جملة تكتيكية تتكرر مع المطار بعد الميناء: الحوثي يهدد وغريفيث يضغط

السياسية - Thursday 06 December 2018 الساعة 10:28 pm
المخا، نيوزيمن، كتب: أمين الوائلي:

يعتبر مارتن غريفيث، أن مجرد جمع الوفدين اليمنيين في السويد "يعد خطوة مهمة"، كما قال في المؤتمر الصحفي في ستوكهولم اليوم الخميس.

وأمام الملفات الكبيرة والقضايا الخلافية الشائكة التي تطرحها المصادر الأممية كمواضيع تناقشها الجولة الحالية من المحادثات غير المباشرة في السويد، يصعب الذهاب في التوقعات أبعد من "إنجاز" جمع الطرفين.

يطرح غريفيث ومساعدوه ملفات: مطار صنعاء، والبنك المركزي والمرتبات، وميناء الحديدة، والأسرى، كعناوين قضايا مطروحة للنقاش والبحث.

وإليها تضيف مصادر يمنية شرعية، على استحياء، حصار تعز.

* جدال عن الحديدة

أما المبعوث الأممي والأمم المتحدة ووكالاتها ومسئولوها، فلا يذكرون تعز المحاصَرة منذ أربعة أعوام. مقابل تفريغ الأولويات جميعها لمدينة وميناء الحديدة، وللمليشيات المهددة بالطرد.

في اليوم الأول، كان غريفيث يجادل صحفياً سأله بهذا الشأن، وقال إن الأمم المتحدة تحاول الإبقاء على القناة (الميناء) التي تحافظ على حياة اليمنيين.

جميع الموانئ اليمنية مشرعة ومتاحة، لكن غريفيث ووكالات منخرطة في الجهد السياسي نفسه، لا الإنساني أو الإغاثي، قرنوا حياة ملايين اليمنيين بقناة ورصيف من المتحتم أن تبقى تحت سيطرة انقلابيين لا يحبهم أهل الحديدة ولا أهل تهامة، وتحبهم السياسة البريطانية.

وقال غريفيث، إنه لا يتفق (تماماً) مع الفكرة القائلة، إن الأمم المتحدة تحاول إيقاف الحرب في الحديدة لإنقاذ الحوثيين.

في الواقع هذا بمثابة تأكيد، فالاتفاق (تماماً) أو قليلاً حتى لا يقوم مقام الواقع.

لقد أنقذوا الحوثيين ويواصلون حمايتهم وابتزاز المجتمع الدولي بالشعارات الإنسانية ومعاناة اليمنيين، ولم يحركوا ساكناً لمدنيين محاصرين وتحت القصف في تعز على مدار أربع سنوات.

ما تفعله المليشيا في الحديدة منذ تدخل غريفيث، وفي الأثناء بنشاط زائد، من اقتحامات واعتقالات واستيطان مسلح لمنازل ومنشآت حيوية وصحية ونشر ونصب أسلحة ثقيلة ومدفعية وتعميم قاذفات صواريخ الكاتيوشا، وغيرها من مظاهر التصعيد والاستثمار المضاعف لتهدئة وهدنة غريفيث في تعزيز القبضة الأمنية وزج التعزيزات والعتاد وتفخيخ المدينة والأحياء السكنية، تفيد (تماماً) بأنهم حصلوا ويحصلون على إنقاذ خارجي غربي بقفازات أممية.

* ومقال للحديدة

ليست تصريحات غريفيث للصحفيين في أولى فعاليات اجتماع السويد وحدها تتحدث عن الحديدة باهتمام كموضوع أول. في اليوم نفسه نشرت له نيويورك تايمز مقالة تزامنت مع انطلاق المشاورات، عبأها بالحديث عن الحديدة والميناء والمجاعة المحدقة باليمنيين في حال لم يترك الميناء للحوثيين، أو كاد أن يقولها هكذا.

وكتب غريفيث، "أؤمن بأن لقاء الأسبوع الجاري في السويد بإمكانه جلب أنباء سارة للحديدة وللشعب اليمني... الحديدة كانت نقطة بارزة في الحرب (…) وانخفض تعداد سكانها إلى 150.000 بفعل القتال العنيف".

وتابع: "عملنا على التوصل لاتفاق عن طريق التفاوض لتجنيب المدينة ومينائها خطر الدمار.. التوصل لمثل ذلك الاتفاق سينقذ المنفذ الإنساني الرئيسي من الدمار أو التعطيل، وبالتالي إبعاد شبح المجاعة المحدق".

ميناء الحديدة بيد الحوثيين يساوي لدى المبعوث البريطاني الأممي إبعاد شبح المجاعة عن ملايين اليمنيين"، إلى هذا الحد يقاتل عن قضيته الخاصة، وعن الحوثيين.

السلطة الشرعية تستطيع أكثر وأقدر وأكبر من الحوثيين على إدارة وتشغيل الميناء وخدمة مواطنيها وملايين اليمنيين. وقرارات مجلس الأمن تقرها على حقها هذا.

غير أن قرار غريفيث في هذا الوقت، ومشروع قرار بريطاني لدى مجلس الأمن، لهما رأي آخر.

القضية الثانية في أولويات غريفيث هي مطار صنعاء.

فك المطار لسلطة الحوثيين، وترك الميناء للحوثيين. ثم صرف مرتبات الموظفين الذين صادر الحوثيون مرتباتهم وإيرادات محافظاتهم.

ماذا على الحوثيين الانقلابيين في المقابل؟؟

يقترح الحوثيون بدورهم البحث مباشرة في تشكيل مجلس رئاسي. هكذا مرة واحدة.

لا يزال الوضع على ما هو عليه، دائماً؛ تعطيل القرارات الدولية ومرجعيات الحل وفرض صيغ التفافية بقوة الأمر الواقع. هذا يعني التمكين للمليشيا وفرضها على اليمنيين.

ولكن لابد من الانتظار أكثر، مراعاة لرغبات المشايعين فجأة للتفاؤل بجنوح الحوثي للسلام. ما لم يكونوا قد عزموا على إلغاء الفوارق البيولوجية والموضوعية بين السلام والاستسلام تحت أي اعتبار.

* كل شيء.. ولا شيء

وعود كثيرة وكبيرة يطلقها مارتن غريفيث والبعثة الأممية المرافقة (سكرتارية ومكتب المبعوث الخاص). من الميناء إلى المطار والاقتصاد والبنك والمرتبات.

يتمدد مصطلح إجراءات بناء الثقة ويتسع لكل شيء أحياناً. لم تعد تعرف ما السابق وما اللاحق على بناء الثقة. لا أحد يثق بتعريف محدد.

لا أحد يعرف كيف سيحدث ذلك في ظل مشاورات عن بعد ودون أي لقاءات مباشرة؟

لكن، أيضاً، يضيف مصدر من الأمم المتحدة، بحسب رويترز، إن من المتوقع أن يقوم دبلوماسيون بجولات مكوكية بين الطرفين لبحث خطوات أخرى لبناء الثقة وتشكيل هيئة حكم انتقالية.

الحديث عن تشكيل سلطة انتقالية، وهو موضوع نهائي وأمامه ملفات وقضايا مفخخة تحتاج إلى معجزات وليست معجزة واحدة لبحثها فضلاً عن الاتفاق بشأنها، يقع في فخ الدعاية الموجهة.

وبينما دعت وزيرة خارجية السويد مارجوت فالستروم إلى "محادثات بناءة لإنهاء كارثة في اليمن"، يعد غريفيث بالكثير كما في مقاله الذي نشرته نيويورك تايمز.

وتضاف إليه مسألة اتفاق بشأن الأسرى والمختطفين، وهي كانت موضوع حوار وتفاوض إدارة غريفيث خلال أكثر من شهرين مضيا، وأرادها هنا تبدو وليدة يوم أول من المحادثات، كعلامة نجاح باهر، ورغم ذلك لا معلومات موثوقة، والتضارب كبير في تعريف الأسرى من المختطفين.

وساد لغط كبير وسائل الإعلام العالمية حول تصريحات المبعوث الخاص المتكررة بشأن التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى والمختطفين.

وخلال أسبوع أعلن عن اتفاق بهذه الصيغة، أكثر من ثلاث مرات، كانت آخرها اليوم مع بدء جلسات مشاورات السويد. وتفاوتت الأرقام وأعداد المشمولين باتفاق التبادل، من 1500 إلى 5000 ثم 6000 ليصل الرقم إلى 8000. والرقم مفتوح (تماماً).

* جملة تكتيكية: الحوثي يهدد وغريفيث يضغط

بشأن مسائل، إعادة فتح مطار صنعاء ودعم البنك المركزي وضمان هدنة في ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين "والذي أصبح محور الاهتمام في الحرب" طبقاً لرويترز، قال مصدر بالأمم المتحدة، إن الطرفين ما زالا بعيدين عن الاتفاق على المسائل الثلاث، خاصة بشأن من عليه أن يدير ميناء الحديدة وما إذا كان على الحوثيين مغادرة المدينة بالكامل. وأضاف المصدر ”الحديدة معقدة جداً“.

بالتزامن مع السويد يهدد محمد علي الحوثي بإغلاق مطار صنعاء أمام جميع الرحلات والطائرات بما فيها الأمم المتحدة، ما لم يتم فتح مطار صنعاء.

تبدو هذه جملة تكتيكية محفوظة، وكأنها متفقة (تماماً).

الآن سيضغط البريطانيون وغريفيث على التحالف والشرعية. وبدأت بالفعل تصريحات لمفاوض حكومي تعطي استجابة أولى.

كما هدد الحوثيون بتفجير الميناء لتنشط الضغوط في الاتجاه المقابل، بدلاً من إدانة التهديد بنسف المصالح الحيوية المدنية.

يهدد الحوثيون ويضعون المفاوض الممثل للشرعية تحت الضغط الكثيف من قبل الدوليين والأمميين.

مثلما فعل المبعوث الخاص والدول الغربية التحالف والشرعية والمقاتل اليمني على الأرض في الحديدة تحت الضغط (ويعني التعطيل).

ولا يبدو أن الحوثيين يجدون صعوبة في استخلاص شروطهم بهذه الآلية المشتركة وتثبت فاعليتها مرة بعد مرة.

* على شارعين

يوم الخميس، دشنت المليشيا في مدينة الحديدة مرحلة "التطهير الداخلي" للمدينة، ممن تعتبرهم مرتزقة وعملاء. يعني هذا معظم سكان المدينة المتبقين. إجراء حربي وعسكري وعدائي يستهدف المدنيين بصورة رئيسية ومباشرة. وتحدث الحوثيون بتبجح كيف أنهم أرغموا العالم على الاعتراف بقوتهم، وأعلنوا الانتصار في الحديدة.

الشرعية وداعموها يتركون الجندي المقاتل مكشوفاً وعارياً ومجرداً من المعلومة حتى. يستمع عن قرب إلى مكبرات الصوت الحوثية في الشوارع المقابلة تعلن النصر وتتوعد المدنيين وتمارس كل الاستفزارات حد المدفعية والكاتيوشا.

أن يُفرض على اليمنيين خيار من خارج حسابات السيادة والحق والعدالة والكرامة الوطنية، فلا يجدر بالعالم أن يتوقع ترحيباً من هؤلاء وقبولاً حسناً. 
على الجميع، أن لا يتوهم.