محمد عبدالرحمن
التبشير الإخواني بوطأة أقدام تركية.. ملحمة جديدة يراد للجنوب أن ينتصر فيها
يهددون بقوات تركية، وكأن الجنوب لقيطة في الجغرافيا، غائبة في وعي أبنائها، لا دماء سُكبت لتروي عطشها للحياة، ولا جرحى اتكأوا على الريح ومضوا نحو الدفاع عنه، والشهداء باندفاعهم الثوري لم يصافحوا تربة أرضهم وانتمائهم إليها، حاملين القضية في وعيهم وخريطتها على أجسادهم السمراء، فلا تهديد يكسر الصمود ولا الإخوان وتركيا يُخضِعون الجنوب.
لا يهمل صاحب القضية أموره الصغيرة، ولا يفتر في صد النار والإرهاب، وهنا لا يمكن للجنوب أن يترك الصفاقة الإخوانية تعبر دون تحية شرسة، جاءت جحافل الحوثي ووصلت إلى المعاشيق وتربع محنط شمالي على الكرسي، لكنها سرعان ما احترقت بلظى أبناء عدن وصيحتهم، واليوم لا يمكن للمحنطين الإخوان أن يمروا دون أن تصفعهم رياح البحر الحادة المندفعة من رحم الألم والصمود والقتال.
استنجدت ميليشيا الإخوان بالأم التركية لإنقاذ موقفها المنكسر عند صلابة الجنوب، وبها تتوعد بالانتقام، وتهدد بالاجتياح المنتظر والقادم، وتمارس إرهابها المستمر في الاغتيالات، بهذا انكشفت سوء عورتها التي كانت تخفيها برداء الشرعية المترهلة، وثبتت الحقيقة التي طالما حذر منها الكثير، الإخوان كما الحوثي خداماً لمشاريع تركية إيرانية، تجمعهم العقيدة الدينية المتطرفة.
لا أقذر من هذه الجماعة التي تحمل في جعبتها التطرف والإرهاب، والفساد الذي تعيش عليه وتقتات به، والدين الذي به تبيع الناس للموت باسمه وتحت رايته، تستدعي قوات أردوغان لقتال ابناء البلاد، وقد امتصت من قوات التحالف العربي السلاح والأموال، وحاولت عبره أن تحقق مبتغى تركيا دون أن تتدخل، وفشلت وهزمت وفضح الحق باطل وفساد وإرهاب الإخوان الممتد منذ بداية تنظيمهم السري.
ماذا بقي للسعودية وهي تشاهد الدعوات وحملات التبشير الإخوانية في اليمن تمارس نشاطها تمهيداً لقدوم القوات التركية كما فعل إخوان ليبيا، ولماذا يبقي التحالف العربي في صمته المعيب تجاه هذه الجماعة التي تتحرك تحت نظره وبمدرعاته وسلاحه..؟؟
في الجنوب اندهاش من هذا التعثر الطويل في إنفاذ اتفاق الرياض، المملكة بيدها قوة الإنفاذ والإرغام المادي والمعنوي، لكن ذلك لم يتم، والنتيجة أن الإخوان انتفش ريشهم وطالت أعناقهم، وبدأوا في التمهيد لعناق الأم على أرض الجنوب وسط حفلات في ممارسات الإرهاب، ربما التحالف العربي يخذل الجنوب، لكن أبناءه لا يخذلون أرضهم وقد رأينا ذلك.
الجنوب ليس أرضاً وحسب وليس ناساً يسكنون هذه الأرض، إنه قضية لن تموت في الوجدان، ولن يمحوها الزمن بكل عوامله السياسية والاقتصادية، ومهما حشد الإخوان فلا يمكن لهذه القضية إلا أن تنتصر، والشمال لن يكون في موقف المتفرج وهو ينظر قوات تركية تدنس أرض الجنوب.
المجتمع في الشمال له صوته المبحوح في الرفض للإرهاب الحوثي وللمشروع الإيراني، كذلك هو المجتمع في الجنوب يرفض فكرة الإذعان والإرهاب الإخواني وللمشروع التركي، حالة الرفض الشمالية والجنوبية تمثلان صوت الوحدة التي تظهر في محاربة ومقارعة هذا الإرهاب بشقيه، إن وحدة القضية تدعمها انتصار قضية أخرى، والشمال دون انتصار الجنوب لن يعود.
ليس الأمر متروكاً للانتظار، لا بد أن تتحرك عجلة دحر الإرهاب، حتى وإن تسمّر التحالف في مكانه دون ردع للقاطنين في فنادق الرياض، المقاومة الجنوبية كفيلة بذلك، سواءً كانت ميليشيا الإخوان وحدها أو إلى جوار جنود لا يتحدثون العربية، ولا يفقهون تضاريس البلاد التي نبتت جبالها من جماجم أبنائها، ومهما كانت تهديدات الإخوان فإن الجنوب كقضية قد تجاوز ما هو أكبر من ذلك.