محمد عبدالرحمن
"الحوثية الإرهابية" بوابة إيران لتوقيع الاتفاق النووي
في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة العربية، وخاصة فيما يتعلق بملف النووي الإيراني ووصول الغرب وإيران إلى طريق مسدود، ليس هناك أمام إيران من سلاح ناجح تستخدمه للضغط على الدول الأوروبية والعالم مثل استخدام جماعة الحوثية الإرهابية لتهديد العالم والضغط عليه للتوصل إلى اتفاق نووي ورفع العقوبات الصارمة المفروضة على النظام الإيراني، وهذا ما تقوم به الآن بعد وصولها مع الدول الأوروبية في المفاوضات إلى نقطة التوقف السلبي، حيث بدأت باستخدام الحوثية الإرهابية في إطلاق التهديدات المباشرة باستهداف مصالح دول العالم في الممرات الدولية واستهداف الشركات الاستثمارية في دول الخليج.
عندما كانت المفاوضات النووية في فيينا تسير بشكل جيد، وبدأت تظهر مؤشرات على أن هناك تقدما إيجابيا للوصول إلى اتفاق نووي، أوعزت إيران إلى ميليشياتها الحوثية للتهدئة وقبول الدخول في هدنة، واستخدام لغة أكثر انفتاحاً، وبعد أن وصلت مفاوضات فيينا إلى جدار مسدود، أوعزت إيران مرة أخرى إلى ميليشياتها الحوثية باستخدام لغة التهديد، ورفض تمديد الهدنة، وإطلاق التحذيرات التمهيدية للشركات العالمية في دول الخليج وكذلك تهديد الملاحة الدولية، استعداداً لضرب مقرات الشركات واعاقة الملاحة الدولية في باب المندب.
رفض الحوثية الإرهابية لتمديد الهدنة ليس نابعاً من مصلحة على حقوق الناس، وانما يأتي في سياق السياسة الايرانية التي تحاول الضغط على الدول الاوروبية، وخاصة أن دول أوروبا تعيش أزمة طاقة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، وتدرك إيران أن الدول الأوروبية في حاجة ماسة للتهدئة في المنطقة، لضمان استمرار امدادها بالنفط والغاز من دول الخليج، وخاصة بعد الزيارات التي قام بها العديد من المسؤولين الأوروبيين إلى كل من السعودية والإمارات وقطر، للتباحث حول تعزيز أوروبا وإمدادها بالغاز والنفط وخاصة في فترة الشتاء القادم.
أي عرقلة لإمداد أوروبا بالنفط والغاز، أو عرقلة ممرات الملاحة الدولية، سوف يجعل الأوروبيين يعيشون شتاءً قارساً بسبب قلة الإمدادات الروسية نتيجة العقوبات على النظام الروسي، وايضا بسبب التهديدات المحتملة الايرانية على لسان ميليشياتها الحوثية، مما يجعل القادة الأوروبيين يعيدون النظر في امكانية استئناف المحادثات النووية مع ايران، والوصل إلى اتفاق نووي، يضمن رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران، وتضمن إيران عدم عرقلة الملاحة الدولية في باب المندب، وكذلك تضمن عدم قصف المنشآت النفطية في دول الخليج، وتضمن أن التهديدات التي تطلقها ميليشياتها الحوثية سوف تنتهي فور انتهاء التوقيع على الاتفاق النووي.
السياسة الإيرانية في المنطقة لم تعد بحاجة إلى من يكتشفها، لأنها تفضح نفسها، وتتحدث عن نفسها بشكل علني، وليس خفياً أن الحوثية الارهابية هي البوابة الكبيرة والأكثر فاعلية في استخدامها لتهديد العالم ومصالح العالم، حيث تلعب ايران لعبتها بشكل قوي وصحيح، ولا يهمها المصلحة العامة للشعوب العربية، ولا يهمها مصلحة الشعب اليمني، فقط تبحث عن تنفيذ أهدافها وتحقيقها، ولو كان ذلك على حساب دماء وجوع وفقر اليمنيين.
كما هي الحوثية الارهابية التي تتشدق بالسيادة، لم يعد بإمكانها إخفاء تبعيتها المطلقة للنظام الايراني، ولم يعد بإمكانها التحدث عن السيادة اليمنية، لأنها أصبحت بأفعالها وسياساتها تكشف عن ذاتها وتبعيتها للسياسة الايرانية، وهذا الأمر يمثل لليمنيين طعنة في خاصرتهم، وهم يرون أن دماءهم وبلادهم أصبحت ألعوبة بيد النظام الايراني يستخدمها في تحقيق اجندته وأهدافه من بوابة الحوثية الإرهابية.
إذا أرادت إيران من العالم شيئاً فإنها تطلبه من بوابة الحوثية الارهابية، فهي خير سلاح لها، وأفضل وسيلة، وأكثر فاعلية، وأخطر جماعة من جماعاتها التي نشرتها في كل المنطقة، وذلك لأنها قريبة من باب المندب، وقريبة من المصالح الحيوية في دول الخليج.
عندما نشاهد أن هناك تقاربا أوروبيا إيرانيا واستئنافا للمحادثات النووية، سنرى الحوثية الإرهابية توافق على تمديد الهدنة، في المقابل عندما يستمر الوضع على ما هو عليه الآن من توقف لأي محادثات تتعلق بالنووي الايراني، سنشاهد الحوثية الارهابية تقصف المنشآت الحيوية وتستمر في تهديداتها بعرقلة الملاحة الدولية، لأن النظام الإيراني بحاجة إلى ذلك.