11 فبراير لا تستحق النقاش، وعلينا لو أننا نحب البلد تجاوزها، بل ودفنها وإلى الأبد.
إذا كانت كل هذه الدماء، والجماجم، والمنازل المهدمة وأرواح القتلى والدموع، دموع الذين في السجون، والجوعى، والفارين بأرواحهم، إذا كانت لم تدفن فبراير بعد فهناك خلل، خلل كبير، خلل في الوعي الجمعي الذي يفتقد لبوصلة حقة ترشده إلى الصواب، وإلى أولوياته في استعادة البلد الذي سقط، وسقطنا كلنا معه!
ستخرج إلى الشارع هذه اللحظة وتسأل أي مار هل تتمنى لو أن صالح لا زال حاكمك؟
سوف يجيبك: نعم، أتمنى، يا ليت.
لنتجاوز صالح حتى، كل يمني ستسأله سوف يجيبك ويتمنى لو نصف جمهورية ما قبل 2011 تعود، لو ربعها، لو نزرا قليلا من ذلك العهد، والسلام الوطني.
هنا لا يقصد المواطن عودة صالح، بل عودة كل أركان حكم صالح، القبيلة والأحزاب والسياسات والشخصيات سواء مؤتمرية أو إصلاحية أو ناصرية أو اشتراكية وقبلية..!
يتمنى المواطن اليمني الآن عودة الفساد ورجال الفساد، وإن كانوا فسدة، فهم أهون بكثير مما يحدث الآن، ويستحقون ذلك!
مشكلة عيال فبراير أنهم خرجوا بلا وعي والوعي القليل الذي حصلوا عليه أتى بعد فبراير، وهنا الخلل.
فالثورات يقودها الوعي وبالوعي ينجحن، لا أن يجلبن الوعي..!
أنا أتحدث عما يسمونهم نخبة فبراير من الشخوص الذين لا زالوا يقامروننا بنكبة فبراير، وإلى هذه اللحظة.
حصلوا على خطابهم الحالي بعد الثورة، حصدوا الدكتوراة بعد الثورة، صاروا شعراء وجودوا كتاباتهم بعد الثورة، كل شيء بعد الثورة، فما هو الخطاب وما هي رؤيتهم الوطنية التي قامت عليها الثورة؟ لا شيء.
لذا وبكل برود هذه ليست ثورة، الثورات ينطلقن بمبدأ ووعي وبثوابت وبخطاب مختلف، ووعي طليعة كل ثورة هو الذي يمنح الجيل الجديد وعيه الوطني.
ولكن هنا حدث العكس، الجهلاء قادوا ثورة وبعد ذلك سقطت البلاد كلها وذهبوا يبحثون عن شهادة من الخارج وعن صورة للظهور بمظهر ثوري، يغذي نقصهم الكبير، ويسمونها ثورة.
ثورة قادها حميد الأحمر، وتوكل، والآنسي والزنداني وحسن زيد وعلي البخيتي، وبن مبارك والشامي، ويسمونها برأيهم ثورة!
ثورة جلبت الدبجي وأبو علي وأبو تراب والكهف والمشاط وعلي البخيتي ويسمونها ثورة، أي ثورة يتحدثون عنها؟، أي ثورة؟!
أنا مواطن بسيط، أنا معتقل، أنا أم شهيد، وكل دموع البلاد هذه بعد ما يسمونها ثورة، فلنقل كلنا ضحايا، كلنا خطاء، لنتقاسم الخطأ الذي حدث ولنعيد إصلاح ما خربناه وكفى.
لكني لن أقبل رقصك على جراحي، وتشردي وآلامي، ولا أسمح لك، فكلما قررت الصمت وجدتني أتمزق، ولا أحتمل ذلك، أبداً.
الثوار الحقيقيون هم الذين اعتذروا وهم الذين يؤنبون ضمائرهم، أولئك خرجوا وفشلوا في الحفاظ على ثورتهم ولم يبرروا ذلك وقالوا إن الفشل في حفظ حقيقة الثورة هو جانب من قصورنا نحن، أولئك هم الثوار، وأنحني لهم.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك