شبكات تهريب وغسيل أموال.. تحولات في محور المقاومة الإيراني

السياسية - منذ ساعة و 41 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن:

في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بين إيران وإسرائيل في يونيو/حزيران 2025، دخل ما يُعرف بـ«محور المقاومة» مرحلة جديدة من الهدوء وإعادة التموضع، ووفق تحليل معهد الشرق الأوسط الأمريكي «MEI» رصد تحولات بنيوية عميقة في طبيعة عمل الشبكة الإقليمية المرتبطة بطهران، سواء على المستوى العسكري أو المالي أو الأيديولوجي.

وقال التقرير أن التراجع في وتيرة العمليات العسكرية لا يعني انكسارًا استراتيجيًا، بل يمثل حالة "سكون" تهدف إلى حماية ما تبقى من القدرات العسكرية للمحور، وإعادة بناء شبكات التمويل والنفوذ، تمهيدًا لاستعادة الجاهزية في مرحلة لاحقة. 

وأفاد بأن بنية محور المقاومة شهدت خلال العامين الأخيرين تحولًا لافتًا من نموذج القيادة المركزية التي يديرها الحرس الثوري الإيراني إلى شبكة أكثر لامركزية من الفصائل شبه المستقلة. 

فحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثيين في اليمن، باتوا يعملون ضمن إطار تنسيقي عام قائم على عقيدة ردع مشتركة، دون الاعتماد الكامل على التوجيه المباشر من طهران.

 هذا النمط الجديد منح المحور قدرة أعلى على الصمود أمام الضربات، لكنه في الوقت نفسه قلّص من قدرة إيران على التحكم التفصيلي في سلوك حلفائها، ما يجعل الشبكة أكثر تعقيدًا وأصعب احتواءً.

ذراع إيران في اليمن

تستمر إيران في تزويد مليشيا الحوثي في اليمن بالأسلحة والمكوّنات العسكرية، على الرغم من الجهود الأمريكية والدولية المتكررة لاعتراض هذه الشحنات ووقف تدفقها. 

وخلال الأشهر الماضية، كشفت تقارير عن نجاح قوات المقاومة الوطنية في إحباط محاولة لتهريب شحنة من مادة الفينول فورمالديهايد، وهي مادة تدخل بشكل أساسي في تصنيع الصواريخ، وكانت في طريقها إلى مناطق سيطرة الحوثيين، ناهيك عن شحنات الأسلحة المختلفة.

وفي سياق متصل، أفادت مصادر استخباراتية أوروبية برصد وصول نحو ألفي طن من بيركلورات الصوديوم من الصين إلى ميناء بندر عباس الإيراني، منذ تشديد العقوبات المفروضة على طهران. 

وتُعد هذه المادة أحد المكونات الرئيسية لوقود الصواريخ، ما يعزز الشبهات بوجود ارتباط مباشر بين الإمدادات الكيميائية الصينية وبرامج الصواريخ الإيرانية، التي تستفيد منها أيضاً الفصائل المسلحة الموالية لإيران في المنطقة، ومن بينها الحوثيون.

ويشير تقرير استشاري صدر في يونيو/حزيران 2025 عن شبكة إنفاذ قوانين الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية (FinCEN) إلى أن إيران تقوم سنوياً بتحويل أكثر من عشرة مليارات دولار من عائدات النفط المُهرّب عبر شبكات من الشركات الوهمية، لتصل في نهاية المطاف إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ووكلائه الإقليميين.

ولا تقتصر آليات التمويل على القنوات التقليدية، إذ أوضح التقرير أن مئات الملايين من الدولارات الناتجة عن تهريب النفط جرى تحويلها إلى عملات رقمية متعددة، بهدف دعم جماعات مسلحة أبرزها حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن، في محاولة للالتفاف على أنظمة الرقابة والعقوبات الدولية.

من جهتها، فرضت جماعة الحوثي رسوماً وجبايات غير قانونية على واردات النفط والوقود الداخلة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، محققة أرباحاً تجاوزت خمسة مليارات دولار خلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2024. 

وبحسب المعلومات المتداولة، جرى غسل جزء كبير من هذه العائدات عبر وسطاء وشبكات مالية مرتبطة بإيران، واستخدمت لاحقاً في تمويل صفقات شراء الأسلحة وتعزيز القدرات العسكرية للجماعة.

في المجمل يفيد تقرير معهد الشرق الأوسط،  أن محور المقاومة لم ينهَر بعد حرب الأيام الاثني عشر، بل أعاد ترتيب نفسه على أسس أكثر مرونة وأقل مركزية.

هذا الواقع يطرح تحديًا معقدًا أمام خصوم إيران، إذ لم يعد احتواء المحور ممكنًا عبر الأدوات العسكرية أو العقابية التقليدية وحدها، بل يتطلب مقاربة أوسع تستهدف شبكاته الاقتصادية وسرديته الأيديولوجية في آن واحد.