عدت بعد خمسة أيام من تعز، كنت هناك صحبة قيادة المكتب السياسي للمقاومة الوطنية وإعلان فرع ومقر المكتب في تعز.
ورأيت وشاهدت وتمعنت وحملقت وبحلقت بالمدينة التي أحب وهي تعيد ترتيب ذاتها بطيف جمهوري واحد، بلون وطني وسحنة العلم المقدس.
ولا لغة للناس هناك إلا الحديث عن هذا التلاحم، في مجالس المقيل، في المطاعم، والباصات، وفي كل مكان، حديثهم واحد ووحيد: الصف المقاوم.. الصف الذي بزغ من رحم الخسارة وولدته الخلافات، شذاً عن الخلافات، وقد يقول واحد منكم: الصورة الظاهرة على قلعة المدينة لن تنجح في تجاوز سنوات العداوات.
وسأقول له: أشد الصداقات هي صداقات الأعداء، وأشد الفداء ما يأتي بعد أشد العداء، وأطول العلاقات علاقات الإخوة الفرقاء، فلا تعتقدوا أن مثل هذه الخطوات غير محسوبة ومحسومة.
لم تأتٍ من فرط، بل بعد سنوات من التعب والجهد والمشقة ونزع فتيل الصراع الذي كان يلوح في الأفق.
توحدت كل الرؤى برؤية واحدة، فما حدث ليست نشوة قات. بل ثمرة العقل والعزيمة والقضية.
الذين يريدون إغراقنا في الماضي يخدمون الكهنوت، يدفع لهم العدو المحاصر للمدينة ليدفعوا بنا إلى مزيد من الفرقة والشتات.
لا تصدقوهم، لا تنجروا خلفهم، إنهم سوس المدينة، وهم كل فوضى وكل لعنة.
الذين يكتبون بلهجة انتصار طرف وانهزام آخر هم لون من ألوان العدو يريدون الوقيعة، بين رفاق المبدأ والقضية، أو أشخاص يعتقدون أن القضايا الكبيرة والنبيلة وجدت لكي تمتلئ جيوبهم فيدفعون بالوطن إلى الكارثة لملء جيوبهم؛ فلا تصدقوهم.
نوع آخر، وهو صادق مع نفسه، ويعتقد أن قول الحقيقة يتطلب في كل زمن ومكان فيقتلون التلاحم بالحقيقة وهؤلاء يقودهم الغباء وتقودهم اللايكات فقط، تجنبوهم.
فمثلاً وأنت في معركة إفصاحك عن خططك وقدراتك حقيقة ولكن قول هذه الحقيقة خيانة، خيانة كبرى.
النوع الأخير:
العدو الكهنوت الذي فقد وجوده ولا زال موجوداً وشعر بقرب نهايته ويتخبط كالممسوس، وقام بتكثيف قصف المدينة، تحويلها كومة لحم ممزق، خوفاً من التلاحم بين المقاومة الوطنية والمحور التعزي ورسم صورة كئيبة في أن التلاحم يحقق الموت فقط للأبرياء، فتجاهلوهم.
كل شيء يشعرني بالمجد والفخر، وشممت رائحة بلادي وأنا في تعز.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك