تحويل ملعب نادي وحدة صنعاء إلى "سوق شعبي".. استهداف للرياضة وإهانة لتاريخ عريق

السياسية - منذ ساعتان و 47 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في خطوة اعتبرها مراقبون "إهانة متعمدة للرياضة اليمنية" ومحاولة لطمس هوية أحد أعرق الأندية الرياضية في البلاد، أقدمت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على تحويل ملعب نادي وحدة صنعاء الرياضي، الواقع في قلب صنعاء إلى سوقٍ شعبي لبيع الخضروات والفواكه، متجاهلة دوره الأساسي في تنمية النشء والشباب ورعاية الأنشطة الرياضية.

التحرك الحوثي، الذي أُجبرت إدارة النادي على الرضوخ له، جاء تحت ذريعة أنه "مؤقت"، غير أن مصادر رياضية أكدت أن الخطوة قد تتحول إلى ممارسة متكررة ومنتظمة، تُقصي الفرق الرياضية من تدريباتها وتُفقد النادي العريق هويته الرياضية لصالح مشاريع تجارية تُدر أموالًا على القيادات الحوثية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن القيادات الحوثية، وبدعم من شخصيات موالية لها داخل مجلس إدارة النادي، أجبرت الإدارة على فتح أرضية الملعب أمام مئات الباعة والمزارعين، الذين جلبوا محاصيلهم الزراعية وعرضوها وسط أرضية الملعب، في مشهد صادم أثار استياءً واسعًا بين الرياضيين والجماهير. ولم يقتصر الأمر على تحويل الملعب إلى سوق، بل تعداه إلى فرض رسوم وإتاوات مالية على المزارعين وتجار الخضروات مقابل السماح لهم بالبيع داخل الملعب، في صورة أخرى لاستغلال ممتلكات الدولة والمجتمع لصالح تمويل أنشطة الميليشيات.

إغلاق الملعب أمام اللاعبين أجبر الفريق الكروي للنادي على نقل تدريباته إلى ملعب السبعين بصنعاء، ما شكل ضغطًا إضافيًا على البنية التحتية الرياضية المتهالكة أصلًا، وحرم اللاعبين من بيئتهم الطبيعية للتدريب، وهو ما انعكس سلبًا على استعداداتهم الرياضية.

عضو مجلس إدارة نادي وحدة صنعاء والمسؤول الإعلامي، عباد الجرادي، انتقد بشدة هذا القرار، مؤكدًا أنه "حتى وإن كان مؤقتًا فهو يمثل سابقة خطيرة لا تليق بتاريخ واسم النادي العريق". وأضاف أن القرار "مخالف للنظام الأساسي للأندية والوزارة"، مشيرًا إلى أن نادي وحدة صنعاء "نادٍ غنيٌّ ولا يحتاج إلى مثل هذه المشاريع التي تهدف لتلميع أشخاص على حساب الرياضيين".

الجرادي وصف الخطوة بأنها "إساءة مباشرة لتاريخ نادي الوحدة"، مضيفًا: "لقد حولوا ملعب كرة القدم إلى سوقٍ للخضروات والفواكه، وهذا تشويه مقصود لدور الأندية الرياضية، وضرب لرسالتها في خدمة الشباب والرياضة".

فيما وجّه الإعلامي الرياضي بشير مهيوب انتقادًا لاذعًا لما يجري في نادي وحدة صنعاء، معتبرًا أن ما يحدث "لغز محزن يهدد بتحويل واحد من أعرق أندية اليمن من منارة رياضية إلى مجرد سوق موسمي". 

وقال مهيوب في منشور على صفحته على "فيسبوك": "نادي بحجم وحدة صنعاء ومنشآته الرياضية الضخمة كان يفترض أن يكون قدوة لكل الأندية وصورة مشرفة للرياضة اليمنية. نعم، الإدارة اجتهدت في البنية التحتية ويشكرون على ذلك، لكن ما الجدوى إذا كانت هذه المنشآت اليوم مغلقة أمام لاعبي النادي، لا لسبب يخص الرياضة أو التطوير، بل لأن أرضية الملعب تحولت إلى سوق فواكه!!! أي منطق هذا وأي عقل يقبل أن يستبدل عرق اللاعبين وضجيج الجماهير بأصوات الباعة والزبائن؟"

وأضاف: "صنعاء مليئة بالساحات والأسواق، بينما ملعب نادي الوحدة صنعاء مكان للرياضة فقط، وليس ساحة مهرجانات أو بازارات وأسواق. هل هي دعاية؟ الوحدة لا يحتاج دعاية ولا شهرة، اسمه يكفي. هل هي مسألة مال؟ النادي إيراداته محترمة ولا يعيش أزمة خانقة. والأغرب أن هناك بطولتين رسميتين قادمتين في أمانة العاصمة خلال أسبوعين، والوحدة مشارك فيهما، بينما لاعبوه مشردون ويتوسلون ملاعب الأندية الأخرى للتدريب. ما يحدث اليوم جريمة في حق الرياضة واللاعبين والجماهير".

ويرى مراقبون أن هذا الإجراء الحوثي لا ينفصل عن سياستها في تفريغ المؤسسات من مضمونها وتحويلها إلى أدوات مالية تخدم مشروعها الطائفي، مؤكدين أن استهداف الأندية الرياضية يأتي في إطار ممنهج لإضعاف النشاط الشبابي، الذي يمثل إحدى أدوات مقاومة التطرّف، وتحويل المساحات العامة إلى مشاريع تجارية تحت سيطرة الميليشيات.

تحويل ملعب وحدة صنعاء – الذي كان شاهدًا على بطولات وذكريات رياضية طويلة – إلى سوق للخضار وفواكه، يُعد بحسب رياضيين "ضربة جديدة للرياضة اليمنية التي تعاني أصلًا من التهميش والشلل بسبب الحرب". ويخشى كثيرون أن يكون هذا القرار مقدمة لتحويل أندية أخرى إلى مشاريع تجارية، وهو ما يهدد مستقبل الأجيال الرياضية في البلاد.