أُعيد إدراج ميلشيا الحوثي الإرهابية على لائحة الإرهاب الأمريكية من نوع خاص، ربما أنه جاء في الوقت الذي أراده الحوثي، توقيت حساس على المستوى الداخلي في مناطق الشمال وعلى المستوى الإقليمي نظراً لما تشهده غزة من عدوان وحشي صهيوني، فقرار التصنيف يضع الحوثية أمام مشهد استمرارية الأوضاع على ما هي عليه في الشمال دون تغيير، لأن أي مطالبة بتغيير الواقع على مستوى تقديم الخدمات والمرتبات وتحسين بيئة الحياة التي تكاد تكون منعدمة، يمثل نوعاً من التحيز مع الأمريكان، أو بمثابة أن تكون عميلاً.
التصنيف تلقفته المليشيات الحوثية بكل ترحاب، ليس من جانب أن عقيدتها تملي عليها ذلك، أو تفرض تصورات بأن التصنيف الأمريكي لا يأتي إلا فعلاً لمن يناصبها العداء، بل لأن هذا القرار له تبعاته التي يعمل الحوثي على إنجازها والتهيئة للمستقبل من حروب وأزمات.
حتى وإن تصافحت الأطراف اليمنية كلها وجلست على طاولة واحدة مع الحوثي، وحتى وإن رفع اسم الحوثي من لائحة الإرهاب، حتى وإن سافر وفد الحوثي إلى الرياض أو أبوظبي أو مسقط، أو حتى إلى تل أبيب، لن تتخلى هذه الجماعة عن فكرة الحرب، ولن تترك سلاحها بمجرد جلوسها على الطاولة، هي تبحث عن مبرر يقودها إلى حرب لألف عام مقبلة، لا يهمها مجتمع أو دولة أو مستقبل.
خلف هذا التصنيف تحشد الحوثية قواتها وتهيئهم لإنجاز مهمة ألف حرب قادمة، فالجنوب المحرر تريد استعادته، والمخا وبقية أجزاء تعز المحرر تقاتل لاستعادتها، نفط مأرب وشبوة وحضرموت كلها لا تزال أهداف حرب الألف القادمة، لا يمكن للحوثي أن يتخلى عن حرب طويلة تتخللها حروب وأزمات تقضي على دولة ومجتمع وخارطة كانت باسم اليمن.
العقيدة المذهبية متوفرة، والعامل الطائفي والمناطقي الذي أضيف مؤخراً متاح، الامتداد والاستقواء بالخارج موجود ومنذ زمن، فحبال إيران وطرق تهريب السلاح لا تزال فعالة ولا تزال مفتوحة، التخطيط الإيراني والتكنولوجيا الإيرانية تعزز حرب الألف القادمة.
المجتمع لم يخضع، واليمن لا تزال تقاوم، والأجيال ترفض فكرة الإذلال، الجغرافيا لا تزال تحاصر الحوثية في الشمال، والموارد لا تزال بعيدة المنال عن مخازنه، حالة الرفض للمشروع الإيراني تتنامى كل يوم، وأمام كل ذلك فالحوثي بحاجة إلى ألف حرب ليقضي على كل أشكال المقاومة لوجوده بقوة السلاح وبالاستقواء الإيراني.
صعدة من جديد تستعد لحروب طويلة، إيران أنجزت مهمتها الأولى، وتستعد للمرحلة الثانية، المتمثلة في تحويل البوارج الأمريكية من مياهها إلى البحر الأحمر، وهو ما ينادي به الحوثي لتفعيل الشعار الذي ينادي به، ها قد جاءت أمريكا بنفسها، صواريخها تدك المواقع العسكرية، وبوارجها تحاصر عبور السلاح، وكل هذه الأمور هي مواد قابلة للاستهلاك الإعلامي للتحشيد والاستعداد للمعارك الحوثية ضد اليمنيين ليس في الشمال وحسب بل وفي المناطق المحررة.