مناوشات إيران وإسرائيل ربح للطرفين. إيران تكسب مزيداً من المشروعية، بحجة مقاومتها لإسرائيل، وإسرائيل تكسب مزيدا من الدعم، بحجة تعرضها لعدوان واسع.
لكن الحرب خسارة للطرفين، ولذا تقوم إيران بالمناوشات التي تفيدها وتفيد إسرائيل دون غزة، ولا تقدم على الحرب التي تضرها وتضر إسرائيل وتنفع غزة.
قال الحوثي إنه أرسل صواريخه باتجاه إسرائيل مسافة ألفي كيلومتر، في وقت يقول فيه إن قواعدها في جزر يمنية "محتلة" بالبحر الأحمر، على بعد كيلومترات معدودة!
ولأنه أراد الاستعراض قام بهذا الفيلم السخيف، فيما كان الأولى به -وفقاً لشعاراته- أن يضرب قواعد إسرائيل القريبة منه، حسب دعايته.
لدى مليشيات إيران بلبنان وسوريا مئات آلاف الصواريخ والطائرات المسيَّرة، وهي على حدود إسرائيل تماماً.
أما كان الأولى تحريك الصواريخ من على بعد عدة كيلومترات، لتصل إلى داخل إسرائيل، بدلاً من إرسالها عبر مليشياتها في اليمن على بعد ألفي كيلومتر، لتسقط قبل أن تصل؟!
علماً أن مليشيات إيران تتحدث عن غرفة عمليات مشتركة تجمع كافة جبهات "محور المقاومة".
سقطوا في امتحان غزة.
يقول أدوات إيران في اليمن الذين يطلقون صواريخها التي يعلمون أنها لا تصيب الاحتلال الإسرائيلي، يقولون: "الصاروخ الذي ما يصيب يِدْوِش".
بالضبط، هذا هو الهدف: الدوشة والفرقعة والصراخ اللازم للدعاية والاستثمار في الدم…
وإلا، ما معنى أن يطلقوا صواريخ وهم على يقين أنها لن تصيب الاحتلال؟!
أطلق صدام 39 صاروخاً من داخل العراق على إسرائيل، فقال خامنئي وأدواته إن صدام أراد الاستثمار السياسي في فلسطين.
طيب.
كيف يكون تصرف صدام الذي أطلق الصواريخ من داخل بلاده استثماراً، بينما تصرف خامنئي التي يطلق الصواريخ من خارج بلاده مقاومة؟!
غزة لم تسقط تل أبيب وحسب، بل أسقطت طهران.
نجحت صواريخ إيران ومسيّراتها التي انفجرت بالجو نجاحاً باهراً، لا في إصابة الاحتلال، بل في غسل يديه من دم أكثر من 400 غزاوي استهدفهم اليوم.
نجحت في إظهار الجلاد بصورة الضحية التي تتعرض لحرب إبادة من أطراف متعددة.
إما أن تصدقوا مع شعاراتكم أو تكفوا عن الاستثمار ببنك الدم الفلسطيني.
الإعلام الموالي للاحتلال الإسرائيلي يصوره كضحية لعدوان إقليمي يأتي من اليمن والعراق وسوريا ولبنان وإيران.
وفي حين أن معسكر إيران وأدواتها لم يخض حرباً حقيقية ضد الاحتلال، تأتي صواريخهم لتؤيد كذبة تعرض إسرائيل لحرب إبادة، فيما هي التي تبيد غزة التي تمثل لإيران فرصة استثمار كبيرة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك