كلما اقترب موعد إعلان بدء مراسيم كأس العالم 2022م تدق في أرجاء الدوحة، كثفت قطر من تحركاتها السياسية والدبلوماسية من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة، والعمل بشكل كبير على أن تكون الأجواء مستقرة خلال الأشهر القادمة، وذلك لضمان أن تسير الترتيبات الخاصة بكأس العالم بشكل سلس وبدون عوائق قد تعرقل نجاح بعض السياسات التنظيمية مما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سير تلك الترتيبات والسياسات، حيث وقد بذلت الدوحة جهودا كبيرة في محاولة لإنجاح هذا الحدث المهم والذي يُقام في المنطقة العربية لأول مرة في تاريخ كرة القدم.
تدرك السياسة القطرية أن استمرار الحوثي في هجماته على السعودية والإمارات في هذه الآونة ليس في صالحها، وغير مقبول وخاصة أن بطولة كأس العالم باتت على الأبواب وليس هناك من وقت للخوض في مسار عميق وحقيقي للوقوف على إنهاء سيطرة الحوثي على صنعاء، وإزالة كل ما يقوض الأمن والسلم في المنطقة، ولذلك وجدت في الهدنة التي ربما قد يكون لها ضلع فيها وذلك بالترتيب غير المباشر والدفع من خلف الكواليس لإنجاحها واستمرارها وربما قريباً سنشهد تمديداً لها وتوسيع نطاقها لتشمل جوانب أخرى، كل ذلك يساعد السياسة القطرية على أن تكون المنطقة أكثر استقراراً يمهد لها الطريق لإنجاح الفعالية العالمية في الدوحة بعد أشهر قليلة.
السعودية واستقرار أجوائها في هذه الفترة وكذلك الأشهر المقبلة، هدف قطري خالص، حيث أن مطارات المملكة تقع ضمن سياسة الدوحة لاستقبال المشجعين من جميع أنحاء العالم ومن ثم نقلهم إلى الدوحة براً أو جواً، ولذلك فإن أي تهديد يقوض سلامة المطارات والرحلات الجوية في المملكة العربية السعودية بشكل خاص وفي دول الخليج بشكل عام، سوف يؤثر على فعالية كأس العالم مما يؤثر على سمعة قطر وفشلها في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تستعد لها منذ سنوات.
تريد قطر من الحوثيين في الأشهر المقبلة الامتناع عن تهديد سلامة وأمن المملكة العربية السعودية، وكف صواريخه الإيرانية عن قصف الأهداف داخل المملكة، وهذا المطلب القطري الذي قوبل بالموافقة والترحيب من الحوثي بشكل يكشف أن الدعم القطري له مفعوله الكبير عند الحوثي، وأن قطر لاعب رئيسي وهام منذ حروب الحوثي الأولى على اليمنيين في صعدة وما جاورها من المحافظات والقرى اليمنية.
التحركات القطرية المكثفة في الملف النووي الإيراني في هذه الفترة هي نقطة ضمن مسار التحالف القطري الإيراني، والدوحة في هذا التحالف هي محور الربط بين إيران والدول الأخرى التي لها مواقف من النظام الإيراني وما يمثله من خطر على الأمن القومي لتلك الدول، لكن تكثيف الجهود من أجل الوصول إلى اتفاق نووي هو رغبة قطرية قبل أن تكون إيرانية أو أمريكية –على الأقل خلال هذه الأشهر- لكن المصالح هي من تحدد الوسيلة المناسبة لتحقيقها، ومصلحة قطر في تقارب وجهات النظر بين أطراف الاتفاق النووي الإيراني، والوصول إلى اتفاق ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع في المنطقة وخاصة في اليمن، لضمان سلامة فعالية كأس العالم.
تريد قطر من إيران أن تضمن لها جماعة الحوثي، وأن تسهم في عملية وقف تهديد أمن المملكة، لأن الدوحة لا تضمن الحوثي، لأنها تدرك استخدامه لسياسة الابتزاز المتكرر، ولذلك تريد من طهران كطرف ثالث ضامن لتنفيذ أن يلتزم الحوثي بعدم تعريض أمن مطارات المملكة لخطر والتوقف عن قصف أي أهداف داخل الأراضي السعودية.