طريق الكدحة.. شريان حيوي بتمويل إماراتي يكسر حصار تعز

السياسية - Monday 24 April 2023 الساعة 10:30 am
تعز، نيوزيمن، خاص:

يمر المواطن محمد عادل، بشكل دوري أثناء نقله للبضائع على متن سيارته القادمة من مدينة المخا الساحلية، غرب محافظة تعز، صوب مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم التي تعاني من حصار خانق على يد ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، منذ 8 سنوات.

9 منافذ رئيسية، كانت تصل سابقاً قبل الحرب إلى محافظة تعز من عدة محافظات حيوية أهمها محافظتا الحديدة ولحج المجاورتان. إلا أن الميليشيات عمدت إلى إغلاقها في وجه المسافرين وحركة نقل البضائع والاحتياجات الضرورية. حصار داخلي عزل مدينة تعز وحرم سكانها مت إمدادات الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية. عقاب جماعي لم تشهده أية محافظة يمنية على مدى سنوات في ظل صمت وتجاهل أممي ودولي لإنهاء هذه المعاناة التي كلفت أبناء المحافظة الكثير.

معاناة لسنوات

يقول سائق الشاحنة محمد عادل لـ"نيوزيمن": على مدى سنوات، عانى سائقو المركبات والشاحنات، صعوبة في الوصول إلى وجهاتهم إلى المناطق المحررة في تعز، فهم يقطعون طرقا غير مؤهلة ومحفوفة بالمخاطر بعد إغلاق الحوثيين لجميع الطرقات الرئيسية والفرعية التي تربط المحافظة من عدة جهات، مشيرا إلى أن الحوثيين فخخوا الطرقات الرئيسة والفرعية وفجروا العبارات والجسور كما مارسوا عمليات القنص والاستهداف والابتزاز لكل المارين في المنافذ التي تم استحداثها للوصول إلى وجهاتهم.

وأضاف عادل: أنا أقوم بنقل البضائع من عدن إلى تعز منذ نحو 12 عاماً، كنت أقوم في الأسبوع الواحد بأكثر من عملية نقل، فأنا أعيل أسرة مكونة من 7 أشخاص، وتحتاج للكثير من المصاريف، وكانت حياتنا ميسورة الحال. ولكن بعد حصار تعز، وسلكي طرقات وعرة وغير آمنة أصبحت أقوم بعملية واحدة في الأسبوعين، وبعض المرات في الشهر، ناهيك عن نقاط الجباية التي تنتشر في تلك الطرقات غير الآمنة والتي تستنزف منا أموالا كبيرة لتأمين وصولنا ووصول البضائع التي بحوزتنا، وهذا يكلف التاجر ومالك البضائع الكثير من الأموال التي يتم أخذها من المواطنين عبر رفع الأسعار.

طريق الكدحة.. نافذة حياة 

مؤخرا وتحديدا في شهر أكتوبر من العام الماضي، تم الإعلان عن البدء بتنفيذ مشروع طريق "الكدحة"، الذي يربط الساحل الغربي بمدينة تعز، بعد أن تم تأمين هذا الممر الهام ليكون نافذة حياة لجميع أبناء محافظة تعز وما جاورها من مناطق محررة. وأصبح هذا الخط الوعر وغير المعبد معبرا آمناً للمسافرين وشاحنات نقل البضائع والمؤن من وإلى تعز. 

أهمية الطريق وحيويته، دفع بالأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تبني مشروع استراتيجي عاجل من أجل تعبيد الطريق، ضمن سلسلة من المشاريع الاستراتيجية التي يجري تمويلها في عدة محافظات يمنية محررة.

يبلغ طول الطريق نحو 55 كيلومتراً، ويصل من مناطق محررة في تعز إلى مدينة المخا الساحلية غرباً، حيث يمر الطريق عبر مديريتي الوازعية والمعافر وصولاً إلى البيرين والمخا. يبلغ تكلفة المشروع نحو 7,7 مليون دولار. 

يشهد الطريق حركة نشطة من قبل الفرق الفنية والهندسية، حيث يسابق العاملون فيه الزمن من أجل إنجازه في أسرع وقت بالرغم من صعوبة التضاريس التي يمر بها الطريق، من جبال وعبّارات وممرات سيول.

ووفقا لتصريحات مهندسين يعملون في المشروع، يضم الطريق 68 جسرا لتصريف مياه السيول والأمطار منها 63 جسرا حجريا تتفاوت أبعادها من منفذ إلى 3 منافذ ويبلغ طول مدماكها من متر ونصف إلى 3 أمتار، فيما لجأ المهندسون للجسور الخرسانية طويلة الأبعاد في 5 مواقع. 

أهمية استراتيجية 

يكمن أهمية الطريق الجديد، في عدة اعتبارات إلى جانب كونه ممراً آمناً وطوق النجاة للسكان المحاصرين والمدنيين الذين تكبدوا معاناة ومشقة طيلة 8 أعوام ماضية، فالطريق سيكون نافذة اقتصادية وتجارية كبيرة لمحافظة تعز التي سترتبط بالساحل الغربي عبر هذه الطريق خصوصا مع الحركة الاقتصادية والاستثمارية المتصاعدة في مدينة المخا على وجه التحديد.

ووفقاً لخبراء اقتصاديين فإن إنشاء هذا الشريان الحيوي سيسهم بشكل كبير في انتعاش الحركة التجارية والاقتصادية، وسيكون جسراً يربط المناطق الداخلية في تعز والمحافظات المجاورة لها، بنشاط الميناء والمطار الدولي الذي يجري إنشاؤه في المخا ليكون نافذة جديدة للمحافظات المحررة باليمن.

وأشاروا إلى أن مدينة تعز من أكبر المحافظات تعدادا للسكان وللأنشطة التجارية والبضائع، إلى جانب امتلاكها ثروة زراعية كبيرة. وهذا سيكون له تأثير كبير في الحركة التجارية القادمة عبر ميناء المخا، الذي سيستعيد دوره القديم كمنفذ تجاري بحري هام على البحر الأحمر وقربه من مضيق باب المندب الدولي.

مشروع يسابق الزمن

عند زيارتك للطريق وما تجري فيه من أعمال إنشائية وتعبيد، تلاحظ مدى الجدية على إنهاء هذا الشريان الحيوي في وقته المحدد في أكتوبر القادم. حركة نشطة وكأنها خلية نحل لا تتوقف ولا تكل ولا تمل من أجل إنجاز المشروع الذي يمثل هدية إنسانية من قبل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، الذي وجه بإنجار الطريق خدمة للملايين من أبناء تعز واليمن.

عشرات الآليات الثقيلة والمتوسطة التي تنتشر على طول مسار الطريق، وتمارس عملها بشق الجبال وتكسير الصخور وتعبيد ما يتم تجهيزه، ما يجري في الطريق أعمال تسابق الزمن، وسط متابعة وإشراف مباشر من قبل عضو مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، العميد طارق صالح، الذي يتابع سير الأعمال فيه.

وفي تصريح لمهندس مشروع طريق الكدحة، معاذ خالد، أكد أن الأعمال متواصلة من أجل تعبيد الطريق وإنهاء كل العقبات التي تعترضه، وقال إن المشروع يسير في خطوط متعددة، بينها فرق تكسير الصخور والجبال، وأخرى للردم والتعبيد، وكل فريق يكمل الآخر ويسيران في خط واحد من أجل إنجازه في الوقت المحدد، موضحا أن نسبة إنجاز المشروع تصل إلى نحو 50 بالمئة.

وأشار إلى أن هناك صعوبات كبيرة تواجه تشييد طريق الكدحة، إلا أنه تم التغلب عليها، في ظل المتابعة الحثيثة والمستمرة من قبل العميد طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية، وكذا قيادة محافظة تعز ممثلة بالمحافظ نبيل شمسان وغيرهم ممن يحرصون على جودة العمل وتجهيز الطريق الذي يعد اليوم طريقا رئيسا وهاما لمحافظة تعز.

بسمة وفرحة ارتسمت على وجوه كل من يمر في الطريق خصوصا سائقي الشاحنات، فالممر أصبح آمناً لمرورهم بعد سنوات من الإغلاق وصعوبة السير عبر الطرقات الوعرة التي انتهجها الحصار الحوثي لتعز، والتي كانت تنتهي بانقلاب الشاحنات وتلف البضائع التي تحملها.