عبدالستار سيف الشميري
هل نحتاج تصنيف الحوثي والإخوان كجماعات إرهابية؟
في الحقيقة نحن بحاجة إلى تصنيف جماعات الدين جملة وتفصيلاً كجماعات إرهابية.
وربما هناك رأي عام يمني وخليجي وعربي في هذا الاتجاه، ومع الأيام وتضافر جهود الشعوب والدول لا شك أنها جميعاً ستصنف تباعاً، ذلك أن تاريخها عامر بملفات الدم والإجرام ومصادرة الحقوق.
والأدلة أكثر من أن تحصى لكل جماعة من هذه الجماعات على حدة، ليس في تاريخها القديم فقط بل في الواقع الحاضر المعاش الذي يدون كل يوم مسلسلاً من الانتهاكات والقتل والنهب.
ولذلك فإننا لسنا بحاجة لاستحضار آفاتِ الإخوان من تراث سيد قطب والسندي وإخوانه، ولا استحضار آفات الحوثي من أساطير الخميني واشياعه، ذلك أن جرائمهم الحاضرة دليل كافٍ يغني عن كل استحضار للماضي ولكن لا بأس أن يكون ذلك أحيانا ونادرا من باب إحياء الذاكرة، وربط سياق التاريخ الذي يكرر نفسه كما قيل بصورة مهزلة.
ما هو مهم الآن في اللحظة الراهنة هو اتخاذ كل السبل وكل التدابير التي تؤدي إلى حماية الجيل الجديد الذي يتعرض لتغيير هويته وثقافته في أبشع جريمة لهذه الجماعات. ولذلك يجب حماية هذا الجيل بكل الطرق من أن يضم إلى قطيعهم، عبر مصانع القطيع المتعدة.
ولعل تصنيفهم جميعاً كجماعات إرهاب يشكل أحد الضمانات لحماية الأجيال القادمة.
كما أننا، وفي ذات الموضوع، بحاجة ماسة إلى تشريعات وقوانين ساندة من قبل البرلمان.
وبحسب اعتقادي لا توجد سابقة لذلك أو قوانين في التشريعات اليمنية تتيح إصدار تصنيف من هذا القبيل أو تجيز قرارات بهكذا أمر، وهذا أمر ينبغي التنبه له. إذ لا يكفي الخطاب السياسي والإعلامي الذي يوصف الحوثي أو غيره، بل يجب رفده بالتشريعات.
في الواقع اليمني لدينا ثلاث جماعات دينية تستقطع أجزاء من الجغرافيا اليمنية وتشوه التاريخ اليمني وتعبث بمقدرات الأجيال القادمة وتغير الهُوية اليمنية السمحاء وتزرع مزارع الأحقاد والثارات وتعبث بالأرض والإنسان هي أشبه بجماعات (حرابة) بحسب توصيف الفقه الإسلامي، وجماعات إرهاب بحسب التوصيفات الدولية الحديثة.
هذه الجماعات الثلاث، هي: الحوثي والإخوان والقاعدة، وهي على اختلاف الوسائل والمناهج والطرق والخطاب تشكل أمة واحدة ومصيبة واحدة وكارثة واحدة، ونسيجاً واحداً بألوان مختلفة.. يفضل الحوثي الأخضر، والإخوان الأزرق ويذهب القاعدة إلى اللون الأسود، هذا هو الفارق، إنه فارق لون، بمعنى آخر فارق شكلي وليس جوهرياً، كونهم يرضعون من نفس الحقل، ويذهبون إلى نفس الطموح، ويتخذون نفس الوسائل، يتاجرون بالدين (ويسلعون) القرآن والنبي، يسيسون المقدس ويقدسون المدنس، وجميعهم يمثلون مدرسة الإسلام السياسي أو اليمين الديني في التاريخ العربي الحديث.
ومن البديهي إذا كنا نطالب أمريكا والغرب والدول العربية بتصنيف أي منهم كجماعة إرهابية أن يكون لدينا تصنيف وتشريع يمني لمثل هذا الأمر يتبعه عدد من الإجراءات الهامة في تعقب مصادر التمويل وغيره من الإجراءات المختلفة.
القرار الأخير للخارجية الأمريكية يعد هامًا خاصة إذا تبعته بعض الدول الأخرى ومستقبلاً إذا اقتنعت الأمم المتحدة بذلك.
صحيح أنه لن يغير شيئاً من الوقائع على الأرض، لكنه يعد حافزاً مهماً لدول التحالف في استمرار معركتها ضد الحوثي ومساندة الشرعية.
كما أنه يحفز دولاً أخرى للذهاب إلى نفس المذهب، ويشجع دولاً عربية في المطالبة بإدراج الإخوان أيضاً في نفس السياق، ذلك أن هذه الجماعات تتكامل وتتخادم مع بعضها.
وليس غريباً ذلك الامتعاض الذي أبدته قطر وإعلامها من تصنيف الحوثي خوفاً من أن يسري التصنيف غداً على الإخوان وغيرهم.
خلاصة الأمر.. إن الجماعات الدينية لن تسقط بالضربة القاضية مرة واحدة، ولكن يمكن أن تسقط بتراكم النقاط العسكرية والسياسية من الداخل والخارج، والضغط عليها وعلى داعيميها يأتي في قلب هذا التراكم.
ومن هنا تأتي أهمية مثل هذا التصنيف الذي ينبغي أن يمتد في وقت ما ليشمل جماعات العنف والإسلام السياسي بشقيه (سنة وشيعة).