محمد عبدالرحمن
التحشيد إلى "التربة".. هل جفّ دم الشهيد "الحمادي"!!
الخوض في معارك جانبية هي نتيجة كارثية لبيع الهدف الذي على أساسه يقاوم الناس من أسقط دولتهم واعتلى الكرسي كوصية تراثية دينية، هذه المعارك التي نراها كل يوم بعيدة عن صنعاء وعن القيم التي تدعو إلى العيش المشترك، هي الخراب الذي وقع على رؤوس الناس وأصابهم بالعجز والرضوض.
يحشد الإخوان إلى التربة بمجاميع مسلحة ترتدي لباس الشرطة العسكرية، في محاولة لإبراز الفتوة والعضلات التي نمت وكبرت بعد اغتيال العميد عدنان الحمادي، التحشيد المستفز دورية لقياس مدى أن الدم قد جفّ، وأن الحمادي قد ذوى في قبره وحيداً لا يُخاف من استيقاظه وابتلاعهم.
دناءة جماعة الإخوان فاضت إلى الحد الذي فيه تقتل الناس ثم تدوس على دمائهم، كما تفعل اليوم بتحشيدها إلى التربة، يخيفها شبح الحمادي الذي يسكن في اللواء 35 مدرع، تخاف أن يستيقظ هذا المارد ويبتلعها لأنه يرفض أن ينطوي تحت عباءتها المارقة، يرفض اللواء ومنتسبوه أن يكونوا أداة للنهب والجباية، وأن يبتعدوا عن هدفهم الرئيسي حماية الناس والدفاع عنهم من الحوثي أو أي جماعة أخرى.
لا يحمل الإخوان إلا العداوة للجميع، لا يقفون مع أحد إلا مع الذين يتفقون مع أهدافهم ومشاريعهم، ينقضون العهد ويطعنون في الظهر، بماذا أوجعتهم التربة والحجرية حتى يبتعدوا عن خطوط التماس مع الحوثي ويأتوا إليها كالوحوش الكاسرة التي يظن الآخرون أنها قد ابتعلت الحوثي في كل جبهة، وما قدومها إلى التربة إلا للسلام على الحمادي والاطمئنان على رفاته؟؟
من بيده أداة الفهم ينقذنا في تفسير هذا التكابر والاستعراض في التربة، وإظهار قوة الاستفزاز أمام اللواء 35 مدرع، لا وجود لأي مبرر في تدفق هذه الأطقم وانتشارها في شوارع كانت للحمادي مهادا، يصونها ويحميها ويقاتل من أجلها، هل التشتت الذي لحق بالإخوان بعد استعادة سقطرى وعودتها لأهلها هو ما أفقدهم الطريق نحو وجهتهم، أم أن الشعور بالهزيمة أجبرهم على البحث عن معارك جانبية؟!
إذا كان مبرر الإخوان أن تحشيدهم إلى التربة هو الناس التي تسكن فيها من أبناء غير المنطقة، أو البحث عن عوائل المقاتلين في جبهة الساحل الغربي، فهذه جريمة لا يمكن أن تُغتفر، ولا يمكن اعتبارها إلا في خانة الجرائم التي يرتكبها الحوثي، ولا يمكن اعتبار هذا التحشيد إلا مساندة للحوثي في تشتيت جهود المقاومة الوطنية وطعنها في خاصرتها.
لا يمتلك الإخوان مناطق نفوذ أو حاضنة اجتماعية، لذلك يحشدون مقاتليهم لفرض أنفسهم على الناس عنوة، وتعز لا تمثل الإخوان، ومنها التربة التي لا تقبل بالإخوان ومشاريعهم، لذلك يفرضون عليها القوة للانصياع لها، لكنها ترفض ذلك وتأبى إلا أن تكون حمادية وطنية، لا تؤمن إلا بالجميع ولا تؤمن بالقوة تحكمها.