يبحث الرئيس هادي عن انتماء فوقي يجعل من كل الأطراف السياسية تحت ظله الضيق، ولا يجد انتماءً محدداً لنفسه، يرى أن اليمن منطوية تحت عببه، وكل الأحزاب يجب أن تدين له بالطاعة وليس الولاء وحسب، لكنه يغغل عن مكنون ذاته وقاعدته التي يتكئ عليها كتعريف حقيقي لقائد يمتلك الشرعية في القرار بفضل الحرب التي ساهم في إطالة أمدها، رغم انتهاء شرعيته فعلياً.
هادي يعتقد في قرارة نفسه أن ذاته الرئاسية لم تعد ذا مفعول حقيقي في الوسط الشعبي والرسمي، لذلك لا يهتم بالأحداث في اليمن، ولا يهتم بما يجري في كل البلاد، وإلى أين وصلت الحرب التي أساساً هي من أجل شرعيته، لا يعرف ولا يرغب بمعرفة هموم الناس، لكن في المقابل يجد ذاته المنفوخة في استقبال السفراء الأجانب الذين لا يبادلهم ابتسامة خفيفة من أجل أن يحافظ على الهيبة والشخصية المصطنعة أمامهم.
في كل استقبال لسفراء الدول المعتمدة في بلادنا، يحاول الرئيس هادي أن يظهر بشكل يوحي أنه الرئيس الذي يصنع المعجزات لبلاده، لكن الجميع بمن فيهم السفراء يعرفون أنه صانع الهزائم لشعبه أولاً، ولذاته ثانياً، عندما صهر انتماءه في بوتقة الإخوان ومشاريعهم، ذابت ذاته وبقيت أصوات جماعة الإخوان تنطق وتحارب باسمه وتهتف له حتى أغمي عليه من فرط نشوة الاعتداد بالذات المخادعة.
لا هوية سياسية أو حزبية يندرج تحتها "هادي" حتى وإن تدعى الإخوان بانتمائه لحزب المؤتمر، لا يمكن لشخص أن ينتمي لحزب أو جماعة، ثم يعمل ضد أهدافها ومبادئها. الانتماء هو الالتزام الفعلي بالمبادئ والقواعد الرئيسية، لكنه يرى ذاته أكبر من "المؤتمر" ومن كل المكونات الحزبية عدا الإخوان "لأنهم يستحوذون على قراراته"، وهذا ما يجعل منه صورة مهزوزة لا يجب أن تكون في محل قيادة شعب وبلاد تخوض حرباً مصيرية.
أهم ما يجب أن يكون في القيادات الوطنية هو معرفة ذواتهم وتعميدها بقوة الشخصية التي تأتي من تغليب المصالح العامة على المصلحة الذاتية، وكذلك بالأهداف المشروعة والقتال من أجلها، وعدم ترك الآخرين أن يقاتلوا نيابة عنها حتى وإن كان باسمها.
صانعو الدائرة حول هادي سلخوه من ذاته، وأحاطوا به بذواتهم ومشاريعهم، أسقطوه شعبياً وأثقلوا كاهله بالانكسارات، وهذا ما يخبرنا بأنه شخصية ضعيفة عجز عن صقلها بانتماء حقيقي في وسط الجماهير، وهنا أصبح بلا خطوات واثقة تعزز من دوره كرئيس حقيقي خارج إطار الفندق أو جماعة الإخوان.
لم يتبق للرئيس هادي يمنحه شعوراً بذاته الرئاسية سوى استقبال السفراء، وجرسون الفندق، وجماعة الإخوان التي تعمل من خلاله في تدمير كل المجتمع وإطالة الحرب، غير ذلك لا شيء يدل على أنه لا يزال يمارس مهنته الوظيفية أو تخبره بذلك، حتى الخطابات الرسمية في المناسبات الوطنية تخلى عنها.
هادي يبحث عن ذاته في أهون الأشياء، لأنه عجز عن إيجادها في خدمة بلاده وصناعة الانتصارات لشعبه، وعجز على أن يكون جندياً يخدم أهدافه الوطنية، واستسلم لجماعة دينية تمتهن الخديعة والمكر وغدر الرفاق.
الشعوب التي تعجز عن اختيار من يقودها في أوقات السلم والحرب حتماً ستسقط في معمعة الأحداث وإن كانت بسيطة، وهذا ما نعانيه في اليمن بسبب "هادي" ومن خلفه الإخوان والحوثي.