فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

عن الارتباط التنظيمي بين الإصلاح وجماعة الإخوان الإرهابية (4)

Thursday 09 May 2019 الساعة 08:59 pm

قبل أن نورد شهادة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الذي كان رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، عن الارتباط التنظيمي لحزبه بجماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر، نتوقف في هذا المقال عند شهادة واحد من أشهر رجال جماعة الإخوان في الخليج العربي، وهو الدكتور عبد الله فهد النفيسي. فهذا الأكاديمي الكويتي وضع كتاباً بعنوان الحركة الإسلامية- رؤية مستقبلية، صدرت الطبعة الأولى منه عام 1989 من مكتبة مدبولي في القاهرة. والمعلومات التي ساقها النفيسي مصدرها مراجع جماعة الإخوان المسلمين، ووثائقها، وكان الغرض الأساسي للكتاب تقديم آراء وأفكار تفيد الجماعات الإخوانية لجهة تحسين أدائها وتعزيز مكانتها في المستقبل.

سنرى أن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن كان لها ممثلان اثنان في مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين الأم، مع استمرار هذا التمثيل حتى بعد أن غيروا الاسم إلى التجمع اليمني للإصلاح. فكيف يسوغ قادة الإصلاح ذلك النفي مع وجود هذا التمثيل؟

وفقاً للنظام العام لجماعة الإخوان المسلمين الأم الذي أقر وأصدر في 29 يوليو 1982، حدد في الباب الخامس (المواد 43-47) التركيب الإداري للتنظيم الدولي للجماعة، ومركز القوة واتخاذ القرار، حيث تنص المادة 45 من ذلك النظام على ما يلي: "يقدم كل مراقب عام تقريراً سنوياً عن سير الدعوة ونشاط الجماعة في إقليمه إلى مكتب الإرشاد العام قبل الاجتماع الدوري لمجلس الشورى العام".

ومعروف أن المراقب العام غير المرشد العام، فالمرشد العام هو مرشد الجماعة وهو مصري بالضرورة، بينما المراقب العام هو موجه الجماعة في الإقليم أو القطر الذي توجد فيه الجماعة الفرعية. فكل جماعة لها مراقب عام، كالمراقب العام للجماعة في تونس، والمراقب العام للجماعة في الأردن، والمراقب العام للجماعة في اليمن. ففي اليمن كان ياسين عبد العزيز القباطي هو المراقب العام لجماعة الإخوان (حزب التجمع اليمني للإصلاح)، ويعتقد أنه لا يزال يحمل هذه الصفة إلى اليوم، كما قلنا في المقال السابق، وقبله تولى هذا المنصب الشيخ عبد المجيد الزنداني. ولهذا الأخير حديث طويل مع أحد مقدمي البرامج في قناة الجزيرة الفضائية القطرية حول الجماعة، قص فيه تجربته مع الإخوان في مصر وتأسيس جماعة الإخوان في اليمن، ويعتبر وثيقة هامة لجهة تأكيد علاقة حزب الإصلاح بالإخوان المسلمين (راجع الحوار بين الإعلامي كليب والشيخ الزنداني وقد بثته قناة الجزيرة على حلقات)، وهي تنسف كل بيانات الحزب وتصريحات اليدومي وغيره.

لقد تكون مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان في عام 1989 من المرشد العام للجماعة و8 أعضاء مصريين، ويضم مكتب الإرشاد للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في عضويته بعض قيادات جماعات الإخوان الفرعية خارج مصر، فقد كان ضمن أعضاء مكتب الإرشاد كل من راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة في تونس، وعبد المجيد ذنيبات المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن. كما مثلت جماعات الإخوان في كل من الكويت، الأردن، سوريا، الجزائر، ولبنان، بعضو واحد لكل منها. ومصدر هذه المعلومات، هو الدكتور عبد الله فهد النفيسي، وقد أوردها في كتابه المشار إليه في البداية (الصفحات 203-262).

ولا تتوافر بين أيدينا معلومات تؤكد صحة ما يتردد عن وجود تمثيل لإخوان اليمن في مكتب الإرشاد للتنظيم الدولي في الوقت الراهن، حيث يزعم البعض أنه شيخان الدبعي، والأرجح أنه يمثلهم في مجلس الشورى العام للجماعة إلى جانب شخص آخر لأن حصة جماعة اليمن مقعدان، على أن هذا الشخص غير معروف لنا الآن.. وفقاً للنظام العام نفسه يتكون مجلس الشورى العام للجماعة من 30 عضواً، على الأقل، يمثلون فروع الجماعة في الأقطار، ويتم اختيارهم من مجالس شورى الجماعات في الأقطار، أو من يقوم مقامهم، ويحدد عدد ممثلي كل قطر بقرار من مجلس الشورى العام للجماعة الأم.

وقد تكون مجلس الشورى العام للجماعة في العام 1989 من 38 عضواً موزعين على النحو التالي: 
- مصر: المرشد العام، و13 عضواً تم اختيارهم من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام، إضافة إلى عضو آخر تم تعيينه من قبل المرشد العام.. 
- سوريا: 3 أعضاء، وعضو آخر اختاره المرشد العام للجماعة.
- اليمن، كان لها في مجلس شورى الجماعة عضوان اثنان، أحدهما عبد الرحمن العماد.

وكانت جماعات الإخوان المسلمين في كل من السعودية ودول الخليج ضعيفة، ولكن لأن هذه دول نفطية، ولكي تكسب الجماعة وتنظيمها الدولي تمويلاً مالياً من ثروة هذه الدول، تم منح جماعة الإخوان في السعودية مقعدين في مجلس الشورى العام، وإضافة إلى هذين العضوين عين المرشد العام للجماعة الأم عضواً ثالثاً في المجلس، وصار للسعودية ثلاثة ممثلين في مجلس شورى الجماعة، وعضوان لجماعة الإخوان في الكويت، وعضو واحد لفروع الجماعة في كل من دولة قطر ودولة الإمارات العربية ودولة البحرين، وبسبب ثقل الجماعة في الأردن صار لها في مجلس الشورى العام للجماعة الأم عضوان، إلى جانب تمثيلها في مكتب الإرشاد العام، وكان تمثيل الإخوان في البلدان الأخرى على النحو التالي: العراق، عضو واحد. تونس، عضو واحد. لبنان، عضو واحد. الجزائر، عضو واحد. الصومال، عضو واحد، هذا كلام الدكتور عبد الله فهد النفيسي- الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية (ص 203-262 بتصرف وليس بالنص الحرفي).

،،،

على أن ولاء قيادات حزب الإصلاح المكشوف لبعض مراكز التنافس الإقليمي الجديدة، مثل دولة قطر التي صارت الراعي الأول لجماعة الإخوان المسلمين منذ الفترة التي أعقبت انقلاب يونيو 1995، أو تركيا أردوغان ليس مقطوع الصلة بما قدمنا، فقيادات اتجهت نحو تركيا أردوغان وأخرى نحو قطر اللتين صارتا موئلين رئيسيين لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، وتؤدي هذه القيادات الإصلاحية أدواراً سياسية وإعلامية لمصلحة الدولتين المذكورتين. ولا يقلل من قيمة تلك الأدوار التصريحات التي صدرت من قيادات الإصلاح في السعودية والتي حاولت من خلالها ترسيخ انطباع لدى الآخرين مفاده عدم رضاها عن تطرف القيادات الإصلاحية في تركيا وقطر وتسخير الحزب أداة بأيدي طرف معين في التنافس الإقليمي.

والمعروف أن القيادات الإصلاحية الموالية لقطر وتركيا ليست وحدها المستفيد من الأدوار التي تؤديها، بل إن حزب الإصلاح برمته يستفيد منها. فمثلاً صار الدعم القطري الواضح مصدراً للنفوذ الذي يحققه حزب الإصلاح بالباطل في تعز، ويحاول تحقيق الشيء نفسه في الجنوب بأساليب أخرى. ومن خلال حزب الإصلاح تستطيع قطر إضعاف حلفاء منافسيها، خاصة حلفاء دولة الإمارات العربية المتحدة. منذ بداية عاصفة الحزم وحتى اليوم أقدم الرئيس هادي على اتخاذ تدابير مكنت حزب الإصلاح من التغلغل في كافة مؤسسات الشرعية، ووطدت قيادات حزب الإصلاح القريبة منه في الرياض نفوذ حزبها داخل ما يسمى الجيش الوطني، واليوم يقوم الإصلاح من خلال قياداته العسكرية في الميدان بحيل شتى لتمكين الحوثيين من السيطرة على مناطق جديدة جنوبية، لضرب أو إضعاف تيارات محددة في المقاومة تُحسب على أبرز المنافسين الإقليميين لدولة قطر، وهي دولة الإمارات، والتي يعتبرها حزب الإصلاح عدو الإخوان وينظر إليها الحوثيون نظرتهم إلى دولة عدون ودولة محتلة للجنوب.

... يتبع