ترهيب وضغط وحرمان.. القاضي قطران في مواجهة إجرام الحوثي من داخل المعتقل
تقارير - Sunday 05 May 2024 الساعة 12:09 pmمنذ ما يزيد عن 120 يوماً، يقبع القاضي عبدالوهاب قطران داخل زنزانة انفرادية في سجن المخابرات التابع للميليشيات الحوثية في صنعاء. وسط ممارسات وانتهاكات بشعة يتعرض لها القاضي على خلفية منشورات حقوقية على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي.
وضع صعب يمر به القاضي، الذي يتعرض للترهيب والإهانة والحرمان من أبسط الحقوق منذ اللحظات الأولى لاعتقاله عقب اقتحام منزله وترهيب أفراد أسرته الذين لا يزالون ينتظرون زيارته والاطمئنان على صحته عقب معلومات مؤكدة بنقله إلى أحد المستشفيات في صنعاء لتلقي العلاجات عقب تدهور صحته بسبب الحرمان من الرعاية والأدوية داخل السجن.
بحسب منشور لنجل القاضي قطران، أكد أن والده بات يتمنى الموت يومياً جراء ما يتعرض له من تعذيب وترهيب داخل سجن المخابرات في صنعاء، لافتاً إلى تعرضه لانتكاسة صحية وتم نقله إلى أحد المستشفيات للعلاج بسبب تدهور وضعه.
حرمان الرعاية
القاضي قطران -بحسب ما نقله نجله- قال إن الحوثيين يتعاملون معه وكأنه مجرم خطير وزعيم تنظيم إرهابي، ولا يراعون أنه قاضٍ ولديه حصانة، والدستور والقانون تكفلا بحمايته، موضحاً: "عقب تعرضي للوعكة الصحية الشديدة، تم أخذي بالأصفاد "الكلبش" ووضع غطاء على عيني وعلى رأسي، ونقلوني إلى أحد المستشفيات، دون السماح بإعطاء اسمي للدكتور أو لقبي، وكأني مجرم تم أخذه إلى ساحة الإعدام وليس للفحص والعلاج".
وأضاف: إن الدكتور قرر له قبل 12 يوماً، أدوية ومرهماً ونظارة، وإلى اليوم ترفض الميليشيات الحوثية صرفها، باستثناء علاج تنظيم دقات القلب، مشيراً إلى أن الوضع الذي يمر به يدفعه يومياً لتمني الموت من العيش في هذا العذاب. وقال قطران: "الموت أعز لي من هذه الحياة، وباطن الأرض خير من ظاهرها".
ضغط وترهيب
وأورد القاضي عبدالوهاب قطران جزءاً بسيطاً من فصول التعذيب الذي يتعرض له داخل السجن منذ اعتقاله بصورة تعسفية وغير قانونية من منزله، مشيراً إلى أنه تعرض للتحقيق أكثر من 20 جلسة وهو معصوب العينين ومقيد اليدين وكأنه مجرم.
وقال: "تم ممارسة ضغوط كبيرة أثناء جلسات التحقيق لأجل إجباري على الاعتراف بتهم، بينها ارتباطي بخطوط خارجية وسعي للانقلاب عليهم، وأن أحد المخططين مرتبط بتلك الشبكات التخريبية"، مضيفاً: "في كل جلسة يتم مطالبتي بالاعتراف مع من أعمل ومع من مشترك وغيرها من الاتهامات التي يتم تأليفها".
وأضاف قطران: "لا أعرف ماذا يريدون مني، اقتحموا بيتي ثلاث مرات واعتقلوني، وأخذوا أرضي في البلاد، واعتقلوا اخوتي واقتحموا بيوتهم، يحاربوني وجوعوني وآخر شيء يفتشوا بيتي ثمان ساعات، يستبيحوا خصوصياتي، ويستدعون جيراني يدخلوهم يشهدوا عليّ بتهمتهم الملفقة، أخذوا تلفوناتي وذواكري واجهزتي وشوهوا بسمعتي، وبعد هذا يضعوني بسجن انفرادي شهر ونص".
وتابع: "يمارسون علي الضغط بشكل رهيب وبطرق قذرة، ويهددوني بأقراص "سيديهات" لي سينشرونها، وأنهم يراقبون بيتي منذ سبعة أشهر، وأنهم سمعوا كل ما يدور فيه، وأنهم عارفين بكل ما يدور في بيتك وأن لديهم كل أسراري وخصوصياتي".
انتفاضة قضائية
أواخر أبريل الماضي، أمهلت الجمعية العامة لنادي القضاء في صنعاء، ميليشيا الحوثي أسبوعا لإطلاق سراح القاضي عبدالوهاب قطران، وسط تحذيرات باحتجاجات تصعيدية لمواجهة الإجراءات التعسفية التي يتعرض لها القاضي منذ اعتقاله مطلع يناير الماضي.
مهلة نادي القضاء انتهت فعلياً في 28 ابريل، دون أي استجابة من قبل الميليشيات الحوثية التي تصر على استمرار اختطاف القاضي قطران وانتهاك حصانته القضائية بذلك الشكل المهين والمذل لكل القضاة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة. بحسب البيان توعد النادي بخطوات تصعيدية إذا لم تجرِ الاستجابة لمطالبهم، ومع مرور أسبوع على انتهاء المهلة لم يعلن النادي أي خطوات تصعيدية.
بحسب مصادر في الجمعية العمومية لنادي القضاء بصنعاء، فإن الميليشيات الحوثية ماضية في انتهاكاتها بحق القاضي قطران والانتقاص من هيبة السلك القضائي، مشيرة إلى أن قيادات حوثية بارزة أجرت خلال الأيام الماضية اتصالات مكثفة مع قيادات قضائية بارزة في النادي توعدت باتخاذ إجراءات بحق النادي والقضاة الذين سيشاركون في أي تصعيد أو محاولة لتعطيل مرافق القضاء.
وأشار إلى أن النادي بصدد عقد اجتماع استثنائي من أجل مناقشة الخطوات التصعيدية التي توعد بها، إلا أن تدخلات حوثية تحول دون عقد الاجتماع حتى اللحظة. ورجح المصدر اتخاذ قرارات تصعيدية تبدأ برفع الشارات الحمراء يليه الإضراب الجزئي والتوقف عن العمل وغيرها من الإجراءات التي سينفذها نادي القضاء للضغط على الميليشيات الحوثية لأجل الإفراج عن القاضي عبدالوهاب قطران.
وتؤكد الجمعية العمومية لنادي القضاة اليمنيين في صنعاء، في بيانها الأخير، أن ما قامت به الميليشيات من مهاجمة منزل القاضي قطران وانتهاك حرمة مسكنه وتفتيشه واعتقاله وأخذه إلى السجن واستمرار حبسه منذ أكثر من 3 أشهر، جاء دون وجود أوامر قضائية أو إذن مسبق من مجلس القضاء، ودون وجود حالة تلبس، وأيضاً دون وجود إذن باستمرار حجزه، موضحة أن تلك الإجراءات تعد جريمة انتهاك حرمة مسكن بقوة السلاح مكتملة الأركان، وجريمة قيد حرية، وجريمة استعمال نفوذ، وجريمة انتهاك غير مسبوقة لاستقلال السلطة القضائية".
ووفق البيان، فإن قيام الحوثيين بعد ارتكاب المخالفة المهنية الجسيمة بالضغط على قيادة السلطة القضائية، واستغلال ضعفها وهشاشتها لرفع الحصانة عن القاضي قطران، وإصدار أوامر قبض وتفتيش وحجز لاحقة لارتكاب الواقعة... يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القضاء اليمني أصبح منتهك السيادة والاستقلال، وهو ما يؤثر سلباً على أداء رسالته المقدسة لإنصاف المستضعفين وتحقيق العدل.