محمد عبدالرحمن
لماذا لم يرحب الحوثي بخارطة "هانس"؟.. مأرب تجيب
أصدر مكتب المبعوث الأممي بيانا فيه يكشف أن كل الأطراف اليمنية وافقت على خارطة طريق، وبناءً على هذه البيان رحبت كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وحدها مليشيات الحوثي التزمت الصمت، ونأت بنفسها عن التعليق سلباً أو إيجاباً، وهذا له مدلوله وهدفه الذي تسعى إليه الجماعة لتحقيقه، فهي حتى الآن تحصد نتائج هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر، في الوقت الذي لم تجد رادعا محليا أو إقليميا أو دوليا على هذه الهجمات.
لماذا عليها أن تعلن القبول أو الترحيب بخارطة هانس؟ هي تجيب عن نفسها، فالإجراءات والتحشيد الذي قامت بها هذه الأيام صوب مأرب، مستغلة الخلاف على تسعيرة النفط بين الحكومة وبين بعض المشايخ من قبائل مأرب، فرصة تعزز حضورها واستعدادها لاستغلال أي فرصة مواتية للسيطرة على مأرب واستمالة بعض مشائخها وتقديم المغريات الكبيرة، ولذلك ليس عليها أن تعلن الترحيب بما ورد في بيان مكتب المبعوث، لأن ذلك سوف يكبلها نوعاً ما.
الوقت ليس مناسباً لها أن تعلن قبولها بالسلام، فهي في أوج حصد ثمار التماهي الإقليمي والدولي معها، وكذلك التراخي الذي دب في وسط الشرعية طيلة السنوات الماضية، فما تقوم به الآن جماعة الحوثي، ما هو إلا نتيجة واقعية للتراخي والتماهي الذي أبدته الأطراف التي تقف في وجهها وتقاتلها، فالسلام في هذا التوقيت مستبعداً أن تقبله هذه الجماعة أو أن تهيئ الظروف المواتية له، فهي تكسب وتربح نقاطا كبيرة على حساب المجتمع والدولة والإقليم، بشكل غير متوقع، فكل الظروف تخدم هذه الجماعة في هذا التوقيت.
الظروف التي تعيشها مأرب في هذا الوقيت، إغراء كبير للحوثي، يحجب عنه شيئاً اسمه خارطة الطريق، فمأرب أولوية له حاول أن يدخلها طيلة السنوات الماضية، لكنها عصية عليه وعلى إيران، واليوم ومع توسع الأزمة بين الحكومة وبعض المشايخ الذين يعارضون زيادة أسعار المشتقات النفطية أسوة ببقية المناطق المحررة، يمثل أحد العوامل التي قد يعمل الحوثي على استغلالها والتحشيد لها، إعلاميا وعسكرياً واستخباراتيا، ومن المتوقع أن يصرف النظر عن البحر الأحمر وفلسطين، ويتجه نحو مأرب، فهي هدف استراتيجي في استمرار سيطرته على الشمال بما فيها من ثروات سوف يستغلها لتوطيد نفوذه وهيمنته، وتمويل مشاريع حروبه المستمرة إلى يوم القيامة كما أعلن الحوثي نفسه ويعلن عن ذلك بشكل مستمر.
عندما يشعر الحوثي بالضغط عليه بكل الوسائل المتاحة، وعندما تنتهي الأزمة في مأرب بشكل سريع، وتعزيز الجبهة هناك بقوات متمكنة حتى وإن كانت من خارج المحافظة، حينها يمكن أن يعيد الحوثي حساباته ويدرك عجزه في هذا التوقيت للسيطرة على مأرب، ومن ثم يعلن الترحيب بخارطة هانس، أما إذا استمرت الأزمة وتوسعت في مأرب دون تدخل أو تعزيز للجبهات، فالحوثي سوف يؤجل أي ترحيب أو قبول بسلام إلى ما بعد السيطرة على كافة حقول نفط مأرب، حينها لن يكون للسلام أي معنى مع هذه الجماعة.