عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

نحو لقاح مضاد لفكر الجماعات الوبائية

Thursday 08 June 2023 الساعة 09:44 am

مهاد..

كل جماعات الدين ترقد وسط ترسبات هائلة من الخرافة والغيبيات، تمنع عنها النظر بواقعية للعالم.

المبتدأ..

هناك منظومة للتخريب العقلي قائمة على الجهل والخرافة والدم يتم تجريعها للأجيال من خلال تسليع الدين بطرق مختلفة في مزادات متعددة.

 يساعد على ذلك تفشي الفقر والجهل وغياب الدولة والحريات.

ذلك أن الجهل عنصر نقيض الحرية، عنصر أحادي مثل الصوديوم، لا يتواجد حراً، ويتحد مع أي شيء دون كلفه.

 وعندما يكون الجهل منظما وله خلايا ومؤسسات تنظيمية ومال، في ظل الحرب والفوضى والتعصب يصبح مزاجا عاما لدى القطيع الذي يدار بسهولة ويسر.

الخبر.. 

تاريخ الجهل المقدس عربيا وإسلاميا طويل ومستقر ويمكن تتبع من أين أتى؟، وكيف مضى؟، وأين المبتدأ، ولماذا لا يزال؟

بواكير صور التشدد الأصولي كانت على يد الخوارج في القرن الأول الهجري، حينها تشكلت جبهتين أثرت إلى اليوم في العقل العربي وجعلته أسيرا لها.

الأولى مسلحة بيقين قطعي، تؤمن بشمولية الدين ومرجعيته الكاملة في كل تفاصيل النشاط البشري، دون ترك مساحة للعقل والتفكير والاجتهاد.

 وجبهة أخرى أميل إلى العقلانية ترى في الدين ظاهرة فكرية وخيارا شخصيا، قابلا للنقاش والسؤال والتأويل وحتى الإنكار.

في القرن الثاني كان أحمد بن حنبل، يتزعم الأولى.

وكان واصل بن عطاء يتزعم الثانية فيما عرف بمذهب المعتزلة وبعض رواد حركة تم قمعها لاحقا وإعدام رموزها بطرق مختلفة.

ظهر طرف ثالث شكل جبهة ثالثة أكثر تنويرا تغرف من فلسفة اليونان وأبجديات المنطق، لكن مساحتها كانت ضيقة وكتبها كانت تحرق وأفكارها تزندق كان ابن الراوندي والكندي والفارابي والرازي، وابن رشد لاحقا..

في  القرن الرابع أقُفل باب الاجتهاد رسمياً من قبل بني العباس، ورغم هذا الإقفال العقلي كان هناك العظيم ابن سينا وأبو حيان التوحيدي والمعري. 

تم حسم الأمر في النهاية حيت سجل التشدد انتصاره بسلاح وقوة الدولة والقطيع وانتهى تتويج ابن تيميه أميراً، وهو الذي أخذ الفكر الحنبلي إلى حدود غير مسبوقة من الغلو والتكفير، لتستعير فيما بعد كل المدارس الإسلامية المتشددة نسختها المحورة منه سنة وشيعة من حسن البنا إلى الخميني وقطب وغيرهم.

 الجملة..

أهمية استمرار معركة التنوير لحماية الجيل القادم الذي يحول إلى ألغام وأحزمة ناسفة ذلك أنها معركة مصيرية تستوجب رفدها بمحاربين جدد، أنها معركة الإنسان من أجل الحرية وامتلاك المصير.

على سبيل الختم..

 البحث عن لقاح مضاد لفكر الجماعات الوبائية يحتاج منا جميعا ومن العاملين في حقل الوعي إنتاج عينات متنوعة من هذا اللقاح كي تتشكل مناعة إضافية لدى شبابنا القادم، ضد الغلو، وتعليمهم الإقبال على الحياة، وأن للحقيقة اوجها متعددة، وأن العقائد الدينية مجرد ظواهر ثقافية محددة بمكانها وزمانها، والدخول معهم في جدل وتعليمهم فنون الشك والجدل التي هي سمة العقول الكبيرة الحرة التي لا تلقي مراسيها في ميناء واحد، بل تواصل البحث عن مراسي متعددة.

إن أهمية توجيه عقول الشباب إلى الإرث العالمي الذي أصبح  متاحا اليوم بسهولة وبالمجان، ومنه يمكن أن يشقوا طريقهم في الفهم، ويحصلوا على مناعة ضد أمراض القطيع والخرافة، بعض الآباء يرى أن طريق التدين مناعة لأولاده وحصانة لهم، والحقيقة أنه لا مشكلة مع الإيمان في ظل معايير إنسانية ملزمة ومقيدة لمفهوم الإيمان، لكن تكمن المشكلة في التدين الذي في كتب التراث فهو هاوية سخيفة وسحيقة نحو المجهول، وأول طريق نحو التطرف والجمود العقلي والتدجين ببطء قبول العضوية في عالم القطيع ودنيا الخرافة من غير شعور.