فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

عن حملة الإخوان على الإمارات

Monday 22 July 2019 الساعة 06:01 am

يقلب رجال جماعة الإخوان المسلمين اليمنيين حملتهم الدعائية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، على مختلف وجوه وفنون المكر الإخواني العتيد، حتى أنهم في الفترة الأخيرة أظهروا قلقا غير حميد على المملكة العربية السعودية من مؤامرات الإمارات التي لا تنتهي، وأحدثها مؤامرة سحب قواتها من اليمن.. وفي هذه الأخيرة يخبطون خبط عشواء كما قالت العرب. فالصبح الامارات لم تنسحب وإنما تخادع خدعا مخيبة للآمال! ووقت الظهر يحللون أبعاد الانسحاب المحتمل، ووقت الأصيل يجعلونها تنسحب من جديد، وهذه المرة سحبت قواتها لأنها لم تعد تعتبر ميليشيا الحوثيين عدوا.

يرى البعض أن حملة التشويه الإخوانية هذه ضرب من قضاء أوقات الفراغ في لعبة بدائية مع محترف ألعاب عصرية لا يأبه بلعب الصغار، ويتساءلون ماهي مصلحتهم في العداوة المجانية. ويرى آخرون أنها ضرب من الثأر لجماعة إخوان الإمارات والجماعة الأم في مصر، ولو صح هذا فلا يزيد عن كونه ترويحا عن نفس مكروبة. وعلى الرغم من اقتناعنا بهذا كله، كون أهل الحملة يبدون مثل بلهاء يحاولون رمي أحجار جهة رائد فضاء في السماء، فأننا نرى أن حملة التشويه والتضليل رد فعل طبيعي غير رشيد على الإجراءات الإماراتية التي لم يتوقعها إخوان اليمن، ولو بدرت هذه الإجراءات نفسها من السعودية لقابلها الإخوان بنفس الموقف، لو أن جميع قيادات الجماعة قد أكملت الانتقال من السعودية إلى تركيا أو إلى الحي الجديد الذي انشأته لهم قطر في الدوحة.

القوات الإماراتية التي أنقذتهم من الحوثيين في مأرب، وبتضحياتها تمكنوا من الاستحواذ على النفط والغاز والتفرد بالمدينة تحت ذريعة الإقليم، كانت قوات تحرير، وضباطها والجنود الذين قضوا هناك هم شهداء، أشقاء امتزجت دماؤهم بدماء اليمنيين في التربة اليمنية، مع قليل من دموع ذرفتها عينا اليدومي رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح.. وهؤلاء الأشقاء هم أنفسهم الذين لعبوا الدور الأساسي في استعادة عدن من أيدي الحوثيين، لكنهم في نظر الإخوان أو الإصلاح ليسوا أشقاء ولا محررين، بل محتلين سلبوا السيادة من يدي الشرعية، وكان بإمكانهم أن يسلموا عدن للإخوان، أي لحزب الإصلاح لكي يتجنبوا هذه الأوصاف، وحملة التشويه والسخط.. هذا هو الفارق بين حالتي مارب وعدن.

ثم هم حنقون من الإمارات لأنها تورطت في ضرب حلفاء جماعة الإخوان.. حلفاء حزب الإصلاح يعني.. إنها تقوم بدور أساسي لمكافحة الإرهاب، وخاصة تنظيم القاعدة الذي يضم من الجماعة مثل ما تضم هي من التنظيم.. وما كانت الإمارات لتحظى بهذا القدر من التشويه الإخواني، لو أنها غضت الطرف عن الإرهاب والإرهابيين، ولم توقف تقدم تنظيم القاعدة بالتدابير التي أوجعت الإخوان المسلمين، سواء من خلال قوات خاصة إماراتية، أو قوات يمنية مدربة على مكافحة الإرهاب، أو من خلال تقديم المساعدة للأمريكيين لضرب التنظيم من الجو، خاصة في البيضاء ومأرب وأبين وحضرموت.

هناك سبب رئيسي آخر للحملة الإخوانية على دولة الإمارات.. هو النصر الكبير الذي حققه حراس الجمهورية وشركاهم ألوية العمالقة والمقاومة التهامية، على ميليشيا الجماعة الحوثية، في الساحل الغربي، وحالة الاستقرار التي وجدت في المديريات الساحلية، فهذا أوجع جماعة الإخوان بقوة لأن لا نظير له في جهة أخرى، حتى في مارب، وقد كان الإخوان ينسبون هذه الانتصارات لما يسمى الجيش الوطني، فسقط كذبهم أخيرا، وصبوا النقمة على الإمارات ومن في الساحل.

دولة الإمارات أقل من غيرها أخطاء لجهة الضربات الجوية أو غيرها، ولكن هذا الواقع يستحيل إلى صورة مختلفة تماما في وسائل إعلام جماعة الإخوان في اليمن، وما تصل إليه أيديهم كقناة الجزيرة ووكالة الأناضول وغيرهما، فهي صاحبة فضائع الحرب، وهي أيضا طامعة بمئات الجزر، وعشرات الموانئ، وشواطئ تمتد لنحو ثلاثة آلاف ميل، ولفرط طمعها بكل شيء نقلت إلى أبو ظبي عصفورا نادرا وشجرة دم الأخوين وأرطال من التراب اليمني الخصب، حتى لتكاد الإمارات تصبح عبارة عن مجموعة أشياء يمنية!

وفي الوقت عينه بالغ جماعة إخوان اليمن في النكاية، من خلال (أمرتت) أشياء يمنية كثيرة، فمثلا قوات النخب الشبوانية والحضرمية والحزام الأمني العدنية هي ميليشيات النخبة الإماراتية (هكذا يسمونها في أخبارهم وتقاريرهم وأحاديثهم، على غرار الميليشيات الإيرانية).

الآن، ألوية العمالقة وحراس الجمهورية والزرانيق في الساحل الغربي التي وحدت جهودها ضد ميليشيا الحوثية هي ألوية إماراتية.. لم تعد ذلك الجيش الوطني إذن، أما قياداتها التي توحدت يوم 9 يوليو: هيثم قاسم طاهر، وسليمان الزرنوقي، طارق صالح، علي الكوكباني، علي سالم الحسني، حمدي شكري، عبد الرحمن اللحجي، بسام المحضار، وعلي الكنيني، ورفاقهم الآخرين، فهم القيادة الإماراتية الجديدة لهذه القوات الإماراتية. وعملية تبادل الأسرى التي تمت بين قيادة العمالقة والحوثيين بوساطة قبلية، هي صفقة إماراتية- إيرانية.

مواجهة بين قوات الحزام الأمني وعناصر من تنظيم القاعدة، تمسي في إعلام جماعة الإخوان عبارة عن اعتداء نفذته مليشيات إماراتية على قوة أمنية، فتنظيم القاعدة قوات أمنية، والحزام الأمني قوات إماراتية معتدية، أما الفرقة الخاصة التي دربها الإماراتيون على مكافحة الإرهاب فهي  ميلشيا دربتها وسلحتها الإمارات، وأسندت قيادتها لإمارتي يدعي شلال شائع وهو مدير أمن محافظة عدن في الوقت نفسه.