حزب الله بعد أن دمر لبنان وهتك نسيجه الاجتماعي وفتت كل أوصاله، يقف اليوم وعلى لسان نبيه بري رئيس مجلس النواب ويعلن عن إطار تفاهمات لترسيم الحدود مع إسرائيل، الكيان الذي ظل حزب الله يبتلع لبنان ويطعن في خاصرته بحجة زواله وإنهاء إسرائيل من الوجود.
ذهبت شطحات نصرالله الإعلامية بزوال إسرائيل أدراج الرياح، وبقيت إسرائيل وبقي الألم اللبناني والوجع الطائفي الذي أحياه حزب الله طيلة وجوده ونشأته في ثمانينيات القرن الماضي، لم تعد التهديدات والعنتريات التي يطلقها حزب الله هي التي تسود، لقد أُخرست لأنها بالأصل كذوبة، وليس لها أثر إلا بما فتت أوصال لبنان الجريح.
صواريخ ما بعد حيفا تبخرت وانتهى مفعولها الإعلامي، وظهرت مفاوضات ترسيم الحدود، وبواسطة أمريكية "الشيطان الأكبر"، إنه فعلاً زمن كشف الحقائق، سقوط الأقنعة وانكسار الكذب الذي كان حزب الله يتخندق خلفه.
ترسيم الحدود وإيداع الاتفاقية في الأمم المتحدة هو اعتراف بدولة إسرائيل، حتى وإن لم يكن هناك تبادل دبلوماسي، مع ذلك تسقط أي مسميات لتشكيلات ميليشاويه ترفع يافطة قتال إسرائيل، لا مقاومة بعد ترسيم الحدود.
كان يتحدث حزب الله أنه يمتلك سلاحا لإخفاء إسرائيل من الوجود، لكننا لا نعرف لماذا لم يستخدمه ويخفيها ويريحنا من عناء ومشقة المقاومة، اختفى لبنان واختفت الدول العربية في فوضى لا نهاية لها، ولم نر ذلك السلاح ينهي الوجود الإسرائيلي، لأنه كان مشغولاً بإنهاء لبنان والدول العربية.
أي جماعة طائفية مثل حزب الله في لبنان هي جماعة وظيفية تعمل في إطار الهدم الاجتماعي، تسعى إلى السلطة وتحتكر القوة وقد خلقت لها عدواً وهمياً يسهل عليها تنفيذ جرائمها بحق من يعارضها، إسرائيل هي عدو حزب الله الذي دمر لبنان باسم مقاومتها، وفي النهاية لا مقاومة ولا لبنان، فقط إسرائيل.
هل نضحك أم نبكي على حالنا، وكيف تم خداعنا، وكيف تم سلبنا أموالنا وبلداننا ومستقبلنا باسم مقاومة إسرائيل وباسم فلسطين، خدعتنا الجماعات الإسلامية أكثر مما فعلت معنا إسرائيل، وارتكب حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن جرائم بحقنا أكثر وأفظع وأبشع مما ارتكبته إسرائيل بحق الفلسطينيين.
بعد ترسيم الحدود لا يوجد شيء اسمه مقاومة في لبنان، ولا يوجد شيء اسمه الكيان الصهيوني، هناك فقط دولة إسرائيل، وهو ما سيوقعه قادة لبنان بمن فيهم حزب الله على وثيقة الاتفاق، وهذا هو الانبطاح الذي يسبق الاعتراف والذي يعقبه التطبيع.
يكفي اسغفالنا إعلامياً وتحت مسميات لم تحقق شيئا لا لفلسطين ولا للعرب، ومن يتقدم خطوة في السياسة وفي إطار الواقع هو الذي يتعامل بمصداقية، تعب لبنان واليمن وفلسطين وكل البلدان العربية، وتدمرت الأوطان كلها بذريعة تحرير فلسطين، وكان الأمر أنهم يريدون السلطة والثروة وحسب.