الحركة الثقافية في ظل الانقلاب الحوثي.. وشايات أمنية وسطو على المؤسسات وتفريخ سلالي

السياسية - Friday 18 January 2019 الساعة 06:51 pm
صنعاء، نيوزيمن، سعيد الرَكْنَه:

أربع سنوات مضت في ظل حكم الكهنوت الظلامي والذي لم تعرف الساحة الثقافية اليمنية أكثر منها بؤساً وركوداً ومصادرة للحقوق والحريات وتعطيل الحركة الثقافية ووزارة الثقافة وكل المؤسسات الفاعلة قبل كارثة ال 21 من سبتمبر، لتطبع بدلاً من كتب الفكر والأدب "ملازم" الخرافة والظلام.

جبهة ثقافية وتقارير أمنية

لم تكتف العصابة الحوثية بفرض أجندتها الثقافة وحضورها على كل محاولة للتنفس خارج دائرتها المغلقة وجبهتها الثقافية التي حاولت من خلالها إلغاء كل حراك ثقافي وإبداعي، بل سعت لأن تنفرد "الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان" -أو بالأحرى الجبهة العدوانية في مواجهة الثقافة- التي تترأسها الشاعرة الحوثية ابتسام المتوكل بالجمل وما حمل لتقوم من خلال المنتسبين لهذه الجبهة بالتخوين والتحريض على كل كاتب أو أديب يشتمُّون أو يجدون في حروفه همزاً أو لمزاً لمسيرة الكهنوت أو رفضاً لجرائم الجماعة بحق الأرض والإنسان، بل وصل الحال إلى أن الجبهة الثقافية بعد فشلها على أرض الواقع في استقطاب الناس ونجاحها في تحييدها للحركة الثقافية أصبحت تقوم بدور رقابي ترفع من خلاله التقارير اليومية للجهات الأمنية ضد الكثير من الزملاء تسببت في اعتقال البعض منهم وتهديد البعض الآخر.

ولم يكن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بمعزل، فقد قامت الجبهة الثقافية بتشكيل لجنة ترأستها الشاعرة الحوثية ابتسام المتوكل وعدد من السلاليين لتقف في طريق مطالبة الشباب من المبدعين بحقهم في الانتماء للاتحاد وتفعيله واستعادة حيويته.

تفريخ سلالي

ولم تكتف الجماعة الحوثية بالجبهة الثقافية وحدها، بل إضافة إلى ذلك سعت لتفريخ مؤسسات ثقافية أخرى استقطابية تدار من قبل الأدباء المنتمين للسلالة الهاشمية، سيطرت من خلالها على كل المنصات والمنابر الثقافية، ووفرت لها الدعم المالي والمساندة لتعمل على تكريس الثقافة الطائفية الحوثية الداعية للموت والساعية لتذويب الهوية الثقافية المتنوعة والثقافة الوطنية الجامعة للإنسان والمبدع اليمني.

ولم تكن الجهات الحكومية بعيدة عن العبث الذي مارسته الجماعة الانقلابية الفاشية في استبعاد رموز العمل الثقافي ذوي الخبرة بأسماء هاشمية لا علاقة لها بالثقافة والأدب، ومن ذلك إقدامها على تغيير مدير صندوق التراث وغيرهم، وتحجيم دور من بقي من غير المنتمين للجماعة السلالية والتضييق عليهم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تصرف الأستاذة هدى أبلان نائب وزير الثقافة التي اضطرتها مضايقاتهم ومصادرتهم لصلاحياتها إلى التقدم لرئيس مجلس الوزراء بطلب إجازة مفتوحة بدون راتب بحجة المرض حفاظاً على حياتها وحياة أسرتها بعد أن فقدت الوسيلة والحيلة لمزاولة عملها وفق صلاحيتها القانونية.

بين الشرعية والانقلاب

ويبقى القول: إن الجماعة الحوثية، وللأسف الشديد، تمكنت من إحكام قبضتها على المشهد الثقافي ونجحت في تجييره لصالحها بشكل شبه تام في ظل تهميش الحكومة الشرعية ووزارة ثقافتها لكل حراك ثقافي مناهض للثقافة الإمامية التي تسعى لفرضها وتطبيعها في أذهان الناس. متغافلة -أي الشرعية- لدور الكلمة والثقافة القصيدة، الأغنية، الفن بكل أنواعه في صناعة الوعي الوطني والجمهوري وأهميته في مكافحة فيروسات الظلام التي أعادتنا من المنافسة على ذورة الحداثة إلى ثقافة الزامل.

ومن المعيب أن تنجح جماعة الانقلاب في الاستحواذ على المشهد الثقافي بما تملكه من كوادر هشة وإمكانات قليلة تمتلك الحكومة الشرعية أضعاف أضعافها. وفي المقابل تمتلك الجمهورية من المبدعين والمثقفين المناهضين للفكر والثقافة الظلامية المئات الذين كاد يدركهم اليأس داخل وخارج سيطرة الانقلاب والذين بحت أصواتهم دون استجابة أو تفاعل من حكومة الفنادق.

هل يصمد المبدعون أمام الترغيب والترهيب الحوثي أم ستدفعهم الشرعية ووزارتها إلى التعامل مع السلالة في ظل تجاهل تام وظروف صعبة يعيشونها؟
أم ستسعى لانتشالهم والاستفادة منهم في معركة الجمهورية المصيرية التي لا يقل فيها دور الكلمة في الوجدان عن دور الدبابة في الميدان؟