة الحوثي من الوصول إلى ذات المصير، بعد أن أثبت مشهد جنازة "المُكحل" فشلها كما أثبت مقتل "مهسا" فشل النظام الإيراني الراعي لها.