أثار فضولي مقال النبيه العزيز أمين الوائلي الذي كان تحت عنوان "الذين باعوا الحديدة" منتقداً حالة الخجل والتستر بالندم الذي أبداه وزير الخارجية السابق للرئيس هادي خالد اليماني في مقال نشره أحد المواقع الإلكترونية بمناسبة مرور عام على اتفاقية استوكهولم المخزية، باعتباره اليد التي صافحت الحوثي بالمباركة، وباعتباره طباخ الاتفاقية حسب الصورة النقدية للوائلي.
لمتابعة المقال
اليماني الوزير الضخم أصغر من أن يكون طباخا رئيسيا في اتفاقية استوكهولم. البائعون يجيدون الطباخة وانتقاء سماسرة البيع، حيث كان هو السمسار الكبير الذي سعى في توقيع عقد بيع الحديدة، ووقع نيابة عن الرئيس الذي يمثله والإخوان المَهَرة في طباخة بيع كل شيء إذا كان الثمن سيخدم مشروعهم ويحقق أمنياتهم.
تحدث الوائلي عن الذين باعوا، وهنا سأتطرق إلى الذين اشتروا، حيث إن البيع يشترط اكتمال أركانه من بائع ومشترٍ، وسمسار يحاول وضع الندم عند نافذته للفت انتباه المارة نحو تحسره أمام النتيجة المخزية والحالة الإنسانية المتفاقمة التي حدثت جراء توقيع اتفاقية اوستوكهولم ومصافحة الإخوة الأعداء.
عبر اتفاقية استوكهولم اشترت الأمم المتحدة الحديدة بثمن بخس من هادي والإخوان، لاستمرار الضخ المالي الذي يغذيها، فساهمت في الضغط لوقف معركة تحرير الحديدة تحت يافطة الأزمة الإنسانية، لكن الحقيقة لم تكن معلقة على تلك اليافطه المستهكلة، حيث إن الحد من الأزمة وتفادي كارثة إنسانية كان سيتحقق بشكل أفضل بعد تحرير المدينة.
في ظل تعطيل معركة التحرير لم نشهد تحسناً في الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ولم نلحظ تقدماً في السيطرة على الأوبئة والأمراض، ولم تتمكن الأمم المتحدة من إنهاء الحصار عن بعض المدن والقرى المجاورة للمدينة، والتي يفرض الحوثي عليها حصاراً خانقاً يمنع عن أهاليها الدواء والغذاء، وعجزت عن الحصول حتى على خرائط الألغام من الحوثي التي تفتك بالمواطنين في الطرقات والمزارع.
الفشل الذي لحق بدور الأمم المتحدة في ملف الحديدة يثبت أن ما كانت تنادي به لتفاديه مجرد هراء تحصل من خلاله على الأموال الطائلة، ولتقسيم القضية اليمنية إلى ملفات يطول معها بقاؤها ودورها، ولضمان بقاء ميليشيا الحوثي التي من خلالها تنفذ أجنداتها مع بريطانيا.
الحوثي لم يكن يستطيع البقاء في الحديدة لو لا الإخوان الذين باعوها له دَيناً وسارعوا في إنقاذه عبر الاتفاقية قبل أن يغرق بأيام قليلة، حيث والقوات المشتركة أصبحت في بعض شوارع المدينة بعد تأمينها ونزع الألغام منها.
جماعة الإخوان امتهنت البيع للحوثي، فقبل ذلك كانت جبهة تعز، وبعض مديريات مأرب ومناطق في صعدة والجوف، وجبهة الضالع التي لولا المقاومة الجنوبية سيطرت على الوضع، لكن أكبر عمليات البيع هي الحديدة، لما تمثله من مورد مالي رئيسي يغذي جماعة الحوثي ويساهم في بقاء سيطرتها وبطشها في المجتمع.
في مقابل كل أولئك الإخوان والحوثي والأمم المتحدة وبريطانيا، هناك القوات المشتركة بما فيها حراس الجمهورية، التي اشترت الحديدة بالدماء الزكية من أفرادها، تحمل مبادئها السامية والإنسانية والأخلاقية، تريد تحرير الحديدة لا لشيء وإنما تلبية لنداء الواجب على طريق تحرير صنعاء وبقية المدن التي تحتلها ميليشيا الحوثي الإرهابية الكهنوتية والإمامية.
ما تمثله القوات المشتركة التي تنتظر ساعة الصفر لاستكمال تحرير الحديدة، من مبادئ وطنية جمهورية وقيم بعيدة عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، هي الشعلة التي يحاول الإخوان والحوثي إخمادها وإعاقة مسيرتها، ولو كلف ذلك دخول قوات أجنبية لمنع التقدم وتحرير المدينة.
في الوقت الذي كان فيه خالد اليماني يصافح يد الحوثي والأمم المتحدة في استوكهولم مباركاً بيع الحديدة، كانت دماء الشهداء في قوات حراس الجمهورية والقوات المشتركة في الساحل الغربي تصافح تراب البلد، والدماء الوطنية لا تصافح إلا كل ما كان مقدساً.