فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

إسلام الإخوان ثلاثة.. وقابل للزيادة

Thursday 11 July 2019 الساعة 11:29 pm

كلما كان الإخوان المسلمون يسمعون أو يقرؤون كلمتي الإسلامي السياسي، يردون على مخالفيهم ساخرين: إسلام سياحي، إسلام سياحي! اليوم تم ضبطهم متلبسين بالإسلام السياحي الذي كان موضع سخريتهم.. ويا أستاذ سمير يوسفي زدنا حديثاً عن الخسارة التي لحقت بدين يتنقل به الإخوان كما يفعل البدو الرحل مع البهائم.

في مصر ضربوا السياحة وأفتوا بهدم أبي الهول، ونقبوا تمثال أم كلثوم، ثم فروا إلى تركيا، حيث يتبنى زعماء الجماعة وشيوخها اليوم حملة دعائية متعددة الأشكال للترويج للآثار والمواقع التاريخية والمنتجعات البديعة والمواخير الممتعة في تركيا لجذب السياح إليها، إسهاماً منهم في تقوية اقتصاد الخلافة الإسلامية! فإن لم يكن هذا هو الإسلام السياحي، فما هو إذن؟

يعجبك الإسلام السلفي.. واحد في كل زمان.. قبل سنوات توقف الشيخ صالح الفوزان عن حديثه إلى الجمهور داخل الحرم المكي، لأنه اكتشف أن هناك شخصاً يحمل كاميرا ويلتقط صوراً، ربما للتوثيق أو ما شابه، ولأن التصوير عموماً يعتبر في نظر الشيخ محرماً شرعاً -فما بالكم عندما يكون داخل الحرم- توقف عن الحديث احتجاجاً على ذلك المنكر العظيم. وفي آخر أيامه كتب الإخواني السابق الشيخ الدكتور محمد الغزالي متعجباً، كيف أن إسرائيل طيرت أقماراً صناعية إلى السماء السابعة ومن هناك ترصد بالصورة والصوت ما يجري في بلداننا، بينما ما يزال لدينا شيوخ يحرمون التصوير بآلة تعتبر بدائية قياساً إلى عدسات الأقمار!

هنا لدينا موقفان متعارضان داخل الإسلام نفسه، وباسم الإسلام نفسه.. وعلى نصوصية السلفية وجمود موقفها، ليس بوسعك سوى احترام ذلك السلفي، فالرجل يحرم التصوير أكان في الشارع أم في الحرم، أكان أمس أم اليوم أم غداً.. حرام يعني حرام.. إسلام يعني إسلام.. الشيوخ المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين غير ذلك، فلكل رقصة مزمار، البنوك ربوية، ولما يتولون السلطة فالذي كان ربا محرماً شرعاً، يصير هو عينه مصاريف إدارية مباحة. والتجمع والتظاهر وحشد الجماهير في مسيرات احتجاجية ضد قمع الحريات أو الاستبداد مثلاً حق مشروع، بل وواجب شرعي لأنه ضرب من ضروب النهي عن المنكر، ولما تولت جماعة الإخوان السلطة، سمعنا ورأينا شيوخ الجماعة وتابعيهم يحثون على قتل المعارضين المصريين: أقتلهم يا مرسي! والشيخ وجدى غنيم يفتي: الخروج في مظاهرة ضد الرئيس محمد مرسي يعتبر تمرداً على الإسلام، وهذا التمرد حرام شرعاً، وأي مواطن يشارك في المظاهرة يعد كافراً. والشيخ هاشم إسلام ينتحل صفة عضو مجمع البحوث الإسلامية -أعلى هيئة شرعية في الأزهر- ويفتي: يجب قتل الذين يتظاهرون ضد الرئيس مرسي. قال بالحرف: يباح دم كل من يشارك في هذه المظاهرة (مظاهرة يونيو 2013).

قررت حركة طالبان محو بقايا الوثنية والشرك في أفغانستان، فصفت الدبابات والمدرعات وراجمات الصواريخ صفا عريضا بوادي بانيان وأمام الجبل الذي نحت فيه تمثال بوذا قبل آلاف السنين، وبدأ الهجوم على الوثنية والشرك، فضجت الدنيا واحتجت اليونسكو، وراح الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ومعه فريق من كبار شيوخ الإخوان العرب والمسلمين، في مهمة لإنقاذ سمعة حركة طالبان التي تشوهت في أرجاء العالم المتحضر.. حاولوا ثني الحركة عن الاستمرار في نسف آثار تاريخية ثمينة القيمة فعاد القرضاوي وبقية الشيوخ خائبين.

بعد سنوات صار الشيخ القرضاوي مفتي ثورة يناير ضد حكم مبارك، ولما تملكت جماعة الإخوان المسلمين السلطة، قام شيوخ في الجماعة وآخرين سلفيين، يفتون بوجوب تحطيم تمثال أبي الهول ونسف اهرامات الجيزة، وكل التماثيل والآثار المصرية التي يرجع تاريخها إلى ما قبل خمسة آلاف سنة، وظلت قائمة في الإسلام، ثم صارت في ظل حكم الجماعة أصناماً وأوثاناً تعبد من دون الله، ويجب القضاء على هذا الشرك الأكبر، تماماً كما فعلت حركة طالبات إبان حكمها أفغانستان مع تمثال بوذا، وسائر الآثار في وادي بانيان، وهي التي راح الشيخ القرضاوي يشفع لها فلم تقبل طالبان شفاعته، وإلى الآن لم يفهم كل المصريين صمته عن فتاوى قصف أبي الهول.