رأينا التعزيزات الأمريكية لأسطولها الخامس وهي تشق طريقها في البحر الأحمر وتتخندق بوارجها في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، بوارج وقاذفات وجنود وسلاح مسيّر، وعند مرورها شاهدنا التفاعل الحوثي الكبير تهديداً ووعيداً، سحقاً لأمريكا، سحقاً للبوارج والقاذفات، ارتفع صوت الحوثية إلى الأعلى، وتشنجت أعصابه وطفحت قريحته فأنشد القصائد وعيداً، وفتح أبوابه الإعلامية لشن الحملة على أمريكا، وكأنها لأول مرة تبحر بأساطيلها في البحر الأحمر.
كنا نتوقع أن تهديداته ستقابل بهجوم صاروخي، أو على الأقل يقوم بتنفيذ ما وعد به المشاط بإجراء مناورات على بعض الجزر في البحر الأحمر لإظهار القوة، لكن لا شيء حدث، ولا صاروخاً انطلق، ولا مناورة حدثت، عبرت البوارج الأمريكية وهدأت تشنجات الحوثي الإعلامية، وأصبح سلاحه الوحيد ضد أمريكا هو الهجوم الإعلامي لا لشيء وإنما لمحاولة أن يقنع اتباعه بعدائيته لأمريكا وقوته التي يمكن له مواجهتها.
السلاح الفعّال للحوثي ليس موجهاً ضد أمريكا، هو فقط ضد اليمنيين، رأينا كيف نسف البيوت والطرقات والمدارس، ورأينا كيف قصف المنشآت النفطية ليمنع عن الشعب إيراداته النفطية، ويعمق من الأزمة الاقتصادية، رأينا سلاح الحوثي يدمر بيوت اليمنيين، ويقصف مساجدهم، ورأينا كيف واجه أمريكا بالصوت والصورة والمنشور، رأينا كيف يمنح سلاحه الحق في الفتك باليمنيين تحت ذريعة محاربة أمريكا، ولما عبرت أمريكا البحر صمتت صواريخه، وربضت طائراته المسيرة.
لا يعتقد أحد أن سلاح الحوثي الذي استهدف السعودية والإمارات هو من صنعه وحدد أهدافه وأطلقه، لا لا، إنها إيران وخبرة إيران وصناعة إيران، الحوثي تخصصه اليمنيين وكفاية عليه ذلك، لا يجرؤ ان يتجاوز سلاحه رقاب اليمنيين وبيوتهم ومدارسهم، أما دول المنطقة وأمريكا فالدور هنا تلعبه إيران حتى وإن طلبت المساعدة من الحوثي أن يتبنى هجومها لدواع سياسية وعسكرية.
من الخطورة أن يبقى هذا السلاح بيد هذه الجماعة، ومن الخطورة أن تبقى علاقة هذه الجماعة مرتبطة بإيران، الخطر الأول محدق باليمنيين الخطر الثاني محدق بدول الخليج والممرات المائية الدولية، وتبديد هذا الخطر يستوجب علينا جميعاً أن نحدد الهدف ونخوض معركة وطنية باتجاه صنعاء.