فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

حراس الجمهورية.. سنة ثانية!

Friday 19 April 2019 الساعة 03:43 pm

بحلول نهاية هذا اليوم يكون تيار المقاومة الوطنية الذي يقوده العميد طارق محمد عبد الله صالح، قد أتم عاماً كاملاً لتجربة نضالية بدأها مثل هذا اليوم من العام 2018. وأي تجربة...!

هذا العجب يغدو مبرراً، لأن رجلاً ومعه رفقة قليلة تعاهدوا على حيازة التقدير، على الرغم من أنهم بعد معركة العاصمة صنعاء غير المتكافئة مع ميليشيا ثقيلة العدد والعتاد، ساروا وادياً طويلاً مشوكاً وملغماً.

قبل أن أمضي، أود أن أوجه من هذا المنبر تهنئة لرجال المقاومة الوطنية - حراس الجمهورية، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانطلاق معركتهم التحريرية في تهامة، ونرجو لهم دوام الفوز، ولشهداء المقاومة السلام والرحمة.

على أنهم جميعاً في غنى عن أي مديح على ما أنجزوه خلال العام، ولا يبدو أن المديح مطلب من مطالبهم. وبهذا الصدد لفت انتباهي وأنا أعيد مطالعة نصوص خطب ألقاها قائد حراس الجمهورية على المقاتلين، وأحاديثه الصحفية -وهي قليلة- أنها تخلو من أي مديح للأدوار البطولية التي أدتها قواته منذ 19 أبريل 2018، وحتى اليوم، وإنما يغلب على خطبه وتصريحاته تعيين ما يجب أن تقوم به المقاومة الوطنية التي يقودها. هذا على الرغم من أن دور حراس الجمهورية كان محورياً لجهة طرد ميليشيا الحركة الحوثية من تخوم تعز وصولاً إلى مدينة الحديدة، التي ربما كانت خالية اليوم من تلك الميليشيا لولا اتفاق رمبو الذي وقعه ممثلو الرئيس هادي والحركة الحوثية تحت ضغوط إقليمية مباشرة، وضغوط دولية غير مباشرة.

لا أحسب أني قد بالغت أو حابيت عندما قلت قبل إنهم ساروا وادياً مشوكاً وملغماً، فقد كان كذلك، بل كان أيضاً مملؤاً بقطاع طرق وغربان لا تكف عن النعيق. فمنذ ديسمبر 2017 الذي صرح فيه العميد طارق أنه سوف يعيد تجميع قوات الحرس والأمن والجيش لتكوين مقاومة وطنية في مواجهة العصابة الحوثية، أظهر حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون)، موقفاً لا يختلف عن موقف العصابة الحوثية، بل يفوقه لجهة التحريض والتشنيع والتشويه، وشواهده كثيرة، فمثلاً كان الإخوان يبكرون في إقامة الجمع الثورية، وتسيير مسيرات في تعز وريفها يرددون فيها هتافات ويرفعون لافتات تحذر الشرعية والتحالف من أي خطوة للاستعانة بطارق عفاش وقواته لتحرير تعز خاصة، لأن عفاش والحرس الجمهوري قتلوا أبناء تعز! هكذا دون أن يبينوا متى حدث هذا الذي لم يحدث أصلاً.

الشاهد طويل التيلة على ذلك التحريض والتشويه هو وسائل إعلام الإخوان مثل: سهيل، يمن شباب، بلقيس، الصحوة نت، مأرب برس، وغيرها.. كان لسان حال ومقال حزب الإصلاح يكر حبات مسبحة كراً من هذا الضرب: طارق عفاش مثال جديد لتدوير مخلفات النظام السابق. طارق عفاش الرهان الخاسر للإمارات. الإمارات تكوّن تشكيلات عسكرية غير نظامية، ولا تخضع للشرعية. طارق عفاش الذي لا يعترفون بالشرعية يكوّن ميلشيات ستكون خطراً على الشرعية، لا يقل عن خطر المليشيا الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. انسحاب قوات طارق صالح غير النظامية من مواقع تسلمتها من الجيش الوطني (الذي لا وجود له في الساحل الغربي).

قوات طارق لا تخوض معارك مباشرة مع الحوثيين، لأن مهمتها تقتصر (فقط) على تأمين مناطق يحررها الجيش الوطني. قوات طارق عفاش غير النظامية تعلن التراجع عن تحرير الحديدة. قوات طارق تنسحب من المواقع فجأة أمام هجومات حوثية لكن الجيش الوطني أسعف الموقف!

مثل هذا كان على مستوى الخطاب الذي بدأ ولم ينته بعد، ولاحقاً عززوه بضميمة أخرى عملية، أو ارتقوا درجة أعلى في سلم الخصومة، كما في تعز حيث تتعمد قيادات القوات الموالية لحزب الإصلاح تمكين الحوثيين من تهريب الأسلحة وإيصال الإمدادات العسكرية إلى قواتهم في المناطق التي توجد فيها أو بالقرب منها قوات المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق، وقيل إنهم يفعلون الشيء نفسه تقريباً مع أبي العباس والحمادي وغيرهما.

أما في العدوة الأخرى من الوادي فقد كان هناك الرئيس هادي ورجال حكومته، ينضحون بغضاً وخصومة. لقد سمعنا وقرأنا تصريحات كثيرة من قبيل: لا نقبل مشاركتهم في مقاومة الحوثيين قبل أن يعترفوا بالشرعية. عفاش باع الجمهورية للحوثي من ساعة تحالفه معه، ومليشيات طارق لن تكون إلا نسخة رديئة من الأحزمة والنخب القبلية جنوباً.. بل قد كانت واحدة من ردود أفعال الرئيس هادي المبكرة أنه أصدر قراراً جمهورياً بتعيين واحد أحمر لقيادة قوات الاحتياط، وكان الهدف اجتذاب أي عسكريين يحتمل أنهم سيذهبون جهة العميد طارق، بدليل أن ذلك القرار لا ظل له على الأرض من حينه إلى هذا الحين.

هذا فضلاً عن أن ذلك الوادي كان مسكوناً بموسوسين ودعاة كراهية لم يكفوا عن التحريض ضد حراس الجمهورية بالجملة والمفرق وبثمن وبالمجان. فهل يرى كل هؤلاء ما صارت إليه المقاومة الوطنية اليوم؟ أيرون أنه كان ثمة داع لكل ما قالوا وفعلوا؟

لقد غدت المقاومة الوطنية جزءاً من الشراكة الوطنية لكسر الطغيان الحوثي، وقد أرادت ذلك من البداية.. شريكاً وليس منافساً.. ولا أجيراً أيضاً. وأسطع دليل على ذلك هو العلاقة الجيدة التي أقامتها مع تيارات مقاومة أخرى في تهامة خلال السنة الأولى، وفي الضالع وإب في سنة ثانية وطنية.