يمن الضفة الأخرى من الماء: أبيي أحمد يضع أثيوبيا المثخنة بالصراعات على سكة المصالحة

السياسية - Thursday 27 December 2018 الساعة 01:57 pm
نيوزيمن، وكالات، أمين الوائلي:

خطوات واسعة، بتأنٍ وثقة، يأخذها أبيي أحمد وأثيوبيا، نحو مواجهة حقيقية وجادة مع الأخطاء والتجاوزات والانتهاكات التي أثخنت الجسد الأسمر بالأزمات والصراعات، وتأسيساً لتجاوزها، بموازاة برنامج إصلاحي جسور يستهدف الإصلاح الاقتصادي والسياسي من خلفية اجتماعية راكمت الصراع وجففت موارد الإدارة والحياة الاقتصادية.

في أديس أبابا، العاصمة الحديثة نسبياً (بنيت عام 1886)، للدولة القديمة والتاريخية تماماً، وهي ثالث أعلى مدينة في العالم بارتفاع أكثر من 7600 قدم عن مستوى سطح البحر (وللمفارقة، فإن أثيوبيا، الحبشة التاريخية البحرية، لا تطل اليوم على بحر وليس لديها ميناء ومنفذ بحري)، يندفع الرئيس، الشاب نسبياً، بحماسة وثقة راسخة تماماً، في جذر الأرض، وترتفع عالياً على مقياس العاصمة الشاهقة.

يتعين على اليمن واليمنيين أن يعنيهم تماماً، الذي يحدث في اثيوبيا، أو الحبشة، وهي النظير التاريخي والجغرافي لليمن، واليمن المنزاح هضبة على الضفة الأفريقية، باتساع الفالق البحري للقلزم (الأحمر). وعلى مرمى واحد، من مأرب سبأ، تنهبه الخيل عدواً حتى هضبة أكسوم (سبأ السمراء وأفريقيا المتيمنة باسم ملك سبئي حميري)..

بصمت، مدوٍ، فاعلية وحنكة، قطع رئيس الدولة الأثيوبية ودولة الرئيس الشاب المفعم بالحماسة والنشاط وبحب أثيوبيا، شوطاً مهماً للوصول إلى إقرار برلمان أثيوبيا قانوناً ينص على تشكيل لجنة للمصالحة مهمتها الرئيسة إنهاء العنف بين المجموعات وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، بحسب ما أفادت إذاعة "فانا" المقربة من السلطات، وحسبما أوردت لها (أ. ف. ب).

وذكرت أن "الغرض من اللجنة هو الحفاظ على السلام والعدالة والوحدة الوطنية والتوافق والمصالحة بين سكان اثيوبيا". وبموجب القانون الطموح، يتعين على اللجنة أن "تحقق في أسباب الخلافات وانتهاكات حقوق الإنسان مع الأخذ بالاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للضحايا والمعتدين".

ونقلت الإذاعة عن تسفاي دابا، رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية والسلام، أن اللجنة ستقدم "مقترحات إلى البرلمان الإثيوبي لمعالجة الانتهاكات السابقة وتعزيز الوئام".

وفي أثيوبيا، حيث تسود أعمال العنف بين مختلف المجموعات ومعظمها حول الأراضي، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن ما لا يقل عن 2,4 مليون شخص نزحوا من ديارهم في إثيوبيا بسبب العنف بين المجموعات الاثنية.

وتعتبر أثيوبيا واحدة من أهم الأراضي الزراعية الخضراء التي تستقطب الاستثمارات الزراعية في العالم، أو ما يعرف بـ "الذهب الأخضر". وتنشأ على خلفية الامتياز الأثيوبي هذا، صراعات قبلية وإثنية بنزعات اجتماعية وعرقية، أدت جميعها إلى عمليات نزوح كبيرة للسكان، وراكمت تحديات وأعباء اقتصادية وإنسانية، علاوة على الأثر الاجتماعي الباهظ.

وأطلق أبيي أحمد آمالاً ووعداً جديداً لكثير من الأثيوبيين، ومثل وصوله إلى القيادة ورئاسة الحكومة تحدياً حقيقياً، كسب رهانه من الأيام الأولى، بخطوات "ثورية" معقلنة بالأولويات ومنطق السياسة المسئولة.

وكما تشير فرانس برس: يضاعف أبيي مع ذلك الدعوات من أجل السلام في بلده مع القيام بإصلاحات رئيسية. فقد أفرج عن الآلاف من المنشقين والصحافيين، وصنع السلام مع عدوه السابق رئيس اريتريا ايسايس أفورقي. واتهم المدافعون عن حقوق الإنسان طوال سنوات قوات الأمن الإثيوبية بارتكاب انتهاكات، وخصوصاً ضد الجماعات المتمردة التي استهدفت الحزب الحاكم، الجبهة الديمقراطية الثورية الإثيوبية.

وفور توليه منصبه، سعى أبيي إلى وضع حد لتمرد جماعات انفصالية، ولانتهاكات تمس الحقوق الأساسية. وفي حزيران/يونيو، اعترف علناً بالتعذيب الذي مارسته الأجهزة الأمنية ووصفه بأنه شكل من أشكال "الإرهاب".