في شهر الله رمضان قبل تسع سنوات كان المقاوم الجنوبي يتوضأ بالدم النازف وعيناه ترقبان ليلة القدر ليتلو في صلاة النصر آية: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"، سلاحه لم يصمت كنديم يأبى مفارقة المعركة، يتقدم في هذه الحافة ويطوي هذا الشارع ويتجاوز هذه الموانع الملغمة، ويقفز نحو مدينة أخرى وأمامه فقط للجنوب نحن الفداء، خلفه كل جنوبي بصلوات ودعاء وأمل سقفه السماء، أطفال ينظرون إلى مستقبل مشرق من جبين هذا المقاوم، وحقاً كان للمظلوم نصر مؤزر وحرية منحت لكل الجنوب عيداً وكان صوته يملأ سماء عدن فرحاً في الذكرى التاسعة.
للحرية ثمن باذخ دفعته المدينة السمراء عدن وبقية مدن الجنوب، ثمن كان يجب أن يدفع في محاجر القربان التي تروى بالدم القاني، تسطع شمس الحرية ويتنفس الناس آخر غبار الباروت الذي قدم من أقاصي جبال الشمال، غبار له رائحة الطائفية والعنصرية لم يحقق أي انتصار رغم هول ما ارتكبه "الخُطاة" الحوثيون من فظائع وجرائم لن تمحى من ذاكرة الجنوب.
عدن وفي ذكراها التاسعة ليوم التحرير المهلم تعيش حالة التعافي التدريجي، تقبع صنعاء في قبو الظلام الحزين والبؤس والفقر المدقع، تسلطت مخالب إيران على كل الحياة بكل ما يحتاجه الناس من مأكل ومشرب وفكر وثقافة وحتى التعبد في الصلاة، والدرس هو ما يمكن استلهامه بدافع ثورة التحرير التي كانت عدن قد أنجزته وأشعلت في قلب صنعاء شمعة لن يتمكن الحوثيون من إطفائها.
شمعة صنعاء وزيتها عدن أشعلت في قلب كل مقاوم له في الشمال مرتع ومرقد، مأوى الولادة ومثوى الوفاة، هدف وثورة نحو صنعاء العتيقة، من الساحل الغربي إلى مأرب تطوف ذكرى التحرير التاسعة للجنوب لتبعث رسالة الإلهام وتعرّف كل حرٍ بأي ثمن يجب دفعه وأي نتيجة سيجنيها الناس، إنها ذكرى تغرس قيم الصبر والصمود وتبعث الأمل بأن صنعاء ستبتهج بالنصر والتحرير.
لم يكن أمام عدن إلا النصر، وليس أمام صنعاء إلا ذلك، وهذا هو عهد الرجال في كل جبهة تقاوم وعهد الشهداء ودماؤهم تنزف والجرحى وهم يودعون بعض أعضائهم التراب، ليس أمام صنعاء إلا أن تنجز النصر المبين وترسم ملامح اليمن الجديد بصورة مشرقة للحياة والعيش المشترك.
حفظ الله عدن صوت التحرر المهلم لاستعادة صنعاء سلماً أو حرباً.