محمد عبدالرحمن
ضد كيانات الإرهاب.. هل من رياح جنوبية قادمة؟
يتعرض الجنوب إلى شتى المؤامرات لزعزعة أمنه واستقراره وإعادته إلى مربع العنف والاقتتال، هذا السعي يحمل بصمات مشاريع لا تريد للجنوب أن يتشكل ويصبح القوة التي يمكن الاعتماد عليها في مواجهة الإرهاب بشقيه الحوثي والإخواني، ولا تريد أن يتحول إلى نقطة انطلاق نحو استعادة صنعاء وتحريرها، هذه المشاريع بما تحمله من أجندة تخريبية تتفق مع مصالح بعض القوى السياسية والحزبية التي فقدت تواجدها الكبير في الجنوب، وفقدت سيطرتها على بعض حقول النفط التي كانت تعتبرها مصدرا لنهب إيراداتها طيلة السنوات الماضية من زمن الحرب.
ليس الهجوم الإرهابي الأخير في أبين هو النهاية، لكنه يمثل بداية رسائل موجهة نحو الانتقالي الذي أصبح الآن قوة كبيرة وأكثر حضوراً شعبياً في الجنوب، يمتلك القدرة على السيطرة وفرض الأمن وتحقيق الاستقرار، هذه التي جاءت في توقيت كهذا تحمل في طياتها أن سيطرة الانتقالي على الجنوب لن تتسم بالاستقرار، وأن استهداف قوات الأمن والقوات التي تتبع "الانتقالي" سيصبح مستمراً حتى تتوقف تلك القوات عن بسط سيطرتها على بقية المحافظات والمديريات وخاصة في حضرموت والمهرة.
يبدو واضحاً أن أي استجابة من قِبل الجنوبيين وخاصة المجلس الانتقالي الجنوبي لمثل هذه الرسائل التي تحملها الهجمات الإرهابية، سوف يمثل ضربة قوية لأحلام الجنوبيين وتطلعاتهم، وأن أي استجابة أو تراجع عن مواجهة قوى الإرهاب، هو بداية جديدة لتراجع دور الانتقالي في حمل المشروع الجنوبي، وسيؤدي هذا الأمر إلى أن يصبح الجنوب قاعدة لانطلاق كافة العمليات الإرهابية ليس في الجنوب وحسب، بل إلى المنطقة بكلها.
ما يتوجب على المجلس الانتقالي الجنوبي هو الاستمرار في تحصين الجنوب من جيوب الإرهاب التي لا زالت تتحصن في بعض مناطقه، والتخلص من كل الكيانات التي تحمل مشاريع دينية تدميرية تهدف إلى خلق الفوضى وتحويل الجنوب إلى مرتع للإرهاب، وليس بالضرورة أن تكون تلك المشاريع تحت يافطة دينية، فقد تكون حزبية أو سياسية، ولذلك على المجلس الانتقالي أن يقود المرحلة بشكل أكثر تخطيطاً وصرامة.
إن أي تقاعس جنوبي في مواجهة الكيانات الإرهابية داخل الجنوب وبسط السيطرة وتحقيق الأمن، سيكون دافعاً قوياً لتراجع أي دعم دولي سياسي تجاه المجلس الانتقالي، بحيث أن عدم إثبات قدرته على محاربة الإرهاب، سيفتح الباب للمجتمع الدولي للبحث عن شريك محلي قادر على مواصلة مكافحة الإرهاب وتأمين ممرات الملاحة الدولية، ومن منطلق تحمل المسؤولية الجنوبية يتطلب على المجلس الانتقالي أن يعيد خططه لمواجهة الإرهاب بالتزامن مع بسط نفوذه على كافة التراب الجنوبي.
بعد الهجوم الإرهابي على أبين، يتضح أنه لا تزال هناك قدرات كبيرة للكيانات الإرهابية في الجنوب على تنفيذ هجمات إرهابية، في العديد من المناطق، فالتوجه نحو مكافحة تلك الكيانات والسيطرة على الموقف ومنع تكرار مثل تلك الجمات الأخيرة في أبين، سوف يغلق الباب الذي تحاول الجماعة الحوثية الإرهابية أن تستغله في تسليط الضوء على الفشل في إدارة مناطق الجنوب، مما يخلق دعاية سياسية تزعزع ثقة المجتمع المحلي قبل الدولي بقدرات الانتقالي العسكرية والأمنية في مكافحة الإرهاب.
لا بد من رياح جنوبية قوية تقتلع جذور الإرهاب وتحصن الجنوب من أي اختراق تحاول الكيانات المعادية له، أن تستغله لضربه، أو من الجماعة الحوثية الإرهابية التي لا تزال تتربص بالجنوب والعودة إليه، ومن أجل منع أي اختراق سوف يتوجب على الجنوبيين وخاصة المجلس الانتقالي الجنوبي أن يخوض معركة فاصلة وقوية لتحصين الجنوب وإعادة قراءة المشهد العسكري من جميع النواحي، وأن لا يركن إلى وجوده في المجلس الرئاسي وحسب بدون أن يستمر في البقاء بالتحرك في الميدان عسكرياً واجتماعياً.