عندما تحدث عبدالملك الحوثي عن الالتزامات الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني، كما في خطابه الأخير، هو بذلك يضع العالم أمام سردية الالتزامات الإيرانية تجاه جماعته الإرهابية، فالالتزامات الإيرانية تجاه جماعته ثابتة بل وتتعاظم أكثر في الضيقات والأزمات التي تشتد على صنعاء وسلطتها العنصرية، سواءً كان هذا الالتزام عسكريا أو ماليا أو تقنيا أو استخباراتيا، إلى درجة أن هذه الالتزامات قد ترتبط أحياناً بالبرنامج النووي الإيراني، بالكيفية التي تستخدمها طهران في الضغط على المجتمع الدولي بالتهديد أو الترغيب كما شاهدنا في مختلف الجولات التفاوضية السابقة بشأن هذا الملف.
إيران أمامها التزام قوي للجماعة الحوثية، فأي عملية تراجع لهذه الجماعة على المستوى الجغرافي الذي يطل على البحر الأحمر أو الحدود السعودية، هو إخلال ببعض الالتزامات السياسية والعسكرية، ومن منطلق خدمة الأجندة الإيرانية في المنطقة، حشدت طهران كل إمكانياتها لأن تصبح الجماعة الحوثية أكثر قوة وإن كان ذلك بأيدي وخبرات وتقنيات وصواريخ الحرس الثوري الإيراني.
ما يحدث في البحر الأحمر من تهديد للملاحة الدولية وقرصنة على السفن المدنية والتجارية، هو أحد الالتزامات الإيرانية التي ظهرت في الخطوات التي تنفذها الجماعة الحوثية، فكل التقنية والصواريخ والخبراء الإيرانيين هم من يقفون خلف هذه الهجمات، وهم من يقدمون الإحداثيات وتحديد المواقع وكل الدعم اللوجستي، سواءً من خلال التواجد في صنعاء أو الحديدة، ومن خلال السفن الإيرانية التي تتواجد قبالة المياه الإقليمية لليمن.
تقدم إيران مختلف أنواع الدعم، ولا يقف عن مستوى معين، وهذا ما أدركه العالم مؤخراً عندما رأى أن مصالحه في البحر الأحمر تتعرض للتهديد، حتى روسيا والصين اللتين دوماً تعارضان الولايات المتحدة في مواقفها تجاه هذه الجماعة الإرهابية، امتنعتا عن التصويت في مجلس الأمن على القرار 2722 الذي يندد بالهجمات الحوثية على السفن التجارية، ويمثل هذا الإدراك المتأخر للخطر والتواجد الإيراني في صنعاء والعديد من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية، صحوة يجب أن لا يصيبها الإعياء السياسي وتضارب المصالح، فأي عملية تأخير لإزاحة إيران من اليمن هو عمل يفاقم باستمرار تهديد مصالح العالم في البحر الأحمر.