ما إن وجه الناطق باسم كتائب القسام أبوعبيدة بعض كلمات الشكر إلى اليمنيين، بعد أن قامت الحوثية بالاستيلاء على السفينة جالاكسي ليدر، حتى انهالت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الحسابات التي يديرها الذباب الإلكتروني بالاحتفاء وإعادة فيديو التسجيل "لأبو عبيدة"، وتولت قيادات حوثية بنفسها النشر وإعادة النشر لتلك الكلمات، وكأنها الانتصار الذي طالما انتظرته الحوثية الإرهابية طوال السنوات الماضية، باعتبار أن حماس هي الجهة الوحيدة خارج الحدود التي بعثت برسائل مباشرة مؤيدة.
لكن الأمر ليس كما تسوقه الآلة الإعلامية الحوثية، وهنا يجب أن نأخذ الحدث من زوايا أخرى لنعرف الأسباب التي دفعت بالحوثية إلى كل هذا الاحتفاء المبالغ فيه:
أولاً: لم يتطرق أبوعبيدة في بيانه المصور إلى ذكر الحوثيين بالاسم، ولكنه أشار إلى اليمنيين، وهنا دلالة على أن حماس تراعي الكثير من الجوانب السياسية وعلاقاتها الدولية، وهي تعرف مدى تداعيات بعث الرسائل مباشرة إلى الحوثي، ولكنها كانت أكثر حكمة في هذا الجانب، ورغم ذلك التقطت الآلة الإعلانية الحوثية هذا البيان واتخذته وسيلة لإعلان انتصار خارج الحدود.
ثانياً: هذا الاحتفاء المبالغ فيه ليس دليلاً على أن الإجراءات والهجمات التي نفذتها الجماعة الحوثية لها أثر بالغ في ميزان المعركة، أو أنها أثمرت ضغوطات دفعت بالمعركة لصالح الفلسطينيين، بل رسالة للداخل اليمني وخاصة إلى المناطق الشمالية التي تسيطر عليها الجماعة، حتى تتمكن سلطتها من تحقيق اختراق في الوعي الشعبي وحرف الاتجاه بعيداً عن الأزمة العميقة التي تعصف بالسلطة في صنعاء.
ثالثاً: أرادت الجماعة الحوثية أن تقول لليمنيين إن الهجمات التي قامت بها واستيلاءها على السفينة الاسرائيلية دليل على حكمة قيادة هذه الجماعة، وإلا لما شكرتها حماس في بيان أبو عبيدة، ولذلك يجب أن يتقبل ابناء الشمال هذا الشكر من حماس كنوع من تقبلهم للوضع المزري وللفساد المستشري، لأن القيادة لا تخطئ وكل إجراءاتها صواب.
رابعاً: تحاول جماعة الحوثي أن تستثمر هذا البيان وتوجيهه إلى استلاب العاطفة الشعبية خارج مناطق سيطرتها، بل ايضاً الى الدول العربية، وتقديم نفسها مناصرة لفلسطين بالقول والفعل، وتستغل في ذلك آلتها الإعلامية والإيرانية، لمخاطبة العاطفة الشعبية للحصول على شرعية أخلاقية لعلها بذلك تنجح في طمس جرائمها البشعة بحق اليمنيين، وخاصة أنها تمارس جرائم إرهاب أبشع من تلك التي ترتكبها إسرائل في غزة، تعز ومأرب ومناطق الشمال دليل يكشف التناقض الحوثي في ادعائه للقيم والأخلاق خارج حدود اليمن.
يريد الحوثي أن يقول لليمنيين إن حماس قد شكرته وأيدته، وهذا كافٍ ليكون دليلا على مصداقية التوجه بالقول والفعل، وهنا تكمن خطورة استغلال الوضع والظروف التي تعيشها المنطقة، كما تكشف خطورة وعمق السياسة الحوثية في اقتناص الفرص لحشد العاطفة الشعبية باتجاهه، عبر يافطات فلسطين والدفاع عنها.