نستطيع أن نقول باطمئنان بلا حدود، إن مخاوفنا من تسييد خطاب مناطقي إقصائي قد مضى خارج سابق مشروعية الأسئلة والهواجس القلقة، وأن الدولة المدنية وحرية الاعتقاد الديني والسياسي تم تثبيته كمادة حاكمة في الميثاق الوطني الجنوبي، وكذا الحريات السياسية والفصل بين السلطات والمساواة واعتماد الانتخابات الشفافة أساس التداول السلمي للسلطة.
الوثائق التي تم إقرارها في المؤتمر التشاوري الجنوبي، خطوة أكثر من متقدمة، وهي ترسم خارطة طريق لما يريده الجنوب وآليات تحققها على الأرض.
هذا مكسب ليس للجنوب، الذي يمثل بعدالة قضيته ممراً إجبارياً نحو الحل الشامل للقضية اليمنية، بل لكل اليمن لجهة ما يعنيه الحوار كقيمة والانفتاح على الآخر كنهج بديل عن العنف ودورات الصراع الدموي.
وعليه لا مبرر لهذا الهلع والعدائية التي تمارسها بعض الأطراف السياسية الإقصائية تجاه مخرجات الحوار، وكأنها تعيد اكتشاف العجلة برغبة الجنوب "فك الارتباط"، وبأن "وحدة القوة" مضت إلى غير رجعة، وبأن هناك شراكة تم الانقضاض عليها بالحرب، وأن بإقصاء الجنوب لم يعد هناك كيان موحد يتباكى عليه، وأن من حق الشريك أن يحدد خياراته ويمضي نحو هدفه، دون الحاجة إلى رهن مشروعية قضيته بحالة الموات الذي تشهده نصف الخارطة شمالاً.
الموزاييك في الجنوب سيكمل الحبات الناقصة في الوانه السياسية، التي لم تلتحق بعد في مجلس التوافق، بإبقاء الأبواب مشرعة والإجابة عن ما بقي من تحفظات هذه القوى أياً كانت محدوديتها، بمزيد من الحوار والتقارب.
هل قادم الجنوب دولة مدنية؟
الوثائق تنحاز للمستقبل وتجيب ب: نعم.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك