بشرى عبدالله

بشرى عبدالله

تابعنى على

المرأة وتعويذة تقال بين روحين

Monday 24 December 2018 الساعة 01:46 pm

تنظر المرأة بعين قلبها دوماً فتبكي أو تضحك، تحب أو تكره، ليس من طباعها البحث عن منطقة وسطى في المشاعر أو الانفعالات، لا وجود لمنطقة رمادية في تلك القرارات الفجائية التي سرعان ما تتخذها، ليس هناك أمور غير قابلة للحسم، إنها أقدر على حسم كل القرارات والاختيارات في ظرف ثانية واحدة.

وإن ادعت أنها تأخذ وقتاً طويلاً في التفكير والتدبير، إلا أنها سرعان ما تضع حداً فاصلاً بين مشاعرها وانفعالاتها وقراراتها، ولو أسرّت البكاء وأظهرت الفرح، ولو أضمرت الحب وأعلنت الكره أو العكس، وبذات القدر نفسه تمحو الأشياء والأشخاص من ذاكرتها بذات السرعة التي بوسعها أن تتوجهم ضيوفاً أو ملوكاً على قلبها.

هذا الكائن الهش والرقيق والصلب أيضاً، بإمكانه أن يدوس على كل شيء بداخله حتى لا يضعف، لكي يعتني بالآخر، ويضعف حتى يحصل على الحب.

المرأة تصبح أضعف وأرق في ملكوت رجل تشعر أنه عالم جدير بأن يحتوي عالمها.

المرأة لا تظهر القوة والصلابة أو الندية إلا تجاه رجل تشعر بضعفه وتريد إما تحريك قوته وصلابته لتطمئن من وجودها فتظل معه أو لتمرغ كرامته بالتراب، فوحدك تختار موقعك منها، حبيب أو خصم أو عدو، صديق أو غريب أو لا شيء.

المرأة لا تحب ولا تميل ولا تنجذب للرجل الضعيف أو المتميع، وبعض معشر الشعراء والكُتاب والفنانين الخاضعين في الأسلوب وليونة الكلمات أكثر الناس تنفر منهم النساء، ولو أحبت امرأة شاعراً، فإنها إما لم تعرف الرجال، أو أنها تحت تأثير مد مزاج لم يستقر، لكنها من المؤكد بعيد عنه وعن عالمه الرخو أو منعزلة عن غيره من الرجال.

المرأة تلهو بالقصائد وتسمع دبيب الأغاني وتفتن بأداء الشخصيات البطولية، لكنها لا تضع سلامها الأبدي في أي من هذا كله.

الفكر مادة، كالمال في الجيب، نساء ترى للجيب، ونساء تنظر لتلك الاستدارة أعلى الجسد، كلاهما وهمٌ فلا الجيب يجلب الحب ولو حقق قدراً من السعادة، ولا الفكر يجلب سعادة ولو ادعى الحب.

هناك شيء آخر مثيل لتشابك العروق الممتلئة في الساعد، قوة لا يمكن قياسها بنقاش أو موقف، إنها تشبه التعويذة تقال بين روحين، في زمن لم يلتقيا فيه وتظل كل روح تسعى في كل شيء وإلى كل شيء لتحط دون قصد أو تخطيط في رحاب نظيرها الآخر.

ليس الأمر متعلقاً بالتدابير، وإن كانت أغلب الثنائيات التي تجمع لا تنظر إلى شيء من هذا.

أي التئام يقوم على مصلحة دنيوية أو مادية ليس بلقاء حقيقي، اللقاء الحقيقي هو الذي تشعر أنه حدث قبل ولادتكما، عشتما زمناً لا تعرفان أين؟ ومتى؟ وكيف؟ لكنكما تكملانه وتخشيا أن يمضي العمر قبل أن تستمتعا وتعيشا كل لحظة فيه.